هل من سباق بين القضاء الفرنسيّ وكاتِم الصّوت؟

25/05/2023 10:30AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

لا شكّ في أنّ القاضية الفرنسيّة "بوريزي" وضعت حدًّا نهائيّا لمسيرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، واستطاعت أن تجعله مطارَدًا في كلّ الكرة الأرضيّة. ولا شكّ، أيضا، في أنّ السلطة اللبنانيّة الفاسدة تحاول، قدر الإمكان، تخبئة سلامه بِرُوب القضاء اللبناني من القضاء الفرنسيّ، والعالميّ، إذا جاز التعبير.

صحيح أنّ القاضي قبلان حجز جوازَي سفر سلامه: اللبنانيّ والفرنسيّ، وجعلَه أسير الأراضي اللبنانيّة، إلّا أنّ هذا القرار بحدّ ذاته هو شكل من أشكال الحماية لسلامه، المطلوب من خارج لبنان، وليس من داخله. فماذا سينتظر الحاكم بأمر الدولار في الأيّام الآتية؟ وهل ستكون حياته بِخطَر؟

لا يحتاج أحد إلى دليل ليُثبت أنّ القضاء اللبنانيّ، في مواضع كثيرة، أداة طيّعة في أيدي أهل السياسة عندنا. فالقضاء الذي حاول، في أحد مواضعه الحُرّة، متمثّلا بالقاضي طارق البيطار، الاتّجاه نحو الحقيقة في قضيّة تفجير مرفأ بيروت، انقضّ عليه السياسيّون بطريقتَين: إحداها علنيّة وهجوميّة وتهديديّة، أبطالها من فريق الممانعة، الذي حمى المتّهمين، وأعاد إيصالهم إلى المجلس النيابيّ، وأثبتَهم في لجنة الإدارة والعدل، على عينك يا تاجر، والأخرى غير مباشرة، أبطالها من الفريق "السياديّ"، الذي أوحى بخطابه أنّه مع الوصول إلى حقيقة التفجير، غير أنّه احترف "التطنيش"، والتنازل لغايات انتخابيّة ومُحاصَصاتيّة، فعلى سبيل المثال، نرى النائب القوّاتيّ جورج عدوان رئيسا للجنة الإدارة والعدل، في تزكية من الرئيس برّي، وفي اللجنة النائب علي حسن خليل المستدعَى في ملفّ تفجير المرفأ...

ليس واضحا، حتّى الآن، اتّجاه القضاء اللبنانيّ في ملفّ سلامه. لكنّ الواضح أنّ إخراج القاضية غادة عون من سلك القضاء "تأديبًا" أتى لصالح سلامه والمصارف وبعض الجهات السياسيّة. وفي هذا السياق، قد يستمرّ القضاء في تغطية حاكم المصرف إلى أن يتمّ إخراج طريقة انسحابه من المشهد الرّسميّ، وذلك لاعتبارات متعدّدة، أهمُّها قدرة سلامه على ربط نفسه مع الكثير من السياسيّين بالحزام الناسف نفسه، وهنا سيتفنّن البارعون في تدوير الزوايا، لإنهاء سلامه والانتهاء من خطره عليهم بالطريقة المناسبة.

وأمام هذه التطوّرات، لا بدّ من أن تكون حياة سلامه بخطر، لكنّ السؤال المطروح: مَن يستطيع حمل دمه في زمن المفاجآت والتسويات الكبرى؟ وهل سلامه غير واعٍ لهذا الخطر؟

إنّ لاعبا محلّيّا وإقليميّا ودوليّا عتيقا، بحجم سلامه، لا يترك نفسه مهدَّدا إلى هذا الحدّ، وقد تكون علبة أسراره صارت منذ فترة في أيدٍ أمينة، فالرّجُل قادر على شيء من المواجَهة الموجِعة حين يكون رأسه على المقصلة، لذلك تُستَبعَد تصفيتُه جسديّا، باعتبار أنّ القضاء الخارجيّ الذي يطلبه للمحاكمة، يؤمّن سلامته الشخصيّة بطريقة غير مباشرة، لأنّ مَن يفكّر باغتياله قد يكون مطلوبا أيضا في المرحلة التي تلي اعتقال سلامه الذي سيجرّ خلفَه مِن تدلّ عليه أصابع الملفّ الضخم.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa