هل سلامه والسياسيّون يلفّهم الحزام الناسف نفسه؟

03/05/2023 05:54PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

إنّ ثبات سعر صرف الدولار في السوق السوداء، سحابة شهر وأكثر، يوحي بأنّ حاكم مصرف لبنان وبعض النافذين في السلطة السياسية والمصرفيّة قادرون على التحكّم بسعر الصرف الرسميّ المتعدّد والأسوَد أيضا.

ليس هذا الإيحاء مخادِعا، إنّما هو حقيقة، غير أنّها مؤذية ومُخادِعة أيضا، لأنّ تدخُّل المصرف المركزيّ لا يمكن أن يستمرّ، باعتبار عجز ما فيه من رصيد بالدولار يمنعه من أن يكون سيّد الموقف الدائم في سوق المال اللبنانيّة.

إذًا، لماذا الثبات الذي نشهده في سعر الصرف؟ وماذا بَعدَه؟ ولماذا؟

لا شكّ في أنّ قرارا سياسيّا ما، لتثبيت سعر صرف الدولار الأسود، بتغطية من الرئيس نبيه برّي، والرئيس نجيب ميقاتي، ومعظم القوى السياسيّة والمصرفيّة. وذلك لأسباب تتعلّق بما يواجهه القطاع المصرفيّ من هجمات قضائيّة أوروبيّة، بدأت من رأس الهرم المتمثّل بالحاكم سلامه، وقد لا تستثني أحدا يستدعيه مسار التحقيق الواسع والمتشعّب، والذي يتداخل فيه الماليّ والسياسيّ، إضافة إلى نيّة مشتركة في تمرير شهر رمضان بلا مفاجآت اقتصاديّة تزيد الطين بلّة. وليس خافيا ما يُخَطَّط بسرّيّة تامّة، في مرحلة قد تكون انتقاليّة على مستوى حاكميّة مصرف لبنان، وقد تكون منتهية بتجديد لسلامه. وهكذا، تكون عدّة عوامل مساهِمة في تصبير الدولار الأسوَد مرحليّا، بعيدا من أيّ حلول جذريّة، أو صمّامات أمان تخلّص اللبنانيّين من كابوس ارتفاع سعر صرف الدولار الأسود.

إنّ لجم الدولار الأسود، لِما يزيد عن شهر، لا يعني إلّا واحدا من اثنَين: فإمّا أن تكون السلطة السياسيّة والمصرفيّة قد أمسكت الزجاجة من عنقها، والآتي يتّجه نحو الانفراج الماليّ والاقتصاديّ، وإمّا أنّ الأمور لا تزال على ما هي عليه سابقا، وبالتالي فإنّ ارتفاع صرف الدولار الأسود سيعود ويتصدّر لائحة الهموم اللبنانيّة عاجلا أو بعد حين. وفي هذا السياق، يُثبت عجز السلطة السياسيّةالسلطة السياسيّة عن ضبط الحدود مع سوريا، وانتخاب رئيس للجمهوريّة، وإجراء الإصلاحات المصرفيّة... أنّ الاحتمال الثاني المتمثّل بعودة جنون الدولار الأسود هو الأقرب إلى الواقع، وهو المنتَظر بخوف كبير.

ولا شكّ في أنّ ما يجري على هذا الصعيد محاط بضبابيّة سياسيّة كبيرة، إذ من المنطقيّ أن تكون المفاوضات بين الداخل اللبنانيّ والخارج، لا سيّما على مستوى فرنسا وأميركا، على قدم وساق، فاستدعاء رياض سلامه إلى التحقيق من القضاء الفرنسيّ ليس مسألة كلاسيكيّة، ولا يمكن التكهّن سلفا بنتائجه، لأنّ الملفّ الماليّ عندنا مرتبط مباشرة بالملفّ السياسيّ، والحاكم سلامه ليس حاكم لبنان بالمعنى السياسيّ، فلَه شركاء وزبائن ومستفيدون من أهل السياسة.

واللبنانيّون ينتظرون يوما بعد يوم اللحظة التي ستجعلهم يشعرون بأنّ ما حصلوا عليه من زيادة رواتب وأجور لم يكن سوى "وعد سحابة لم تمطر"، عندما يحلّق الدولار الأسود مجدّدا، ويُستأنَف التهويل السياسيّ.

والمُحصِّلة أنّ رياض سلامه في خطر، فهل ينقذه أهل السياسة بِحكم الشراكة، أم أنّهم سيتخلّون عنه؟ أم أنّهم وإيّاه سيبحثون عن المخرج المناسب للجميع؟

وفي المقابل، هل يسكت سلامه إذا تُرِك وحيدا؟ أم أنّه سيستعمل حزامه الناسف على قاعدة عليّ وعليهم؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa