الأسر تصارع للبقاء: بيع الممتلكات لمواجهة الفقر

10/07/2023 07:03AM

جاء في "الاخبار":

تُضطرّ أسرتان من خمس في مختلف أنحاء لبنان، إلى بيع ممتلكاتها من أجل توفير سبل البقاء على قيد الحياة، بعدما كانت أسرة واحدة فقط من خمس تفعل ذلك خلال العام الماضي، بحسب نتائج الاستطلاع الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» في الشهر الماضي. لم يُذكر نوع الممتلكات التي تُباع، ولا قيمتها المادية، لكن نتائج الاستطلاع تقدّم صورة مقلقة عن طبيعة التكيّف مع مفاعيل الأزمة وما تسبّبه من استنزاف لما تبقّى من ثروة الأسر وآخر مواردها في مواجهة الفقر.

على مدى أكثر من أربع سنوات من عمر الأزمة النقدية والمصرفية، حاول المقيمون في لبنان، التكيّف مع مفاعيل الأزمة ضمن الحدّ الأدنى من المرونة. أي إن بيع ممتلكاتهم لم يكن الخيار الأول، بل حصلت محاولات أخرى على جانبي الدخل والنفقات، من ضمنها البحث عن دخل إضافي، أو تحويل الدخل إلى الدولار النقدي لأصحاب المهن الحرّة، وصولاً إلى التقشّف في المصاريف، والهجرة. لكنّ تضخّم الأسعار وتسارعه كان أكثر وطأة على قدرات الأسر، ولا سيما «في ثلاثة قطاعات هي: الصحة، التعليم، والهجرة» بحسب المستشار في التنمية أديب نعمة. ففي عام 2020 كان معدّل التضخم 85%، وفي السنة التالية بلغ 154.8%، ثم ارتفع إلى 171.2% في عام 2022، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يسجّل في نهاية عام 2023 نحو 296% (التضخّم التراكمي سجّل ارتفاعاً في الأسعار بنسبة 3857% منذ نهاية عام 2018 لغاية أيار 2023، أي تضاعفت الأسعار 38 مرّة، بينما سعر الدولار تضاعف 59 مرّة إذا اعتبرنا أنه شبه مثبت على سعر أقلّ من 95 ألف ليرة كما في آخر ثلاثة أشهر). ففي المقابل، لم تزدد الأجور بهذه النسب، بل انسحقت القدرات الشرائية للمقيمين في لبنان.

التكيّف الأقصى

في ظل هذا التضخّم الهائل، ظهرت آليات التكيّف لدى الأسر، خارج حدود التخلّي عن الممتلكات، بلا جدوى كبيرة. فالأزمة لم تؤدّ إلى التضخّم فقط، بل خلقت انكماشاً اقتصادياً هائلاً، فيما أحجمت السلطة السياسية عن تصحيح الأجور بما يتناسب مع التدهور في القوّة الشرائية.

177 ضعفاً

هي الزيادة التي لحقت بأسعار الغذاء بين نهاية كانون الأول 2019 ونهاية أيار 2023 بحسب أرقام الإحصاء المركزي، أما كلفة الصحة فقد زادت 30 ضعفاً، وكلفة التعليم أربعة أضعاف (كلفة التعليم تُضاف مرّة واحدة سنوياً ولا تتضمن الزيادات للعام الدراسي المقبل). هذه الأرقام قد تفسّر جانباً من سلوك الأسر في التخلّي عن الممتلكات لتغطية حاجات الغذاء أولاً والتخلّي عن الصحة والتعليم

لذا، فإن لجوء الأسر إلى ما تملكه من ثروة احتياطية هو آلية التكيّف القصوى، سواء كانت ممتلكات عقارية، أو ذهباً، أو سيارة... فعلى سبيل المثال، ريم باعت خاتم الذهب عندما احتاج والدها إلى عملية جراحية وتقول: «لم يكن هناك متّسعٌ من الوقت لأقصد الجمعيات، ولو وضعت راتبي بالكامل لا يكفيني لتغطية المبلغ الذي تطلب المستشفى إيداعه قبل الدخول، لذلك لم أجد أمامي غير هذا الخيار». وخلال أزمة المازوت التي أدّت إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل، لم تجد كثير من العائلات اللبنانية غير مدّخراتها من الذهب لشراء نظام طاقة شمسية. «تخلّت النساء عن حليّها وأساورها لتركيب ألواح الطاقة الشمسية بعدما توقفت مولدات الكهرباء عن العمل نهائياً»، بحسب سناء من الدوير. إلى جانب ذلك، ثمة من باع سيارة، سواء كان لديه أخرى أو اكتفى بلا وسيلة نقل واستعمل رأس المال بعدما أصبح عاجزاً عن احتمال كلفة الصيانة والتشغيل. كريم، مثلاً، باع سيارته واستثمر الأموال في استكمال بناء منزل. فعلها قبل أن تحلّ الأزمة وتتهاوى قيمة راتبه في مؤسسة الجيش وترتفع أسعار مواد البناء.

وهناك من تخلّى عن ممتلكات لم يخطر على باله يوماً أن يعرضها للبيع أو أن يجد من يشتريها. فمنذ سنتين، أنشأت صابرين ثلاث مجموعات على واتساب من أجل «بيع أي شيء مستعمل بدءاً من الحذاء إلى الطنجرة والفناجين والألعاب والسرير وصولاً إلى محرّك سيارة». وتؤكد أن «حركة البيع قويّة، ويزداد الناس الذين يعرضون أغراضاً ما عادوا بحاجة إليها أو يتخلون عن أغراض لأنهم بحاجة إلى ما هو أهم منها، مثلما تخلّت سيدة عن سجادة في الشتاء لتشتري بثمنها سترات وأحذية (بوطات) شتوية لأحفادها». تختلف الاحتياجات التي تدفع الناس لبيع مقتنياتها: «هناك سيدة باعت جهاز طفل كامل مقابل 5 ملايين ليرة واشترت بها كتباً وقرطاسية، وأحياناً تكون المطالب بسيطة جداً، إذ قصدتني سيدة مسنّة ومعها كيس من الملابس تريد بيعها لتحضّر لابنها القادم من الخدمة العسكرية طبخة يحبّها».

لقراءة المزيد اضغط على المصدر.

المصدر : الاخبار

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa