موازين القوى العسكرية في أوكرانيا.. من "يصمد" بحرب الاستنزاف؟

08/06/2022 11:47PM

دخلت الحرب الروسية على أوكرانيا شهرها الرابع، للتجاوز المفاهيم المألوفة بشأن الانتصار والهزيمة، وفي مدينة سيفيرودونيتسك، الواقعة شرقي أوكرانيا، تتغير موازين القوى بين الطرفين، وفقا لما ذكره تقرير لموقع "ذا إيكونوميست".

ورغم أنه بدا وكأن القوات الروسية تحكِم سيطرتها على معظم أجزاء المدينة، مع اقتصار المقاومة الأوكرانية على منطقة صناعية على أطرافها الغربية، إلا أن السيطرة على الأراضي بين الجانبين لا تزال متأرجحة. 

وذكر التقرير أن روسيا احتلت حوالي 450 كلم مربع من الأراضي الأوكرانية منذ منتصف أبريل وحتى نهاية مايو، وفقا لما نقلته شركة "روشان" للاستشارات، التي تتابع الحرب الأوكرانية.

وقللت الشركة من شأن هذا الإنجاز، في وقت يبدو أن لا روسيا ولا أوكرانيا قد تحققان خرقا كبيرا، بل كلاهما يسعى إلى تدمير الآخر في حرب استنزاف شاسعة. 

وذكر التقرير أن خسائر روسيا "جسيمة"، وأن القوة العسكرية التي خصصت لما وصفته موسكو بـ "العملية العسكرية الخاصة"، تدنى عددها بحوالي 58 في المئة بحلول منتصف مايو، مقارنة بوضعها في الفترة التي سبقت الحرب. 

وبحلول الأول من يونيو انخفض ذلك بمقدار بضع نقاط مئوية أخرى. ورجح التقرير أن تكون مجموعات الكتائب التكتيكية الروسية، وهي التشكيلات القتالية الأساسية للجيش الروسي، قد بدأت الحرب بحوالي 600 رجل لكل منها، لكن في الآونة الأخيرة رصد بعضها مع 60 عسكريا فقط، أي أنها بالكاد أكبر من فصيلة. 

وذكر أن الأضرار التي لحقت بالدروع "كانت مأساوية بشكل خاص"، إذ فقدت روسيا 761 دبابة على الأقل، وأكثر من ثلث هذا الرقم فقد منذ بداية الهجوم في إقليم دونباس في 18 أبريل.

وأكد التقرير أن القادة الروس بدؤوا باستخدام المعدات القديمة في حربهم، من بينها الدبابة من طراز "t-62"، التي دخلت الخدمة عام 1961، وطرأت عليها تحديثات في الثمانينيات، وفقا لشهود لمحوها في دونباس خلال الأسابيع الماضية.

وتملك الدبابة ما يشبع "القفص المدرّع" على أعلاها من أجل حمايتها من الذخائر المضادة للدبابات، وإن كانت غير فعالة في ذلك. 

ورجح توم بولوك من شركة "جاينز" للاستخبارات الدفاعية، لموقع "ذا إيكونوميست" أن تكون تلك المعدات القديمة مخصصة للانفصاليين الموالين لموسكو شرقي البلاد، مشيرا إلى أن روسيا زودتهم بها لإنشاء خط دفاع، وحتى تستخدم معداتها الأخرى في مهام أكثر أهمية. 

أما فيما يخص القوات الأوكرانية، فلا توجد الكثير من المعلومات، وفقا للتقرير، الذي ذكر أن مسؤولين غربيين قالوا إنهم لا يريدون ذكر التفاصيل كي لا يضعفوا الروح المعنوية الأوكرانية، كما أن البيانات مفتوحة المصدر، التي قد تتوفر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى صور الأقمار الصناعية، قليلة نسبيا. 

لكن من الواضح، وفقا للتقرير، أن أوكرانيا "تلقت ضربة عنيفة"، ففي 13 مايو الماضي، أكد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي أن ما بين 60 إلى 100 جندي يقتلون من صفوفه يوميا، مع تسجيل 500 مصاب، وهي خسائر تقارب بعض المعارك التي شهدتها الحرب العالمية الثانية. 

ونقل التقرير عن مسؤولين غربيين قولهم إن هذه الأرقام دقيقة، وذكر أحدهم أن الخسائر الروسية والأوكرانية متماثلتان، في حين بلغت مشرحة في بلدة ​​بكموت حدها الأقصى من السعة الاستيعابية لجثث الجنود الأوكرانيين القتلى، هذا الأسبوع، لدرجة أن بعض الجثث "تركت خارجا في الشارع". 

من ينتصر في نهاية المطاف؟ 

ويطرح التقرير تساؤلا بشأن ما سيتم تحقيقه في نهاية المطاف، وأي طرف قد يخرج منتصرا في هذه الحرب، مشيرا إلى أن "المنتصر" سيحدد وفقا لقدرته على توفير الطاقة البشرية والذخائر والمعدات. 

ورفض الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن يأمر بالاستعانة بجنود الاحتياط والمجندين الإلزاميين حتى الآن، إلا أن التقرير نقل أنباء عن محاولة وزارة الدفاع الروسية جذب الرجال من ذوي الخبرة العسكرية للعودة إلى الخدمة، من خلال تعهدها بدفع رواتب مرتفعة قد تصل إلى حوالي 5 آلاف دولار شهريا، أي ما بين ستة إلى ثمانية أضعاف ما يقبضه الملازم العادي. 

أما الوضع بالنسبة لأوكرانيا فهو مختلف، فهي تملك مصدرا حساسا يكمن بالقوات المندفعة للقتال بحماس، لكنها لا تملك ما يكفي من المدربين، ويقول كونراد موزيكا، مؤسس شركة "روشان" الاستشارية لـ "ذا إيكونوميست" إن عدد المجندين المحتملين في القوات المسلحة مرتفع جدا لدرجة أن هناك قائمة انتظار لأكثر من شهر ليتم تجنيدهم. 

ويشير ذلك إلى أنه على المدى القصير سيكون من الصعب جدا بناء الألوية الستة الجديدة، المكونة من 25000 رجل، التي قال مسؤول أوكراني مؤخرًا لصحيفة "فاينانشال تايمز" إنها ستكون ضرورية لهجوم مضاد كبير، لاستعادة الأراضي في الشرق والجنوب.

وفي ظاهر الأمر، يشير التقرير أنه يجب أن تشكل المعدات معضلة أقل حدة، بعد أن أرسلت الولايات المتحدة وأستراليا والدول الأوروبية المزيد من المدفعية والذخيرة والأسلحة الأخرى إلى أوكرانيا خلال الشهر الماضي، لكن التحدي يكمن في الفترة الفاصلة لوصولها إلى أوكرانيا، التي قد تشهد سيطرة روسيا على مدينة سيفيرودونيتسك بأكملها وحتى البلدات المجاورة لها.

وفي حين أكدت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" أنها ستزود كييف بأنظمة "هيمارس" الصاروخية، إلا أن تدريب القوات الأوكرانية على استخدامها قد يستغرق أسابيع.

وفي الوقت ذاته، إن لم تضع الحرب أوزارها خلال الأشهر أو حتى السنوات المقبلة، وهو أمر يرجحه مسؤولون أميركيون وأوروبيون، فإنه من الممكن أن تلعب هذه الأسلحة دورا هاما، إذ قارب مخزون أوكرانيا من الأسلحة التي تعود للحقبة السوفيتية على النفاد، وفقا لما يراه مايكل كوفمان، من مركز "روشان"، في حديثه مع "ذا إيكونوميست".

ويضيف "حتى لو بدا أن موازين القوى في .. دونباس ترجح لصالح روسيا، إلا أن الاتجاهات العامة في الميزان العسكري لا تزال لصالح أوكرانيا"، في حال واصل الغرب دعمه للبلاد. 


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa