صحة المرأة الإنجابية أولوية... بالفيديو: مراكز غير شرعية في لبنان تهدد النساء

11/01/2023 10:53AM

كتبت سماح النابوش في "السياسة":

"قسم من السيدات لم يكنّ يعلمن بأن المركز الصحي "غير قانوني"، وكنّ يأتين للمركز بسبب أسعار خدماته الزهيدة بملء إرادتهن"، هذا ما أكدته فادية (اسم مستعار)، شابة عملت في مركز صحي غير شرعي لفترة معينة. وتروي لنا كيف أنّ الطبيب الذي كان يجري العمليات الجراحية هناك، غير مرخص له بالعمل ضمن الأراضي اللبنانية، وتسهب بقولها إنّ النظافة ونوعية الخدمة كانت دون الشروط.

وقبيل إقفاله، كان المركز يقدم معاينات نسائية، عمليات ولادات طبيعية – بمساعدة قابلة قانونية- عمليات قيصرية وعمليات إجهاض على يد طبيب غير مرخص له، وكان يقوم بدور الجرّاح وطبيب التخدير في نفس الوقت.

وفي شهر رمضان الماضي، صدر إبلاغ بحق المركز على إثر وفاة سيدة قاصر فيه خلال إجراء عملية جراحية نسائية لها، الأمر الذي فضح المستور، وأدى إلى إقفال المركز وتجريم العاملين فيه.

وبحسب البعض فإن السيدات قد يتوجهن إلى مركز غير مرخص، على الرغم من معرفتهنّ بذلك، بسبب انخفاض كلفة الخدمة الصحية المقدمة، مقارنة بالمستشفيات، كتكلفة عملية الولادة الطبيعية أو القيصرية، أو لتقديمه بعض الخدمات "غير الشرعية" المطلوبة، كعمليات الإجهاض.

وتشكل المراكز الصحية غير الشرعية، آفة خطرة على المجتمع اللّبناني، إذ يزداد عددها يومًا بعد يوم، مع ازدياد حاجة الناس للطبابة "الرخيصة" في ظلّ الأوضاع الاقتصادية المتدنية، وارتفاع الفاتورة الاستشفائية، الأمر الذي شكل خطرًا على حياة الوافدين إليها، حيث أنّ غالبيتهم لا يعلمون أنها غير شرعية.

والخطورة تكمن عبر نوعية الخدمات المقدمة غير المطابقة لشروط الوزارة من ناحية النظافة أو المصداقية في العمل. وغالبًا ما تكون طبيعة هذه الخدمات ممنوع تقديمها خارج نطاق المستشفيات كالعمليات الجراحية.

وما زالت صحة المرأة الهدف الأول لتلك المراكز، فمن عمليات إجهاض، إلى عمليات قيصرية وولادات طبيعية وغيرها، تعمد هذه المراكز إلى استقطاب المستفيدات عبر تخفيض التكلفة المادية لهذه العمليات، أو حتى بـ "شرعنة" بعضها، الأمر الذي يسبب خطورة لا على صحة المرأة الإنجابية فحسب إنما أيضًا على حياتها!

من هنا يأتي الدور الأهم للمراكز الصحية المرخص لها بالعمل، أو شبكة الرعاية الصحية الأولية، للوقوف في وجه كلّ العوائق بغية حصول الأفراد على حق الطبابة.

"الرعاية الصحية الأولية حقّ للجميع"

"إن الرعاية الصحية الأولية هي المدخل للنظام الصحي" هذا ما أكدته منسقة الرعاية الصحية في شمال لبنان السيدة رامية الأسعد، في اتصال هاتفي معها، مشيرة إلى "أننا حين نستثمر في الرعاية الصحية نخفف من الفاتورة الصحية على الأفراد والدولة، حيث أنّ هذه الرعاية تعمل بمبدأ الوقاية وتعزيز صحة الفرد وخفض أي مضاعفات محتملة".

وأضافت أنّ " ما يميز القطاع الصحي في لبنان أنه قطاع ما بين الخاص والعام. فالرعاية الصحية تعتمد على مبدأ الشراكة، بين وزارة الصحة- دائرة الرعاية وبين مؤسسات أخرى، نذكر منها الجمعيات الأهلية، البلديات، وزارة الشؤون الاجتماعية (في بعض المراكز)، المؤسسات العسكرية (مستوصفات الجيش)، بالإضافة إلى بعض الجامعات كالجامعة اللبنانية، الجامعة اليسوعية والجامعة الأميركية.

وهذه الشراكة ساهمت بتعزيز الرعاية الصحية الأولية في لبنان، وبالتالي وصول الخدمات الصحية بسهولة وبتكلفة أقل لـ الأفراد المستفيدين، كذلك ساهمت ببناء النظام "الممكنن" الذي ربط مراكز الرعاية الصحية الأولية ببعضها البعض، الأمر الذي سهل متابعة لقاحات الأطفال، وحالات الأمراض المزمنة، كذلك توحيد البروتوكولات المتبعة في هذه المراكز، وبالتالي تعزيز الرقابة الصحية.

وتدعم وزارة الصحة مراكز الرعاية الصحية الأولية بالمستلزمات الطبية، باللّقاحات، بالأدوية المزمنة، بالتدريبات، وغيرها.

وقد تمّ إنشاء شبكة الرعاية الصحية الوطنية عام ٢٠٠٢، والتي تضم العديد من المراكز الصحية المرخص لها من قبل وزارة الصحة العامة، ويصل عددها الى اكثر من ٢٨٥ مركزًا، موزعةً على كامل الاراضي اللّبنانية، حيث أنّ القسم الأكبر منها موجود في المناطق الأكثر اكتظاظًا باللاجئين والمناطق النائية، بهدف تقديم رعاية صحية بمستوى عالٍ لكلّ فئات المجتمع وبتكلفة مادية مقبولة، خاصة وأنه حوالي ٦٨٪ من تلك المراكز مدعوم من قبل الجمعيات الأهلية.

وتحدثت السيدة رامية الأسعد عن أنّ "الرعاية الصحية يتم تقديمها عبر العيادات الخاصة والتي تخضع لنقابة الأطباء، المراكز الصحية أو المستوصفات والتي تعمل تحت إشراف وزارة الصحة العامة، مستوصفات الجيش والقوى الأمنية التابعة للمؤسسات العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى مراكز الشؤون التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية".

وللنسائية حصة كبيرة، فقد تم فرض وجود قابلة قانونية مجازة، تابعة لنقابة القابلات القانونيات، بشكل دائم في المراكز الصحية التابعة لدائرة الرعاية الصحية، بالإضافة إلى طبيب(ة) نسائي(ة) بدوام محدد، وذلك بهدف دعم الصحة الإنجابية لدى النساء، تعزيز مبدأ تنظيم الأسرة، وتحسين مستوى الوعي لدى السيدات بشأن صحتهنّ الإنجابية. فتتم متابعة النساء الحوامل قبل الولادة وبعدها، كما تتم متابعة السيدات بمختلف أعمارهنّ بمعاينات لدى الصحة النسائية شبه مجانية بدعم شبه كامل من فحوصات مخبرية وأدوية أساسية، كذلك تأمين وسائل تنظيم الأسرة مجانًا، وغيرها.

ومع بداية الأزمة السورية وقدوم اللّاجئين السوريين إلى لبنان، ساهمت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بتقديم الخدمات الصحية الأساسية للنازحين السوريين عبر مراكز الرعاية الصحية الأولية، حيث تم الاتفاق فيما بعد بين وزارة الصحة والهيئات الأممية لتقديم هذه الخدمات بالتوازي للاجئين السوريين وللمجتمع المضيف اللّبناني، ومن هنا أتى الدعم الأممي للمواطنين اللّبنانيين صحيًا.

لكن وعلى الرغم من توسع هذه الشبكة سنويًا بحسب وزارة الصحة اللّبنانية، إلّا أنّ الوضع الصحي في لبنان ما زال في خطر، بسبب "طفرة" المراكز غير الشرعية.

في مواجهة المراكز غير الشرعيّة

أمّا عن المراكز الصحية غير المرخصة، فقد أشارت السيدة الأسعد إلى أنّ الأمر مرتبط، "على صعيد كلّ قضاء أو محافظة، بطبيب القضاء الذي يعتبر ممثلًا لوزير الصحة هناك، بالإضافة إلى القائم مقام أو المحافظ، حيث أنهم جميعًا بمؤازرة قوى الأمن، يتابعون ملفات هذه المراكز".

إذ أنه وبعد أي بلاغ يرد لوزارة الصحة، مباشرة أو عبر مؤسساتها في المحافظات، يتم التحري عن الموضوع بمساعدة مراقبين صحيين والمؤسسة الأمنية، وإذا ما تم التأكد من وجود مخالفات، يتم إحالة التقرير إلى القضاء ليتم اتخاذ القرار المناسب، فإمّا الختم بالشمع الأحمر والإقفال أو إحالة المركز إلى القضاء، حسب الحالة. ولفتت السيدة رامية الأسعد، منسقة الرعاية الصحية في شمال لبنان، إلى أنّ ليس كلّ المراكز غير المرخصة غير شرعية، كالعيادات التخصصية التي تخضع لإشراف نقابة الأطباء".

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه من الممكن إيجاد لائحة بأسماء مراكز الرعاية الصحية في لبنان على موقع وزارة الصحة الإلكتروني عبر الرابط:

https://www.moph.gov.lb/ar/view/966/ الأمر الذي قد يساعد على تفادي الأفراد الوقوع في قبضة "تجّار الصحة".

تم انتاج هذا التقرير بدعم من مؤسسة مهارات ومنظمة "Hivos" ضمن مشروع We Lead، تجدر الإشارة الى ان المحتوى لا يعبر بالضرورة عن آراء منظمة " Hivos"