ميقاتي بعد «أزمة الساعة» ليس كما قبْلها! لبنان: «القلوب المليانة» انفجرت في البرلمان... شتائم وصراخ وتلويح باستقالاتٍ

29/03/2023 06:35AM

كتب وسام أبوحرفوش وليندا عازار في "الراي الكويتية":

- علي حسن خليل «ردّينا لأننا لا نقبل المساس بكرامتنا» ويعتذر من زملائه عن «الصوت العالي»

تَجاوَزَ لبنان «منطقةَ الخطر» التي سار فيها على حافة توتر عالٍ مدجّج بكل فتائل التفجير السياسي - الطائفي، لكن ارتدادات «معركة الساعة» التي دارت في أكثر من «ساحة» بدت أبعد من أن تنتهي بمجرّد أن أعاد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عبر مجلس الوزراء، عقارب الزمن اللبناني إلى التوقيت الصيفي بعدما كان تفرَّد، بشراكةٍ مع رئيس البرلمان نبيه بري، بتمديد التوقيت الشتوي حتى نهاية رمضان المبارك.

وإذ تُعِدُّ «بلاد الأرز» العدّةَ لتوحيد «مَناطقها الزمنية» ابتداءً من منتصف ليل الأربعاء - الخميس بتقديم الساعة ساعة واحدة فيَسقط رسمياً ما بدا «جدار برلين» زمني قسم لبنان على توقيتين وفق ترسيماتٍ من دفاتر الحرب الغابرة بين «شرقية» (المناطق المسيحية) و«غربية» (المناطق المسلمة)، فإنّ ميقاتي الذي كان أكثر الخاسرين من قرارٍ أساء تقديرَ تداعياته ويخشى البعض أن يكون ثمة «سوء نية» وراء حضّه على اتخاذه ربْطاً بـ «القلوب المليانة» بين أطراف وازنة على خلفية الأزمة الرئاسية، خَرَجَ من هذه «التجربة» بصدمةٍ وشعور بالمرارة حيال «التهشيم» الذي تَعَرَّضَ له وظهورِ «أنياب» طائفية حاولت أن تغرز في الجسم اللبناني المُنْهَكِ بالانهيار الكبير والذي ينزف... من الوريد إلى الوريد.

وعَكَسَ كلامُ ميقاتي بعد «جلسة الساعة» لمجلس الوزراء فداحة الموقف الذي وَجَدَ نفسه فيه، يواجه وحيداً:

- «كرة نار» طائفية كانت تتدحرج في طول البلاد وعرْضها من خلف «عصيان» مذكرة تأجيل اعتماد التوقيت الشتوي حتى ليل 20 - 21 ابريل والذي ظلّلتْه الكنيسة وسط عدم تورّع أطراف مسيحية عن دخول «مناطق محرّمة» في خطابها.

- مؤشرات «انشقاق» وزاري داخل حكومة تصريف الأعمال يُلاقي «التشققات» الطائفية، وإن كانت خلفياته انطلقت من استشعارٍ بمخاطر ترْك البلاد تنزلق إلى نقطة اللاعودة والانفجار الشامل.

لكن ميقاتي، الذي لم يظنّ أيضاً أن خطوته ستضع المكوّن الذي يمثله في النظام اللبناني وتوازناته على خط صِدام طائفي لم يألفه ومن شأنه جرّه ليتحوّل «كيس رمل» عن آخَرين تشكّل أدوارهم في الداخل والخارج جزءاً أساسياً من الأزمة اللبنانية في بُعدها السياسي، أعطى إشاراتٍ إلى أن عدم الاعتكاف عن تصريف الأعمال الذي كان لمّح إليه في بيان ليل السبت، حين أعلن إلغاء جلسة كانت مقررة الاثنين للحكومة لبحث ملفات معيشية ملحة، لا يعني على الإطلاق عودة العمل «وكأن شيئاً لم يكن» بعد «عاصفة الساعة».

وبدا واضحاً من مواقف ميقاتي بعد جلسة الحكومة التي ثبّتت سريان التوقيت الصيفي ليل 29 - 30 مارس، أنه أحْدث ما يشبه «ربط النزاع» مع المرحلة المقبلة التي سيديرها وفق «تضييق تصريف الأعمال» وعلى قاعدة عدم ترْكه في «بوز المدفع» لوحده، فيما «أصل المشكلة» في تمادي الأفرقاء السياسيين في تعطيل الاستحقاق الرئاسي، مع «رسائل» لافتة وجّهها إلى الكنيسة المارونية ضمناً والقادة المسيحيين عن مسؤوليتهم الرئيسية في الدفع نحو مَخرج للمأزق الرئاسي، قبل أن يختم كلمته «أسهل ما يمكن أن أقوم به هو الاعتكاف عن جمع مجلس الوزراء، وأصعب ما أقوم به هو الاستمرار بتحمّل المسؤولية... قدرتي على التحمل قيد النفاد. المسؤولية مشتركة ولا يمكن أن تلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين أو مزايدين... اللهم اشهد أني عملت ما في وسعي فلا تكلفني ما لا طاقة لي به».

ولم يكن عابراً ما نقله موقع «لبنان 24» (محسوب على رئيس الحكومة) عن أوساط حكومية معنية من أن «رئيس الحكومة منزعج جداً من الحملة التي أعقبت القرار الاستثنائي الذي صدر عنه في شأن التوقيت الاستثنائي، وأخْذ الأمور على غير منحاها الطبيعي كتدبير اداري موقت لم يكن الأول من نوعه»، مشددة على «أن ميقاتي منزعج أكثر من المزايدات التي برزت من أطراف سياسية ممثلة بالحكومة، استبقت المشاورات التي كانت بدأت لإيجاد حل، بإطلاق مواقف تصب في اتجاه إضعاف المعالجة الحكومية ومسايرة الموجة الشعبية المفتعلة بهدف المزايدة الشعبية ليس إلا».

وكشفت أن «رئيس الحكومة أبلغ المعنيين صراحة أنه ما حصل من مزايدات وحملات سيدفعه الى اعتماد نمط جديد في التعاطي الحكومي خلال مرحلة تصريف الأعمال، وأنه كاد أن يعلن عما يعتزم القيام به، الاثنين، لكنه آثر العدول عن ذلك وترك قراره يأخذ سياقه الطبيعي بهدوء من دون اعلان».

ونفت الأوساط أن «يكون رئيس الحكومة، قد هدد بالسفر وعدم العودة إلى لبنان الّا لتسليم دفّة المسؤولية بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، كما تردد في إحدى الصحف، واضعة هذه الاخبار في سياق«الفقاعات الاعلامية»بحثاً عن«سكوب ليس إلّا».

لكن الأوساط شدّدت على أن«رئيس الحكومة هو وحده مَنْ يُقرّر وتيرة عمله في تصريف الأعمال، وليس أحد سواه، ولن يقبل بعد اليوم أن يتحمل بصدره تبعات تقصير الآخَرين عن القيام بواجباتهم او سعيهم للهروب من مسؤوليتهم عن أي أمر برميها على رئيس الحكومة».

وأسفت الأوساط في الوقت ذاته لاعتقاد بعض الاطراف السياسية انها انتصرت في «معركة الساعة».

واعتبرت أن «الاتصال الذي أجراه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي برئيس الحكومة عقب صدور القرار الحكومي الاثنين شكل خطوة إيجابية لإعادة تصويب الأمور والمضي في المعالجات المطلوبة لتداعيات ما حصل».

وكان الراعي أكد لميقاتي أن «لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة إلى المزيد من القرارات الحكيمة التي توحد اللبنانيين وتبعد كل أشكال الانقسام بينهم».

وشدّد رئيس الحكومة والبطريرك على «ضرورة تجاوز أي اختلاف في وجهات النظر بروح وطنية جامعة، بعيداً من كل معيار طائفي أو فئوي».

وجددا تأكيد «عدم إعطاء موضوع التوقيت الصيفي أي بعد طائفي أو فئوي» وتوافقا على أن«المدخل الاساسي لانتظام عمل المؤسسات الدستورية هو انتخاب رئيس للجمهورية».

اللجان المشتركة... انفجرت

وفيما كانت أزمة الساعة تخمد، انفجرتْ جلسة اللجان النيابية المشتركة«متأثّرة» بالمناخ المشحون الذي ساد في الأيام القليلة الماضية.

ودارت في الجلسة «اللاهبة» مواجهتان: الأولى بالصراخ الذي بلغ دويّه قاعة الإعلاميين بين النائب التغييري ملحم خلف والنائب غازي زعيتر (من كتلة بري) على خلفية كلام الأول عن أولوية الانتخابات الرئاسية على أي عمل تشريعي للبرلمان.

والثانية تردّد أن تضارُباً تخلّلها بين رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل والمعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل خلال نقاش حامٍ حول تمويل الانتخابات البلدية وهل يحتاج ذلك لجلسة عامة لمجلس النواب أو يمكن توفير الأموال من حقوق السحب الخاصة التي حوّلها صندوق النقد للبنان خريف 2021.

لكن تقارير أشارت إلى أن ضرباً على الطاولة وكلاماً نابياً سُجّل خلال «معركة الجميل - خليل» كما مبارزة خلف - زعيتر، وسط إعراب النائب هادي ابوالحسن (من كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط) عن أسفه لأن «الأجواء المشحونة» حول قضية الساعة انتقلت الى ساحة النجمة بفعل«القلوب المليانة»، فيما اعتبرت النائبة بولا يعقوبيان ان ثمة مَن يريد «جرنا الى ميني حرب أهلية لتطيير الانتخابات البلدية (تنتهي ولاية المجالس نهاية مايو)».

أما النائب الجميل فرفض كشْف ما حصل «لأننا لا نريد جر البلد الى فتنة وكان يمكن لما حصل أن يأخذ البلد الى مكان آخَر، وهناك تسجيلات وأدعو الرئيس بري لأخذ لتسجيل وأن يسمع. وبعد ان يسمع إذا كان يعتبر أن ما جرى يمرّ نكون أمام مسكلة كبيرة وأعتقد أن احداً لن يقبل. حصل مساس بالمقدّسات. وأتوجه للرئيس بري، إذا كان يريد فعلاً معالجة الأمر فهو يعرف كيف يتصرف، وإلا تكون وصلت الرسالة وعندها بالتشاور مع حلفائنا نرى ماذا سنفعل، لأن البلد لا يحتمل ولبنان بخطر والناس بخطر والمؤسسات بخطر ونحن بمنأى عن هذا النوع من المشاكل».

واضاف «إذا كان ما حصل تصرفاً شخصياً لنائبٍ فقد أعصابه فهذا أمر نمرّ فوقه. أما إذا كان يعبّر عن تَوجُّه سياسي بأن هناك مَن يتعاطى في البلد بهذا الشكل ويستعمل هذا المنطق وينظر للآخر بهذا الشكل، وإذا كان هذا أمر عام فهناك مشكلة كبيرة. ولن أدخل في التفاصيل والتسجيلات موجودة. وأتمنى نشْر التسجيلات».

وفيما اتصل بري بالجميل بعد مؤتمره الصحافي لاحتواء الموقف، أوضح مصدر نيابي لقناة «الجديد» أنّ "ما قاله النائب سامي الجميل حول المساس بالمقدسات خلال الاشكال، لم يكن يقصد به المساس برموز دينية، إنما استعيدت المرحلة السابقة، وجرى تناول رموز سياسية ما أدى إلى استفزاز كبير

وحين سُئل النائب المعارض ميشال معوض هل تتجه الى استقالات جَماعية، أجاب «لكل حادث حديث».

في المقابل، أكد النائب علي حسن خليل ضرورة تمويل الانتخابات البلدية من خلال جلسة تشريعية للبرلمان، سبق أن رفضت قوى المعارضة لاسيما الأحزاب المسيحية عقدها في ظل الشغور الرئاسي.

وقال «لا نريد منح صك براءة لاستخدام أموال حقوق السحب الخاصة. وأنا تحدثتُ بكل هدوء. والنائب الجميّل أخذ الإذن بالنظام للكلام وقال إنه المعنيّ بما قلتُه، فأجبتُ بأن مَن قصدته هو رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، فأصرّ الجميل واعتبر انه المستهدَف. ولا أحد يظن في البلد ان باستطاعته المساس بكرامتنا ومعنوياتنا أو يُشكك بالتزامنا الدستور من دون أن يُرد عليه. ولا يمكن لأحد أن يوجه اتهاماتٍ لطرف ولا يُردّ عليه بكل وضوح وصراحة. نعم حصل صوت عالٍ، عندما تجاوز زملاء حدود الزمالة باتهاماتٍ كان لا بد من الرد عليها».

اضاف «إذا كان زملائي الذين شهدوا على المنطق القانوني والسياسي الذي نقوله قد انزعجوا ربما من الصوت العالي، أقول أعتذر منهم، ولكن لن أقبل بأن يكون هناك مساس بمعنويتنا أو كرامتنا بأيّ شكل».


المصدر : الراي الكويتية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa