بين دولار سلامه ومطرقة عويدات... "تِخبزو بالأفراح"

04/02/2023 10:35AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

قد يكون حاكم مصرف لبنان استنفد ما في يده من محاولات لِلَّجم الدولاريّ الموقّت، بين صعود جنونيّ وآخر. وواضح أنّ سلامه لم يخدم عامّة المواطنين في تدخّلات المصرف المركزيّ المفاجئة، إنّما كان يؤدّي ما استطاع 

من خدمات لصندوق المصرف المركزيّ، والمصارف، والدولة. وقد بدا هذا الاستنتاج من خلال رفع سعر صيرفة، مرّة في النهار إلى ٣٨ ألف ليرة، ومرّة في الليل إلى ٤٢ ألف ليرة.

وقد دفع الكثيرون من المواطنين ثمن مقامرة صيرفة غاليا. كما أنّ سلامه نفسه تراجع عمّا أقرّه من مهَل ومن أرقام للاستفادة، ما يعني إعلان فشل لا يقبل الشكّ.

وفي سياق المعارك الدونكيشوتيّة، أتى قرار المدّعي العامّ التمييزيّ، القاضي غسان عويدات، بإلقاء القبض على الصرّافين الذين يتحكّمون بالدولار ارتفاعا وهبوطا، وسوقهم إلى العدالة. غير أنّ إدخال هؤلاء إلى السجن ليس بسهولة إخراج المتّهمين بتفجير السابع من آب منه.

وكلّ اللبنانيّين تفاجأوا بتدخّل القاضي عويدات، فهو متأخّر كثيرا ووصل كالشمس العاجزة بعد الطوفان، ومن جهة أخرى، لم يستطع بالتفاته صوب الدولار القاتل أن يملأ السجون بمن يبيدوننا يوميّا جوعا ومرضا ويأسا وهجرة، كما أنّه لم يستطع إرضاء الرأي العامّ الذي ثار عليه وطالب بإقالته لمواجهته القاضي طارق البيطار، بهدف إزاحته بشكل نهائيّ، وإعادة قضيّة التفجير إلى نقطة الصفر.

على الرّغم من تدخّلات سلامه وعويدات، بقيت السوق السوداء بأحلى حالاتها، فلا صيرفة الحاكم وضخّ الدولار تمكّنا من كسر رِجل الدولار الأسود، ولا مطرقة القاضي أضاءت غرف التطبيقات المظلمة التي تعمل براحة وسلام، وقد تكون مدعومة من معظم الذين يهاجمونها، لأنّهم المستفيدون الأوائل منها.

وفي المحصّلة، إنّ السلطة "رفعت العشرة"، والسوق السوداء رفعت دولار صيرفة صوب دولارها، فسلامه بات يلهث وراء الدولار الموازي أو المُضارِب، ويستجيب لجنونه، ويبدو أن لا أحد غيره يقدر على التدخّل، لا رئيس حكومة ولا مجلس نيابيّ، ولا زعماء أحزاب... من هنا تأتي المسؤوليّة على الجميع، وليس على سلامه وحده، بسبب الصمت المخزي والمؤذي عمّا يجري.

ومنعًا للعيش في الكذبة، إنّ كلّ شيء تَدَولر في لبنان. وها هو وزير الاقتصاد يعلن بوضوح التسعير بالدولار في السوبر ماركت... وعمليّا ليست الدولرة حلًّا، إنّما هي واقع لا يمكن القفز فوقه. ما يعني أنّ الرواتب في القطاع الخاصّ والعامّ، لا بدّ أن تُدَولر، سواء دُفِعت بالدولار أو بالليرة على سعر صرف السوق السوداء. وكلّ كلام على الأجور بالليرة، بعيدا من هذا الطرح، لم يعد له أيّ رصيد.

أمّا مَن يستطيع الدّولرة، على مستوى المؤسّسات الخاصّة والرّسميّة؟ فهُنا مَكمن المشكلة التي ستؤدّي حكمًا إلى منطق "البقاء للأقوى".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa