لبنان إلى «مكاسرة» حول حكومة بـ... «معايير رئاسية»

02/06/2022 07:18AM

جاء في "الراي الكويتية":

بقيت بيروت أمس، تحت تأثير اليوم المشهود في البرلمان والمشهدية حمّالة الأوجه التي ارتسمتْ مع دخولِ قوى الغالبية الجديدة جلسة تكوين المطبخ التشريعي وفي جيْبها أفضلية عدَدية لتخرج منها وهي «سلّمت باليد» مفاتيح مجلس النواب رئاسةً ونيابةَ رئاسةٍ لأقليةٍ «ركّبت» أكثرية مورست بالرقم «السحري» أي 65 (النصف زائد واحد) الذي انسحب أيضاً على معركة أحد أمينيْ السرّ.

وفي حين تجنّب «حزب الله» وحلفاؤه وفي مقدّمهم «التيار الوطني الحر» المفاخرة بما بدا «مكمناً» نُصب للغالبية المفترضة التي «سُحب» منها 7 نواب وفّروا للأقلية نصاب أكثريةٍ ولو «متحرّكة» خففت من وهج فوزٍ لخصوم الحزب (من قوى سيادية ومستقلين ولتغييريين) ظَهَرَ أنه «غير قابل للصرف» على مستوى تغيير التوازنات السياسية التي بقيت على حالها على صعيد «مجلس قيادة البرلمان»، فإن مكوّنات الغالبية «النائمة» وجدوا أنفسهم أمام خيبة وصدمة سعوا إلى استيعابها بعدما تَركوا للائتلاف الحاكم تقويض تفوُّقهم الرقمي بما يشبه «القوة الناعمة» التي تحوّلت «جاذبة نواب» انتقلوا من ضفة إلى أخرى سواء لحساباتِ طموحاتٍ شخصية أو بخلفية نكاياتٍ أو لوجود «ودائع خفية» في قلب الغالبية الهشّة.

وكان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وهو جزء من الغالبية الجديدة، الأكثر تعبيراً عن خلاصات اليوم الذي أعيد فيه انتخاب الرئيس نبيه بري بعد «لا معركة» تداخلت فيها الأصوات (صوّت نواب التقدمي ونحو 10 من نواب عكار والشمال لبري) قبل أن تشهد «المكاسرةُ» لاختيارِ نائب له منازلةً ضارية ظهّرتْ وجود deal تحت الطاولة «مرّر» بموجبه التيار الوطني الحر (برئاسة النائب جبران باسيل) أصواتاً لزعيم حركة «أمل» عبّدت الطريق لـ «ممر آمن» من الدورة الأولى لرئاسةٍ سابعةٍ متوالية له للبرلمان.

أما المقابل فكان نيْل النائب الياس بوصعب (المرشح الاضطراري لباسيل) أصوات كتلة بري الـ 15 والتي لم تكن كافية لوحدها لعبوره إلى يمين بري من الدورة الأولى لولا «نزوح» 7 نواب من الأكثرية المركّبة إلى المقلب الآخَر الذي كان وحّد صفوفَه لهذه المواجهة بإدارةٍ «على الورقة والقلم» لـ «حزب الله» الذي أظهر مرة جديدة، كما فعل بعد انفجار «ثورة الأرز» بوجه سورية في مارس 2005 على خلفية اغتيال الرئيس رفيق الحريري كيف «ينحني أمام العاصفة» ويحوّل الأزمة... فرصة.

فجنبلاط غرّد عبر حسابه على «تويتر»: «بعد هزيمة الأمس للغالبية الجديدة في البرلمان في انتخاب نائب رئيس نتيجة سوء التنسيق، قد يكون من الأفضل صوغ برنامج مشترك يتجاوز التناقضات الثانوية من أجل مواجهة جبهة 8 مارس السورية -الإيرانية التي للتذكير ستنتقم لهزيمتها في الانتخابات بكل الوسائل ولن ترحم أحداً».

وعَكَس موقف جنبلاط التحديات التي «انقلبت رياحها» في اتجاه مكوّنات الغالبية التي باتت أمام امتحان إثبات أنها «لم تتبدّد» وأن تبعثرها كان «موْضعياً»، خصوصاً أن البلاد تستعدّ لاستحقاق تكليف شخصية لتشكيل الحكومة الجديدة التي لابد من إنجازها قبل مطلع سبتمبر (تحوُّل البرلمان هيئة ناخبة في الانتخابات الرئاسية التي يفترض أن تحصل بحلول 31 أكتوبر) وسيقع على عاتقها إدارة مرحلة الشغور الرئاسي بحال انتهت ولاية الرئيس عون بفراغٍ متوقًّع على غرار ما حصل تباعاً مع الرئيسيْن اميل لحود ثم ميشال سليمان.

وعلمت «الراي» أن اتصالات بدأت بين بلوكات الغالبية الجديدة وذلك بمعزل عن مناخات التشكيك التي سادت في كواليسها وتبادُل الاتهامات بالمسؤولية عن «إهداء» قوى 8 مارس «انتصار بوصعب» وتحويل الأكثرية الجديدة وكأنها «قنبلة صوتية» بلا أي تأثير، رغم الدلالات الكبيرة لظهور «حزب الله» متراجعاً في نفوذه ومضطراً لـ «حياكة» شبكة أمان تموّه خسارته السياسية و«ترقيع» الغالبية السابقة، وأيضاً لاضطرار «التيار الحر» إلى تجرُّع فوز مرشّحه لنيابة الرئاسة، والذي لم تكن لباسيل اليد الطولى منفرداً باختياره، بـ «نقاط استلحاقية» من بري و«إسنادٍ» من الحزب «عابِر» لضفة خصومه المفترضين، وهو ما يكرّس دور «حزب الله» كضابط لإيقاع للخلافات بين حلفائه و«مدوْزن للأضرار» وفق أولوياته الكبرى المربوطة بوضعيته كلاعب هو الأقوى محلياً وذات امتداد إقليمي وازن.

ويتعيّن على أطراف الأكثرية «الجريحة» أن تلملم تشظياتها سريعاً لتلاقي بجسم واحد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة والتي يُعتقد أن الوقت لن يطول كثيراً قبل أن يحدّد لها الرئيس ميشال عون موعداً بعد أن يكون ترك فسحة لمشاوراتٍ وحد أدنى من تفاهمات توصل ولو إلى ملامح اتفاق على مرشح أو أكثر يتنافسان على أصوات الـ 128 نائباً.

وترى أوساط واسعة الاطلاع أن أي غرق لقوى الغالبية في تبايناتٍ حول الشخصية التي يُراد ترشيحها لرئاسة الحكومة، خصوصاً في ظل تعدُّد الأسماء الطامحة لهذا الموقع في مقلبها، ستعني مجدداً السماح لفريق 8 مارس بالاستفادة من واقعٍ هو أقرب الى 3 أقليات في البرلمان ليمارس بالحد الأدنى أكثريةً على أقليتين، فيعاود تسمية الرئيس نجيب ميقاتي، أو غيره، ليكون مُمْسكاً بالتكليف وتصريف الأعمال، عوض أن تتحوّل الغالبية أقله «شريكة» من باب التكليف فتكون وضعت رِجلاً في مرحلةٍ تشي بأن مسارها سيكون وعراً وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية، فتقطع الطريق على تحكُّم حزب الله وحلفائه بالكامل بكيفية إدارة الاستحقاق الرئاسي وفترة الشغور المتوقّعة لأجَل غير مسمّى.

وبحسب هذه الأوساط فإن حتى النجاح الصعب للغالبية في إيصال شخصية تُكلَّف تشكيل الحكومة لن يعني بأي حال أن التأليف سيتمّ لأن هذا المسار تحكمه حسابات وموازين أخرى، تبدأ دستورياً بأن الرئيس عون يملك «التوقيع الذهبي» على مراسيم حكومةٍ لن يقبل بالتأكيد أن تكون من لون واحد، خصوصاً أنها سترث صلاحيات رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولايته، وحينها تكون الأفضلية لبقاء حكومة ميقاتي لتصريف الأعمال رغم كل التعقيدات الدستورية التي ستترتب على سابقة انتقال صلاحيات الرئاسة الأولى لحكومةٍ غير مكتملة المواصفات.

وفي رأي الأوساط، أن هذا الاعتبار نفسه هو الذي يتحكّم بمقاربة باسيل للملف الحكومي، وسط معطياتٍ يشيعها خصوم الأخير عن أن رئيس «التيار الحر» الذي لا يضيره عودة ميقاتي لرئاسة الحكومة، هو الذي انطلق معه قطار التفاوض مع صندوق النقد الدولي والذي ربما لا يمانع أيضاً بقاء قسم لا بأس به من وزراء الحكومة الحالية، يصعب ألا يتطلّع لتعزيز وضعيته في «حكومة رئاسية» أقله من باب أن يكون لفريقه «الفيتو» الذي يجعله قاطرة لها وذلك من زاوية «التوازي» مع ما يعنيه انتقال صلاحيات الموقع المسيحي الأول في النظام إلى حكومة برئاسة سنّي، ولا سيما أن ثمة مَن رأى أن باسيل لابد أن يكون قرأ خلاصات جلسة البرلمان أول من أمس، على أنها لا تُضْعِف حظوظه الرئاسية التي «اهتزّت» مع نتائج الانتخابات النيابية.

وبأي حال، فإن ميقاتي كان أطلّ في حديث تلفزيوني على مجمل الواقع الداخلي معلناً رداً على سؤال عن اتفاق بين باسيل وبري «لتطييره»: «اذا بيتفقو عهالشي بكون ممنون، فأنا لست ساعٍ إلى رئاسة الوزارة»، مضيفاً «إذا أخذ مجلس النواب دوره كاملاً يمكنني أن أقول إننا نستطيع أن نكمل بحكومة تصريف أعمال، وإذا حصل العكس لا أظن انه يمكننا ان نستمر لأكثر من سنة».

وعن الشخصيات التي يمكن ان تتولى رئاسة الحكومة في الفترة المقبلة، رأى ميقاتي انه «من داخل المجلس هناك أشرف ريفي وعبدالرحمن البزري وغيرهما من الشخصيات، ومن خارج المجلس هناك رجل وطني اسمه عامر بساط، وأي شخص يُطرح سأكون الى جانبه».

وعن قضية اقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقائد الجيش جوزف عون، قال «مَن لديه أي بديل عن رياض سلامة فليطرحه لحاكمية مصرف لبنان الذي لا يمكننا تحميله كل مسؤولية الانهيار المالي... أما في ما يخص قائد الجيش فلم يفاتحني أي أحد بموضوع اقالته».

وعن مرسوم التجنيس (الذي تردّد أن ثمة اتجاهاً لدى رئيس الجمهورية لإصداره لرجال أعمال سوريين وعراقيين وغيرهم)، أعلن ميقاتي «هذا الموضوع غير وارد عندي إطلاقاً، وإذا كانت الأعداد كبيرة فهذا الموضوع يشمل عمولات وسمسرات، وإذا أرادوا ذلك يجيبو حدا غيري يمضي».


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa