بين طارق البيطار ووليم نون... أملُنا بالعدالة وبلبنان

15/01/2023 10:29AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

في لبنان أزمة رجال، ليست وليدة غيابهم، إنّما هي نتيجة لاستئثار الزّعماء، المكرَّسين آلهة، باستغلال الساحة السياسيّة، في تاريخ يشهد أنّهم يخونون طروحاتهم، ويتنازلون عنها عند أيّ استحقاق، ويساومون ويحاصصون، ويجدون لكلّ خيانة عذرا يجعلها بُعد نظر سياسيّ وتكتيكا تقتضيه المرحلة.

في ظلّ هذا الواقع المؤلم، يبرز رجال آتون من أماكن غير منتظَرة على مستوى المفاجأة بالشجاعة والوطنيّة، ويقطفون إعجاب الأحرار، ويقيمون في وجدانهم بِلا أيّ مُغرَيات وعقائد سياسيّة أو دينيّة. ومن هؤلاء رجُلان: طارق البيطار، ووليم نون.

استطاع القاضي طارق البيطار، بواسطة مطرقته الخشب وضميرها وشجاعتها، اللذين لا يعرفان لعبة التنازُل، أن يحمل قضيّة تفجير مرفأ بيروت، ببطولة قلّ نظيرها، وتمكَّن على الرّغم من كلّ التهديدات، والمعوِّقات القانونيّة المتَّهَمة، من البقاء واقفا تحت جبينه، مخلِصا لِيمينِه يوم لبس الرُّوب الأسود.

وها هو وليم نون، اليوم، يتعملق بكلّ ما فيه من وفاء لدماء شهداء أفظع جريمة في عصرنا، ومن هؤلاء الشهداء أخوه دجو نون. لم يركَب وليم حصان السياسة عند أحد، ولم يستجب لأيّ تهديد بالاستقالة من نضاله الذي هو حقّ وواجب في الوقت نفسه، ووصل إلى أن يُحرج الجميع، ليس أوّلهم القاضي زاهر حماده الذي أشعلته عبارة نون الشهيرة "يبلّط البحر"، وليس آخرهم جماعة "السيادة" التي لم نرَ لها أيّ حضور في الذكرى الأخيرة لتفجير الرابع من آب، إذ اقتصر الحضور السياسيّ على عدد من نوّاب الثورة. وواضح في هذا اليوم أنّ الأحزاب "السياديّة" لم تطلب من أنصارها المشاركة، أو بمعنى آخر منعتهم من المشاركة، والحضور الجماهيريّ الخجول أثبتَ ذلك.

صحيح أنّنا في دولة بوليسيّة، والأمن يمون على بعض القضاء، وبعض القضاء يُحرج بعض الأمن، غير أنّ هذا الواقع ليس بجديد عندنا، إنّما أهل ضحايا الرابع من آب هم وحدهم ظهَّروا بشكل لافت جدّا بوليسيّة السلطة، ومَن يتحكّم فيها، وكان صوت وليم نون عاصفة حقّ وبطولة، ما دعا السواد الأعظم من النوّاب الذين وقفوا إلى جانب الأهالي، وضغطوا معهم لإطلاق سراح نون، للنزول إلى الساحة بعد غياب طويل ومشبُوه. 

وما الحديث عن استئناف الفصل الثاني للثورة، سوى إعلان من القوى "السياديّة" بأنّها قد تلجأ إلى الشارع، مثلما لجأت سابقا واختبأت خلف الثوّار الذين ليسوا منها ولها، وعادت لتنقضّ عليهم قبل الانتخابات، وفي المجلس النيابيّ أيضا. 

وما يعزّز هذه القراءة أنّ الثوّار اليوم لا يستطيعون ملء الساحات وحدهم، ولا شكّ في أنّهم يعانون مشاكل معيّنة في محاولة تحوّلهم حزبا أو ما يعادله...

وكيفما سارت الأمور، إنّ قضيّة تفجير آب ستكون مفصليّة في الواقع السياسيّ والقضائيّ، وذلك لسببَين: بطولة طارق البيطار وصلابته، وعزم أهل الضحايا، ووليم نون قائد شجاع أظهرته التجارب الصعبة بوضوح. أمّا عن دعم هذه القضيّة، فعسى ألّا يكون موسميّا واستنسابيّا من قبل القوى السياسيّة التي تعلن دائما استمرارها في مواجهة محور الممانعة عندنا.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa