بعد اعتكاف القضاة... ماذا ينتظر لبنان؟

13/10/2022 08:32PM

كتبت نوال أبو حيدر في نيوز فوليو:

أعلن قضاة لبنان إضرابهم عن العمل، احتجاجا على الظروف الماديةوالمعنوية التي يمرّون بها، محمّلين الطبقة الحاكمة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع فيبلدهم.

شهر ونصف على الإضراب، والطبقة السياسية لا تحرّك ساكنا،وكباقي المواطنين، يعاني القضاة من عصف الأزمات وعلى رأسها ارتفاع سعر صرف الدولاروانهيار قيمة رواتبهم.

وإذا كان استقلال القضاء من أولويات المرحلة الراهنة في وجهسلطة لا تفوّت فرصة إلاّ وتستغلها للإنقضاض على استقلالية هؤلاء، فالإقتراحات والحلولمن وجهة نظرها جزئية و"ترقيعية" وغير مستدامة.

شلل قضائي لم يعهده تاريخ لبنان

 بدأت التداعيات الخطيرةلإعتكاف القضاة تنعكس على كافة أفراد المجتمع، وبات "المعتدي" في حالة من"الأمان" لم يسبق وأن شهدها حيث " لا حسيب ولا رقيب"!

أكد مصدر قضائي لموقع "نيوزفزليو" أنّ العنوانالعريض لما يشهده القضاء اليوم هو "توقف قسري عن العمل"، رافضا تسميته بالإضرابأو بالإعتكاف، لأنه عمليا وفعليا مطلب القضاة أضحى واضحا بتقاضي راتب على سعر صرف يوازي8 آلاف ليرة بدلا من 1500 ليرة.

أضاف: "في ظل هذه الأوضاع يعجز القضاة عن التنقل إلىمراكز عملهم وتوفير مستلزماتهم العائلية من طبابة وتعليم".

 وإلى جانب هذه الظروفالمادية القاسية تغرق قصور العدل في الظلام يوميا نتيجة انقطاع الكهرباء وغياب النظافة،عدا عن فقدان القرطاسية وأدوات العمل اليومي، حيث يضطر القضاة لشرائها من جيوبهم منأجل تسيير أمورهم.

من يدفع ثمن اعتكاف القضاة؟

وعمّن يدفع ثمن اعتكاف القضاة في لبنان، شدّد المصدر القضائيعلى أنّ هكذا سؤال يوجّه إلى الطبقة الحاكمة المستهترة في التعاطي مع القضاة، اللامباليةبمطالبهم المحقة مشيرا إلى أنّ " الموقوف اليوم يدفع ثمن لامبالاة الطبقة الحاكمةوليس ثمن اعتكاف القضاة!

ولأنّه لا نستطيع تخيّل بلد من دون قضاء، فان تأثير الإعتكافالقضائي بات واضحا وطال كافة الأصعدة، فعلى صعيد الموقوفين، حُجزت حرية الناس بدونوجه حق وتأخرت طلبات تخلية السبيل. أما بالنسبة للمواطنين، فإنّ إضراب النيابات العامةيحول دون تقديم الشكاوى من المتضررين، ممّا يشرع الفوضى ويؤدّي إلى أخذ حقهم بالذات.

وإذا كان "المعتدي" يشعر بأنه بأمان، في ظل غيابالعمل القضائي، لفت المصدر الى أنّه "لا يستطيع تأييد هذه النظرية، لأنه مجردالتفكير بهذا الأسلوب "ما رح يبقى بلد ولا رح نسترجي نمشي على الطرقات"".

تدمير السلطة القضائية

ولأنّ أحد أهم أركان الدولة هو "القضاء"، بحيثوجود قضاء مستقلّ وشفاف ونزيه يضمن إصلاح الوطن وبناء الدولة ويكون جسر عبور لإصلاحاتأخرى، أكدّ المصدر أنّ "لا نية لإنصاف القضاة أو لإعطائهم أدنى حقوقهم في لبنان،فالقضاء لا يهم الطبقة السياسية فلا يريدون قضاء مستقلا يقوم بكافة مهامه".

 ففي لبنان يحدثونكعن محاربة الفساد واستئصال هذه الآفة ومحاربتها ومحاكمة الفاسدين واستعادة المال العامالمنهوب والمسلوب، فيما الواقع يعكس صورة مغايرة عن العناوين العريضة المطروحة والتصاريحاليومية، إلاّ أنّ الطبقة السياسية تعمل جاهدة للضغط على الجسم القضائي من أجل تدميرالسلطة القضائية.

خطورة الإعتكاف القضائي

وعن خطورة الإعتكاف القضائي وتأثيره على كافة لبنان، لفتالمصدر الى أنّ" حوالى 90% من القضاة ملتزمون بالإضراب وهناك خطورة كبيرة جداعلى الرغم من استمرار عمل 10% من القضاة، فماذا لو توقف الـ10% عن العمل لفقدت الدولةهيبتها وبالتالي طبقت "شريعة الغاب".

إضراب مفتوح رفضا للإذلال

حالة قلق كبيرة في أروقة وزارة العدل، من إصرار القضاة علىالمضي بإضرابهم إلى أجل غير مسمّى ما سينتج عنه من احتقان شعبي واسع في ظل تعطيل مختلفالمحاكمات وأبسط الإجراءات القضائية.

وعن الموعد المحتمل لإنهاء الإعتكاف، يشدد القاضي على أنّ"الأمر متعلّق بحلّ المشاكل التي تفاقمت كثيرا على الجسم القضائي وأفقدتنا القدرة علىالتحمّل، فالقاضي لا يملك مورد رزق آخر فهو يعمل ليتقاضى راتبه".

فالمسؤولية الوطنية في أي دولة تستلزم صون القضاء، لأنه متىانهار القضاء زال كيان الوطن، الذي يقف على عتبة مواجهة مفتوحة أمنيا واقتصاديا ومعيشيا،فيما قوى السلطة تتفرج على نتائج ما اقترفته أيديهم منذ عقود!

فمن يعوّض للمواطن اللبناني عن الخسائر الاحقة به، وعن حجزالحرية من دون وجه حق؟ والأهم كيف يمكن إستعادة الثقة بهذا المرفق وإقناع المواطن بالإحجامعن تطبيق شريعة الغاب؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa