ماركة ساعتهم... الجريمة

26/03/2023 03:17PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":  

من المؤكّد أنّ المشكلة اللبنانيّة اليوم ليست في تقديم الساعة، لا سيّما أنّ أهل السياسة فيه قدّموا زمنَنا اللبنانيّ، منذ زمن بعيد، هديّة للغرباء، وهم يقفون على رمادنا ويستمرّون في خطاب سياسيّ متعدّد، ليس سوى استمرار لخداعهم أهلَهم وناسَهم.ومن المؤكّد أيضًا أنّ أيّ استحقاق بسيط، كتقديم الساعة، أو كبير، كانتخاب رئيس للجمهوريّة، سيكون له القدرة نفسُها على تظهير التشظّي في مشهدنا السياسيّ.في الواقع، نحن أمام انقسام جذريّ يتمثّل بالمقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، وما يدور في فلَكها من مكوّنات سياسيّة أخرى، وبالقوى السياسيّة التي تعمل لانتخاب رئيس جمهوريّة، لا يدار بآلة تحكّم تبرمجها ولاية الفقيه.ولا تندرج الانتفاضة المسيحيّة الكبيرة في وجه ساعة ميقاتي وبرّي، إلّا في سياق سياسيّ واضح، هو أبعد من قانونيّة القرار، أو تأثيره السلبيّ. وما من شكّ في أنّ مخالفة التوقيت العالميّ لا يمكن أن يكون بلا أضرار ومشاكل لا تنقصنا.والمؤسف أنّ ملء الوقت بشدّ الحبال حول تقديم الساعة يأتي في ظلّ قرع نواقيس الخطر من مصادر دوليّة، وفي مقدّمتها صندوق النقد الدوليّ، الذي يستعدّ لِنَعي لبنان، بينما الزعماء وحَمَلة حقائبهم، ورجال الدّين، يتبارون في ميدان بعيد جدّا عن الميدان الذي يموت فيه اللبنانيّون ذلّا وجوعا. وفي الوقت نفسه يسطو الغرباء على رغيفنا، ويتناسلون فوق أسرّتنا، ونحن محكومون بالعُقم لأنّنا لا نملك ثمن الحفاض وعلبة الحليب لطفل.في غياب الرئيس الصالح ليكون على كرسيّ بعبدا، يحاول حزب الله الاستفادة من الوقت، لمزيد من التحكّم بالسلطة الشرعيّة اللبنانيّة، وهو صاحب دولة شيعيّة دينيّة، لها مقوّمات الدولة الأساسيّة، مِن أمن ومال وجغرافيا وامتداد خارجيّ، وإن كان جمهور شيعيّ واسع يرفض الانتماء إليها، ومن هذا الجمهور حركة أمل، مهما حاول الرئيس برّي تظهير الانسجام مع حزب الله.إذًا، ليس الانقسام مسيحيّا إسلاميّا، وإن كان عند البعض يأتي ضمن استراتيجية لا تفصل الدينيّ عن الزمنيّ، في سياق الطروحات الجهاديّة.لا شكّ في أنّ المواقف السياسيّة الوطنيّة ملحّة بشكل دائم، غير أنّ قدرة اللبنانيّين على الاستمرار في الحياة هي أولويّة أيضا، وثمّة عناوين ملفّات لم تعد معالجتها تحتمل التأجيل، ومنها:إعطاء الحدّ الأدنى، لكلّ العاملين، وفي كلّ القطاعات، الذي يوصلهم إلى الرغيف كفاف يومهم.تنظيم وجود النازحين السوريّين، والعمل الجدّي على مساعدتهم في العودة إلى بلادهم، إو الهجرة إلى بلدان أخرى.إعادة الحياة إلى المدرسة الرسميّة، التي تُعتبَر اليوم في غرفة العناية الفائقة، وعامُها الدراسيّ أصبح في خبر كان، بعد تسييس مشاكلها، ومشاركة السيّد حسن نصر الله في الضغط على مَن يمُون عليهم من المعلّمين بكلام يكتسب طابع التكليف الشرعيّ.قدَّموا الساعة أم لم يقدّموها، لا نفع لهم، أمس واليوم وغدًا، لأنّ ماركة ساعتهم... الجريمة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa