مجزرة تُرتكب بصمت!

21/03/2023 11:34AM

كتبت إيفانا الخوري في "السياسة":

كشاة يساق إلى الذبح، بهذا الهدوء يسير لبنان إلى حتفه الأخير من دون صوت يُرفع أو حركة مقاومة وبسرعة كرّة الثلج يتدهور الوضع ويتدحرج باتجاه قعر الانهيار جارفًا معه عائلات بأكملها وطامرًا أحلام وأمنيات وحقوق الملايين. 

ولا رقم من الأرقام الأخيرة يوحي بالتفاؤل، كلّ المؤشرات تثبت أنّ الحياة تقسو على اللّبنانيين وأنّ الأعظم لم يأتِ بعد رغم أنّ شريحة كبرى قد طبّعت مع الانهيار الحاصل.

صباحًا، أُعلن أنّ لبنان حلّ في المرتبة 136 أي ما قبل الأخيرة على سلّم «تعساء المعمورة» وفق تقرير السعادة العالمية تليه فقط أفغانستان، هذا المؤشر وحده كفيل بعكس حجم التعاسة والحزن في بلد عُرف بحبه للحياة سابقًا ما يعلل ارتفاع حالات الانتحار مؤخرًا. 

وفي الحال، فإنّ الانهيار السياسي حاصل أيضًا من دون رادعٍ أو وعيٍ من قبل المسؤولين لا على صعيد مجلس النواب الذي يتقاتل على ضفاف معركة انتخاب رئيس للجمهورية ولا على صعيد حكومة تصريف الأعمال التي لم تتحرك جديًا بعد، لذلك فإنّ الدولار ينطلق كالسهم إلى الأمام بالسرعة نفسها مخلفًا حريقًا اجتماعيًا ومعيشيًا يفوق قدرة العاملين والعاطلين عن العمل مع انعكاسه على كلّ تفصيل في تفاصيل الحياة اليومية. 

وبهذا الوضع فإنّ الدولار يُشبه النار يأكل الرواتب وقيمتها من دون أن يشبع بعدما وصل الوضع إلى حالة صار الإطفاء فيها صعبًا، من هنا أهمية البحث عن حدٍ أدنى جديد يشكل وسيلة نجاة أو أقلّه صمود في ظلّ المجزرة التي ترتكب بحق اللّبنانيين. 

الباحث في الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين يشدد في بداية حديثه لـ "السياسة" على أنّ الرواتب في سباق مع الدولار، لافتًا إلى أنّ في النظرة الأولى فإنّ عائلة من ٤ أفراد تحتاج بالحدّ الأدنى إلى ٢٩ مليون ليرة لبنانية، غير أنّ استمرار تقلب سعر الصرف في السوق السوداء يصعّب العملية كثيرًا ويجعل من تحديد الحدّ الأدنى صعبًا. 

ولشرح سرعة تبدل الأوضاع في السوق، يشير شمس الدين إلى أنّ في إطار تحضيره لدراسة ترتبط برمضان وكلفة الشهر الفضيل تبدلت الأسعار كثيرًا من أسبوع إلى آخر. فعلى سبيل المثال، كان كيلو الخيار بـ ٤٠ ألف ليرة ثم صار في الأسبوع الذي يليه بـ ٥٠ ألفًا. 

لكن، هل تستطيع الشركات تأمين هذه الرواتب للعاملين لديها؟

لا يخفي شمس الدين صعوبة الوضع ويؤكد أنّ المحال والشركات الصغيرة عاجزة بالتأكيد عن تأمين رواتب بهذا الحجم، مشددًا على أنّ ٧٠٪ من اللّبنانيين يحتاجون للمساعدة سيما وأنّ رواتبهم ما زالت باللّيرة اللّبنانية وهي تفقد قيمتها في كلّ يوم أكثر. والأخطر بالنسبة للباحث شمس الدين يرتبط بأنّ زيادة الأسعار أتت بشكل يفوق الزودات التي لحقت الرواتب. 

ما يعني أنّ في سباق ارتفاع أسعار السلع والخدمات ورفع الرواتب فإنّ الأولى هي الفائزة حتمًا على حساب المواطنين وقدرتهم الشرائية. 

ورغم هذا الوضع المعقد، لا يرى شمس الدين أنّ الحلّ هو دولرة الرواتب بعدما تمت دولرة كلّ الخدمات والسلع، بل يعتبر أنّ بداية الحلّ تكون بضبط الدولار لأنّ استمرار هذا الانهيار بهذا الشكل يعني أنه لن يكون له أي ضوابط قريبًا. 

ومع هذا التدهور المتروك يقترب لبنان من الوصول إلى المرتبة الأولى عالميًا من حيث نسبة التضخم وانهيار العملة. وتشير الأرقام إلى أنّ أسعار الطعام والمشروبات في لبنان ارتفعت بنسبة ١٣٨٪ خلال آخر سنة وقد حلّ في المرتبة الأولى عربية.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa