هل بدأت مباريات الاستحقاق الرّئاسيّ من ساحة ساسين؟

11/12/2022 05:04PM


كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

لم تدعَم "الأشرفيّه" منتخب البرتغال بهدّافين من أبنائها المتحمّسين لكرة القدم، ولم تحاول تهديد حارس المرمى المغربيّ إذا تصدّى لأيّ كرة برتغاليّة مؤلِمة. غير أنّ بعض هواة الهوبرة المأجورة في الشوارع، زاروا الأشرفيّه منتصف ليل أمس، لتعذُّر الوصول إلى القُدس، بسبب غلاء البنزين.

أعلام فلسطين وسوريا والمغرب تخفق هزيلة فوق الدرّاجات الناريّة المراهِقة في السياسة، والتي تعمل "دليفري" في البلد، سواء إن أتت من الضاحية أو طريق الجديدة، أو أيّ مكان آخر. والناس في بيوتهم، ومنهم مَن يهيّص للمغرب أيضا، باعتبار عائلات الأشرفيّة غير متحدّرة من أصل برتغاليّ، وليس في تأهُّل المنتخب المغربيّ للدور النصف النهائيّ ما يُشعِر أهل الأشرفيّة بأنّ ساحة ساسين ستصير تحت مستوى البحر بألف متر.

وقد يكون زوّار منتصف الليل الثقيلو الدّم لا يعرفون شيئا عن البرتغال، لا على مستوى نسيجها السكّانيّ الذي يشارك العربَ فيه أناسٌ من قوميّات وحضارات أخرى، ولا على مستوى واقعها السياسيّ، وهي الدولة التي تتمتّع بأفضل العلاقات مع العدوّ الإسرائيليّ، وبينها وبين إسرائيل تعاوُن اقتصاديّ وعسكريّ، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ عدّة وزراء إسرائيليّين هم من يهود المغرب، الذين اجتاز عددهم، قبل تن يهجروها لِتُعلَن دولة إسرائيل، المئتَي ألف مواطن مغربيّ يهوديّ.

إنّ أسخف وأكذب ما يُحكى عنه لبنانيّا هو حقّ العودة، للفلسطينيّين وللسوريّين في الوقت نفسه. وعلى أرض الواقع كثيرة هي الأحداث التي تؤشّر وتُثبت أنّ هؤلاء باقون، وللأسف لم لن يترك لبنانَ إلّا خيرةُ شبابه، بحثا عن رزق بات من المستحيل وجوده في لبنان، في حين أنّ السواد الأعظم من  اللاجئين يقيم في لبنان ويحظى بما لا يحظى به اللبنانيّون، لا سيّما على مستوى الدعم المادّيّ الدوليّ، وكأنّ الدول تقول لنا دائما: فليبقوا في لبنان، لأنّنا لا نستطيع استقبالهم، وليس لنا أن نردّهم إلى ديارهم سالمين.

لا شكّ في أنّ هذا الكلام لا يحتمل التعميم، ولا يأتي من أيّ خلفيّة عنصريّة، إنّما نحن نحتاج إلى الصدق في التعبير، بعد أن صار الكثير من اللبنانيّين غرباء في وطنهم، على فقر وجوع وذلّ.

إنّ مُقلِقي ليل الأشرفيّه أمس يُسأل عنهم الأمن اللبنانيّ أوّلا. فهل من الصعب رصد بعض مداخل بيروت بشكل دائم من القوى الأمنيّة اللبنانيّة؟ وهل المطلوب من وقت إلى آخر رمي حصاة في بركة الأمن اللبنانيّ، واستعادة خطاب الحرب والطوائف؟

ليس ما جرى البارحة، ليلًا، تسلُّلا مفاجئا، فالطرق المسلوكة إلى الأشرفيّة واضحة ومعروفة ومأهولة، ومهرِّجو السياسة على الموتسيكات لم يكونوا ملَثَّمين بمناديل الصمت والخشوع!

ولا يمكن قراءة أيّ حدث اليوم، إلّا في ضوء الاستحقاق الرئاسيّ، وقد يكون السياق المقصود هو الاتّجاه نحو مزيد من الفوضى، لاستثماره في الضغط نحو إيصال رئيس معيّن إلى قصر بعبدا، ولا شكّ في أنّ هذا الرئيس لا يأتي في سياق إرضاء الطروحات السياسيّة بِقدر ما هو خلاص من التَّمترُس المتقابِل، والتعارُض بين نظرتَين غير قابلتَين للتحديق في اتّجاه واحد.

لن تسقط الأشرفيّه ولا غيرها في قبضة أحد، وهي تتلقّى رسائل، لا علاقة لها فيها، ومن الطبيعيّ جدّا أن يحمي كلّ مواطن سلام عائلته وكرامة بيته. لكن من غير المسموح أن لا يُصار إلى سهر أمنيّ لبنانيّ دائم، على أبواب بضع مدُن، تُعتبَر منذ زمن بعيد مَواطِن ضعف بالمعنى الأمنيّ، لأنّ هذه الأبواب تُوصِل إلى فتَن سريعة، ليس من السهل الخروج منها، لا سيّما أنّنا لا نزال تحت تأثير ذاكرة الحرب، وتحت تجاذُب طائفيّ، أثبتت الانتخابات النيابيّة الأخيرة أنّه سيستمرّ طويلا.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa