نقابة المحامين: من أمّ النقابات إلى أمّ المعارك!

18/04/2023 09:05AM

كتبت إيفانا الخوري في "السياسة": 

عبر استبدال عبارة "يُستحسن إعلام النقيب" بعبارة "الحصول على إذن مسبق من النقيب، قبل أيّ إطلالة إعلامية وقبل نشر أي تغريدة أو ملصق وحتّى قبل المشاركة في أيّ ندوة ذات بُعد قانوني أو إبداء رأي قانوني" انقلب الوضع في نقابة المحامين رأسًا على عقب. 

وبعدما كانت نقابة المحامين الحصن الأول في الدفاع عن الحريّات، يشكو محامون كثر بصمت التعديلات الجديدة مفضلين عدم الكشف عن أسمائهم ولا "تكبير الأمور أكثر" في هذه الفترة الحسّاسة. غير أنّ الاتهامات التي طالت نقيب المحامين ناضر كاسبار بالتسلّط والديكتاتورية وبأنّ الإجراءات الجديدة تضرب مستوى النقابة ولا ترقى إلى مستوى المنتسبين إليها هي اتهامات ساقها محامون ينتظرون بشدّة الانتخابات المقبلة ليردوا الصاع صاعين وفقًا لما رَصدته "السياسة" في الأروقة. 

قبل أسابيع بُلّغنا كوسائل إعلام بأنّ حديث القانونيين إلينا لم يعد سهلًا بل صار يستوجب الاتصال بنقيب المحامين وإبلاغه بالتفاصيل لأخذ الإذن وإلّا الإجراءات التأديبية حاضرة. وبالتالي غُيّب الرأي القانوني عن الساحة المحلية الساخنة، فيما يشدد محامون سرًا لـ "السياسة" على أنّ أخذ الإذن أشبه بالرقابة المسبقة على مضمون الحديث وهو تقييد لحق المحامين بإبداء الرأي كأي مواطن آخر. 

القرار الجديد: كلام حق يراد به باطل؟

تقول مصادر لموقعنا إنّ قانون تنظيم مهنة المحاماة واضح وهو يمنع المحامي من اللّجوء إلى الدعاية والترويج لنفسه جذبًا للزبائن ومن هذه النقطة انطلق مجلس النقابة وأصدر قراره الأخير معتبرًا أنّ المحامين الذين تربطهم علاقات وطيدة بأهل الإعلام أو الذين لهم القدرات المادية لذلك يحتلون شاشات التلفزة وبالتالي يؤمنون لنفسهم شهرة كبيرة تجذب لهم الزبائن على حساب محامين آخرين ما يخلّ بمبدأ المساواة. غير أنّ الأسباب المنطقية هذه تسقط عند الحديث مع المحامين المعارضين للإجراءات الجديدة إذ يربطونها بلوبي المصارف في النقابة ويشددون على أنّ هذا القرار أتى بعدما امتعضت المصارف كثيرًا من مداخلات المحامين الذين كشفوا تجاوزاتها وبالتالي فإنّ ما يحصل اليوم هو تكميم أفواه مقونن ومدروس الأسباب بدّقة. 

ورغم هذا الموقف، إلّا أنّ المصادر تشير أيضًا إلى أنّ لا أحد ينكر أنّ الأيام الأخيرة شهدت فوضى كبيرة قبل إصدار هذا القرار وكان بعض المحامين يكيلون بالاتهامات إلى جهات عديدة من دون أن يكون لديهم أي دليل لكنّ الطريقة التي فُرض بها القرار ومضمون الإجراء الجديد خاطئ تمامًا. 

طعونات واستدعاءات.. نقابة المحامين في مشهد غريب!

قبل ثلاثة أسابيع تقدم ١٥ محاميًا بطعن أمام محكمة الاستئناف المدني في بيروت لفسخ قرار مجلس نقابة المحامين الأخير الذي يقيّد حرية تعبير المحامين في الإعلام والندوات ويربط هذه الحركة بشرط الحصول على إذن مسبق من النقيب. وفي الأسبوع الماضي كانت الجلسة الأولى العلنية برئاسة القاضي أيمن عويدات وعضوية المستشارين القاضيين حسام عطالله وكارلا معماري. 

في الجلسة الماضية كانت نقابة المحامين ممثلة عبر المحاميين وجيه مسعد ومايا زغرين. وقد حضر المحامون: جاد طعمة، نجيب فرحات، ملاك حمية، وديالا شحادة، واصف حركة، حسن بزي، عروبة الحركة، حسام الجواد، مريم بوتاري، ونزار صاغية عن المستأنفين، والمحامي سعد الدين الخطيب عن نقابة المحامين. ومقابل المرافعة الخطية التي تقدم بها فريق المحامين الأول ترافع المحامي نزار صاغية شفهيًا مفندًا أسباب الطعن من دون أن يعرف أنّ خطوة روتينية ستُشعل حربًا نقابية من نوع آخر. 

وفيما حُددت الجلسة المقبلة في ٤ أيار فإنّ القضية اتخذت مسارًا آخر وذلك مع استدعاء المحامي نزار صاغية لجلسة استجواب في العشرين من الشهر الجاري بالإضافة إلى محاميين اثنين انضما إلى القائمة وهما المحاميين حسين رمضان ويوسف الخطيب. واللّافت أنّ الخطيب سيحضر أمام مفوض قصر العدل عماد مارتينوس اليوم الثلاثاء ومثله رمضان غير أنّ سبب استدعاء الأول يرتبط بمناشير على فيسبوك تحدثت عن تردي أوضاع المحامين المتقاعدين المعيشية فيما كلّ الرسوم يدفعها المحامون بالدولار للنقابة وحتى التأمين الصحي. واللّافت أنه وفقًا للمصادر قد تواصل البعض مع الخطيب لإزالة المناشير غر أنه رفض ذلك، وهو أسلوب عهده ناشطون مناهضون لأحزب الدولة التقليدية. 

أسبوع مصيري والرد في الصندوق

تشير المصادر إلى أنّ الأمور لن تتطور أكثر ولن يتجرأ مجلس النقابة على اتخاذ إجراءات تأديبية حادّة لأنّ ذلك سيعني حصول انشقاق نقابي كبير لا يتحمله أحد. ومن الممكن أن تكون هذه الخطوة للتهويل على المحامين وإخافتهم وبالتالي إلزامهم بالالتزام بقرار النقابة حتى يتمكنوا من استكمال أداء مهامهم. 

ويقول المحامون الذين تحدثت معهم "السياسة" إنّ صمت المحامين حاليًا ليس نابعًا من عجز بل لأنّ مهلة النقيب والمجلس الحالي شارفت على نهايتها وصارت المعركة النقابية على بعد أشهر وأكثر احتدامًا. ومع التشديد على أنّ "الأمور لهلق مش حرزانة"، تعود المصادر ذاتها لتربط كلّ التطورات المقبلة بنتيجة هذا الأسبوع المصيري فإذا بالغ مجلس النقابة برد فعله فإنّ التصعيد في المقابل لن يكون بعيدًا وستتحول عندها نقابة المحامين من "أم النقابات" إلى "أم المعارك". 


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa