حزب الله يَخضع للتّسويات... لا للقضاء

05/06/2023 07:12AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

لا مفاجأة في ردّ حزب الله على القاضي فادي صوّان، بعد تداوُل إعلاميّ في مسألة اتّهام عناصر تابعة للمقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، في قتل الجنديّ الإيرلنديّ المنتمي إلى قوّات حفظ السلام عندنا. وذلك، لأنّ السيّد حسن نصر الله واجَه القاضي طارق البيطار بِكلّ ما أُوتِي من قوّة، لكفّ يده عن التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، واستطاع هو ومَن يمُون عليهم سياسيّا تكبيل البيطار بهرطقات قانونيّة كثيرة، منعا له من الوصول إلى الحقيقة التي لا تُريح الحزب وحلفاءَه، وخوفا من أن يكون في لبنان سابقة قضائيّة يؤسَّس عليها، وتجعل أصحاب الدويلة وجماعاتهم في مرمى مؤسّسات الدولة، لا سيّما القضائيّة. وكيف لا؟ وهم العُصاة والمتمرّدون على قرارات دوليّة تقضي بحصر السلاح في يد الدولة اللبنانيّة، وتُحظّر استعماله في اتّجاه الخارج والداخل على حدّ سواء.

ولا شكّ في أنّنا سنَشهد تصعيدا، في موازاة السَّير القضائيّ في جريمة اغتيال الجنديّ الإيرلنديّ، وليس من الواضح حتّى الآن طريقة الالتفاف على القاضي صوّان، غير أنّ الاجتهادات والإجراءات ذات الطابع "القانونيّ" جاهزة، من خلال المواقع القضائيّة التي تعمل لصالح النفوذ السياسيّ، وتحديدا نفوذ فريق الممانعة، وفي مقدّمهم حزب الله.

لقد كانت المقاومة الإسلاميّة سَبّاقة في رسم المشهد للقاضي الذي سيتولّى الملفّ، وما عليه سوى تبنّي ما يقوله الحزب، ومُختصَرُه أنّ الأهالي، وبردّة فعل عفويّة، قامت بالاحتجاج على مرور الدوريّة في بلدتهم، وكان ما أدّى إلى وفاة الجنديّ الإيرلنديّ. وما عدا ذلك من كلام قضائيّ، يعتبره حزب الله حربا عليه، وبالتالي لن يدعه يمرّ بسلام.

ومن مصلحة حزب الله أن تتولّى ملفّ "العاقبيّة" محكمة دوليّة، أوّلا لكسب الوقت الطويل، وثانيا لأنّ قراراتها وأحكامها تصل إلى لبنان حبرا على ورق، كما سبق وحدث في قضيّة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

عمليّا، لا يتأثّر الحزب بالضغط القضائيّ، فداخليّا هو محصَّن بقضائه، أو بقضاته إذا جاز التعبير، وخارجيّا هو في مأمن، باعتباره يتلقّى معنويّا ما يصدر عن القضاء الدوليّ، ويبقى في منأى عن التنفيذ في لبنان، لأنّ السلطات اللبنانيّة، على اختلافها، تستجيب لنفوذه السياسيّ والأمنيّ.

وأصبح من المتوقَّع دائما خضوع حزب الله نتيجة تسويات دوليّة، كما حصل في ترسيم الحدود البحريّة مع العدوّ الإسرائيليّ، على حساب سيادة لبنان والسطو على ثرواته، لأنّ إيران اتّفقت مع أميركا على هذه المسألة، وحين تقرّر ولاية الفقيه تلتزم المقاومة الإسلاميّة المؤتمِرة لبنانيّا. لكنّ الاستجابة للقضاء فتلك مسألة مختلفة، ولَن تحصل، فإمّا أن يتبنّى القاضي صوّان، أو القاضي البيطار، ما يُعلنه حزب الله، وإمّا أن تكون المشيئة غير القضائيّة نافذة على الأرض.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa