شتاء قاسٍ في أفغانستان: مرض وجوع وصقيع

28/02/2023 03:01PM

يتعرض مئات الأشخاص في أفغانستان إلى الموت بسبب البرد القارس وسوء التغذية على خلفية حظر حكومة طالبان لعمل النساء في المنظمات وهو ما أعاق وصول المساعدات الدولية.

وبحسب تقرير مطول لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن درجات الحرارة المتدنية للغاية والتي تصل إلى حد التجمد أدت لوفاة عدة أطفال في بيوت ومساكن غير مجهزة بوسائل التدفئة ولا تصلح لفصل الشتاء.

ولفت التقرير إلى أن هذه الحوادث تترافق مع "فصل شتاء يصفه مسؤولون أفغان ومجموعات إغاثة بأنه الأقسى منذ أكثر من عقد من الزمان، حيث يعاني ملايين الأشخاص بالفعل من أزمة إنسانية".

وحتى يوم الاثنين، توفي أكثر من 200 شخص بسبب انخفاض حرارة الجسم ونفق أكثر من 225 ألف رأس من الماشية بسبب البرد، وفقا للسلطات الأفغانية.

ويشير التقرير إلى أن ذلك "لا يأخذ في الاعتبار حصيلة الوفيات الكبيرة والمتزايدة بسبب سوء التغذية والمرض والإصابات غير المعالجة، في وقت يتعرض فيه القطاع الصحي لضغوط شديدة".

وفي حين أن أفغانستان تحملت الكوارث الطبيعية والضعف الاقتصادي لعقود، فإن درجات الحرارة القاسية هذا الشتاء تأتي في لحظة صعبة للغاية.

ففي أواخر ديسمبر، منعت إدارة طالبان النساء من العمل في منظمات الإغاثة، مما دفع كثير من المنظمات الدولية  إلى تعليق عملياتها وقطع شريان الحياة للمجتمعات التي تعتمد بشكل أساسي على المساعدات.

وقد ترك ذلك المنظمات مقسمة بشأن الاستجابة، ومنهم من أوقف المساعدات لملايين المحتاجين، ومنهم من حاول الاستمرار بدون نساء، وهو الأمر الذي يحد بشكل كبير من العمل في أفغانستان.

ويقول مسؤولون إن وزارة إدارة الكوارث الأفغانية حاولت ملء الفجوة بالتعاون مع المنظمات المحلية لتوفير بعض المساعدة الغذائية والنقد. ولكن تتعرض الاستجابة لعدة معوقات ومنها صعوبة الوصول إلى المجتمعات البعيدة (بعضها لا يمكن الوصول إليها إلا بواسطة مروحية عسكرية)، وعقوبات مالية من حكومات أجنبية، وفقا للصحيفة.

وتعاني أفغانستان من عقوبات على القطاع المصرفي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والمستشفيات المملوءة بالأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. ويواجه حوالي نصف السكان البالغ عددهم 40 مليون شخص خطر انعدام الأمن الغذائي، وفقا للأمم المتحدة، ومنهم ستة ملايين مهددون بالمجاعة.

ونقل التقرير أيضا قصة راعي يعاني من صعوبة إيجاد مرعى لأغنامه بسبب الطقس البارد، بالإضافة إلى نفاد الأعلاف، التي كان سعرها أكثر من الضعف في السوق المحلية خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما أدى لنفوق 13 من أغنامه البالغ عددها 80 وتقدر قيمتها (الأغنام النافقة) بـ 3000 دولار.

وقال الراعي بهاء الدين رحيمي (60 عاما) للصحيفة الأميركية، "فقدان الأغنام، إنه مثل فقدان أحد أفراد الأسرة. هذا هو كل ما لدينا".

وفي يناير الماضي، حض مسؤولان أمميان رفيعان، طالبان على إبداء مزيد من الوضوح بشأن القطاعات الإنسانية التي يمكن إعادة فتحها أمام الموظفات الأفغانيات، مع تحذير أحدهما من أن "مجاعة تلوح في الأفق" خلال فصل الشتاء القاسي.

وفي نيويورك قالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، إنها ضغطت "بشدة" خلال زيارتها أفغانستان في يناير بشأن قضايا المرأة، وفي بعض الأحيان "لم يكن رد الفعل لطيفا".

وتقول وكالات الإغاثة إن أفغانستان تواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إذ يهدد الجوع أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 38 مليون نسمة، ويعاني قرابة أربعة ملايين طفل من سوء التغذية.

وتفاقمت الأزمة عندما منعت سلطات طالبان النساء الأفغانيات من العمل في المنظمات غير الحكومية، ما أجبر العديد من وكالات الإغاثة على تعليق نشاطها الحيوي.

لكنها عادت وسمحت في الأسابيع الأخيرة للنساء بالعمل في المنظمات الصحية.

وأعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، عن أمله في إعادة فتح المزيد من القطاعات الإنسانية أمام الموظفات الأفغانيات.

وصرح غريفيث لوكالة فرانس برس في يناير خلال مقابلة بمكتب للأمم المتحدة في كابل، "أبلغني عدد من قادة طالبان أن الحركة المتشددة، تعمل على مبادئ توجيهية ستوفر مزيدا من الوضوح حول دور وإمكانية عمل النساء في النشاط الإنساني".

وأضاف في ختام زيارته لأفغانستان "أعتقد أنه من المهم حقا أن نبقي الضوء مسلطا على عملية وضع تلك المبادئ التوجيهية".

وقاد غريفيث وفدا من كبار مسؤولي المنظمات غير الحكومية، حيث أجريت لقاءات مع العديد من مسؤولي طالبان في محاولة لدفعهم إلى تخفيف الحظر المفروض على عمل النساء في مجال الإغاثة.

وعلاوة على منع النساء من العمل في المنظمات غير الحكومية، منعت سلطات طالبان الفتيات أيضا من التعليم الجامعي.

ويؤكد المسؤولون الحكوميون أن القرارين فُرضا؛ لأن النساء لم يلتزمن بقواعد ارتداء الحجاب، وهو ادعاء نفاه عاملون في الإغاثة وطلاب جامعات.

وأشار غريفيث إلى أن المجتمع الإنساني العالمي سيصر على عمل الأفغانيات حتى يتم تقديم المساعدة في الدولة المنكوبة.

وأضاف: "ليس لدينا وقت. نحن في الشتاء والناس يموتون والمجاعة تلوح في الأفق".

وتابع مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة "نحن بحاجة إلى قرارات الآن، ولهذا أعتقد أن هذه الاستثناءات العملية التي تحدثنا عنها مهمة للغاية".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa