تأليف الحكومة قد ينتهي بالتعويم... والملف الرئاسي لم ينضج بعد

05/09/2022 06:35AM

جاء في "الجمهورية":

السباق على أشدّه بين من يريد الانتخابات الرئاسية أولاً، وبين من يريد تشكيل حكومة أولاً، اي بين من يبدّي الانتخاب على التأليف والعكس. وهذا الانقسام في حدّ ذاته يرجِّح احتمالات الفراغ الرئاسي على الانتخاب، خصوصاً انّ البلاد دخلت في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد، وكان الحري انتخاب هذا الرئيس في مطلع الولاية بدلاً من التلهّي بنقاش حول تأليف حكومة ستتحول حكومة تصريف أعمال بعد أسابيع قليلة، الأمر الذي يؤشر إلى عدم نضوج الملف الرئاسي بعد. فيما يبدو انّ ملف ترسيم الحدود سيعود إلى صدارة الاهتمامات هذا الاسبوع، مع عودة الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين إلى لبنان في اواخره.

والمعسكر الرافع شعار «الحكومة أولاً» يتصدّره العهد لثلاثة أسباب أساسية:

ـ السبب الأول، كون فريق العهد هو المتضرِّر الأول من الخروج من القصر الجمهوري، على وقع انهيار وغضب شعبي وعدم قدرته على تزكية الخلف الرئاسي الذي يريده، خصوصاً انّ خروجه من القصر في شبه عزلة يختلف عن دخوله بشبه إجماع، وبالتالي يسعى إلى حكومة يحافظ بواسطتها على مواقع نفوذه.

- السبب الثاني، لأنّ النائب جبران باسيل يسعى إلى استنساخ المرحلة الفاصلة بين انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان، وبين انتخاب العماد ميشال عون، والتي قادها الرئيس تمام سلام، وكان لعون حضور وازن فيها، وخاض معركته الرئاسية من موقعه الحكومي المتقدِّم، وما يسعى إليه باسيل هو نفسه لجهة وضع الورقة الحكومية في جيبه وخوضه المعركة الرئاسية على البارد، مراهناً انّ حليفه «حزب الله» الذي لا يدعم ترشيحه اليوم لن يدعم ترشيح غيره غداً ومن دون التشاور معه، وأنّ لا شيء يحول دون ان يعود ويزكّي ترشيحه بعد غد.

- السبب الثالث، كون فريق العهد يراهن على ثلاثة أمور أساسية: الأول، انّ الفراغ سيُدخل البلد في مشكلات جديدة تُنسي اللبنانيين المشكلات التي واجهوها إبان العهد العوني. والثاني استعادته لدوره المعارض مع انتهاء ولاية عون، وهذا الدور في اعتقاده يؤدي إلى إعادة تعزيز شعبيته. والثالث ان يتمّ الترسيم واستخراج الغاز في مرحلة الفراغ الرئاسي، من أجل الاستثمار في هذه الورقة بمفعول رجعي، بأنّ الرئيس عون من خاض مفاوضات الترسيم من جهة، وبمفعول مستقبلي بأنّ هذه الورقة تؤدي إلى تعزيز حظوظه الرئاسية من جهة ثانية.

وأما المعسكر الذي يرفع شعار «الرئاسة أولاً» فيرتكز إلى ثلاثة اعتبارات أساسية:

ـ الاعتبار الأول، انّ حكومة تصريف الأعمال القائمة تقوم بما عليها، وبالتالي ما الفائدة من تأليف حكومة ستتحول إلى حكومة تصريف أعمال فوراً سوى انّ العهد يريد تعزيز حضوره السياسي فيها؟

- الاعتبار الثاني، كون الدستور واضح بأنّ الفراغ غير موجود في قاموس الدول، لأنّ استمرارية إدارة المرافق العامة تعلو على اي شيء آخر، فضلاً عن انّ مقولة حكومة تصريف الأعمال ليس في إمكانها تسلُّم صلاحيات الرئاسة الأولى هي بدعة ولا أساس لها في الدستور.

- الاعتبار الثالث، لأنّ اي حكومة سيُصار إلى تأليفها اليوم ستُشكّل بشروط العهد وليس بشروط الناس التي اقترعت في الانتخابات النيابية ضدّ هذا العهد والقوى الحليفة له، فيما المصلحة تستدعي التركيز على الانتخابات الرئاسية من أجل إعادة إنتاج كل السلطة على قواعد جديدة، وليس تشكيل حكومة بهدف التفريغ الرئاسي.

في أي حال، لم يُسجّل في عطلة نهاية الاسبوع اي تطور ملموس على جبهة التأليف الحكومي، وما توافر من معطيات دلّ إلى انّ هذا التأليف لا يزال يراوح في دائرة التعقيد، من دون ان تظهر اي مؤشرات إلى انعقاد لقاء جديد بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، بعد الفشل الذي انتهى اليه اللقاء الاخير بينهما الاسبوع الماضي. 

وتوقعت اوساط مطلعة ان يبقى مصير الحكومة الجديدة معلّقاً حتى مطلع تشرين الأول. وقالت لـ«الجمهورية»، انّ احتمال التأليف من عدمه هو «فيفتي ـ فيفتي»، وأنّ كفة التأليف قد تصبح راجحة متى صار الفراغ الرئاسي حتمياً، مشيرة إلى انّه إذا اقترب موعد نهاية المهلة الدستورية من دون ظهور مؤشرات جدّية إلى إمكان انتخاب رئيس الجمهورية فإنّ الجميع سيتهيبون الفراغ وتداعياته، وبالتالي ربما تصبح ولادة الحكومة أسهل آنذاك، على قاعدة تعويم الحكومة الحالية وإعادة منحها الثقة.

إلى ذلك، كشفت مصادر نيابية قريبة من الرئيس نبيه بري لـ«الجمهورية»، انّه «في حال انقضت المهلة الدستورية من دون إتمام انتخاب رئيس جديد وتولت الحكومة، سواء الجديدة او تلك التي تصرّف الاعمال، صلاحيات رئيس الجمهورية، فإنّ المجلس النيابي سيعاود التشريع وسيستأنف دوره على هذا الصعيد ولن يكون مجرد هيئة ناخبة فقط».

وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي، ومع انقضاء اليوم الرابع من مهلة الشهرين الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد، لم تتبلور بعد طبيعة اتجاهات القوى السياسية والكتل النيابية إزاء هذا الاستحقاق الدستوري، الذي يراه كل فريق «مفصلاً تاريخياً» من وجهة نظره، فيما تتصاعد المواقف من هنا وهناك حول الرئيس العتيد، وما ينبغي ان يكون عليه من مواصفات، عاكسة وجود تباعد كبير بين المعنيين، يعزز التوقعات باحتمال دخول البلاد في فراغ طويل في سدة رئاسة الجمهورية.


المصدر : الجمهورية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa