بَين فخامة السّيّد... وسيّد الفخامة

10/07/2023 05:42PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

إنّ منطق الأمور يقول بضرورة حضور الجلسة الثانية، لانتخاب رئيس جمهوريّة، أيًّا تكن النتيجة. غير أنّ جماعة الممانعة، بقيادة السيّد حسن نصر الله تعتمد سياسة قطع الطريق على النوّاب الذين يريدون الذهاب في اللعبة الديمقراطيّة، والدستوريّة إلى النهاية.

صحيح أنّ الخلاف كبير، بين فريق الممانعة وفريق "السيادة"، حول أيّ رئيس مطلوب إيصاله إلى بعبدا، وصحيح أنّ نوّابًا لا يزالو يقفون في المنطقة الرّماديّة بين الفريقَين، لكن لا حلّ إلّا بالانتخاب النظيف، أي بلا تعطيل وقطع طرُق. وإن لم يحصل ذلك، والأرجح أنّه لن يحصل، فنحن أمام خيارَين لا ثالث لهما: إمّا أن يستمرّ الفراغ الرّئاسيّ طويلا، وإمّا أن يتمّ التوافق على اسم من خارج لائحة المرشّحين السابقين، الذين ملأوا الوقت المطلوب مَلؤه، أو كانوا محاولات لمعرفة أحجام القوى الانتخابيّة.

وفي حال حدث التوافق، سنكون في سياق تطبيع لكلّ ما نحن عليه الآن، لأنّ الرئيس التوافقيّ يعني الرئيس الذي لا يُزعِل أحدا، وبالتالي لا يستطيع المواقف الوطنيّة الملحّة، وإطلاق ورشة بناء المؤسّسات، ومواجهة الأزمة الاقتصاديّة القاتلة...

لقد فشل المبعوث الفرنسيّ لودريان في مسعاه الرئاسيّ اللبنانيّ، لاصطدامه بثنائيّة متعارضة على مستوى الطروحات، وهو وإن استطاع سحب الوزير السابق سليمان فرنجيّه من حلبة المنافسة الرئاسيّة فليس له أن يمُون على حزب الله بالمرشَّح الآخَر، إلّا إذا كان على صورة فرنجيّه ومثاله، الأمر الذي يوحي بأنّ عربة الرئاسة تُصدِر ضجيجا كبيرا بين حين وحين لأنّها فارغة.

أمّا في الواقع، فإنّ السيّد نصر الله هو صاحب السيادة والفخامة في آن واحد. والفراغ 

بالنسبة إليه أفضل ألف مرّة من وجود رئيس في بعبدا، لا يستطيع أن يسيّره بآلة تحَكُّم، حفاظا على ما له من امتيازات ومكتسَبات تساعده على استمرار جهاده في الداخل اللبنانيّ، بعدما أتى ترسيم الحدود البحريّة المُهِين مع العدوّ الإسرائيليّ دعوةً إلى صواريخه لتنام نومة أهل الكهف.

من يحكم لبنان اليوم؟

واضحٌ أنّ صلاحيّات رئيس الجمهوريّة وخَتمه وحضوره هي موزّعة بِحكم الضرورة بين الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس نبيه برّي صاحب مفتاح المجلس الذي لا يفتحه إلّا بشروطه. وواضحٌ أيضا أنّ السيّد نصر الله هو مَن يحمي خاصرة ميقاتي وبرّي، وعليه فإنّهما لا يقطعان خيط القطن بلا موافقة الأمين العامّ للمقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان.

إذًا، عمليًّا، السيّد نصر الله هو المستفيد الأوّل من الفراغ الرئاسيّ، وسوف يستمرّ محتفِظا بمفتاح قصر بعبدا، حتّى يتمكّن مِن إيصال مَن يكون منتميا إلى حزب الله سياسيّا، ولا مشكلة في تعذُّر ذلك، فيبقى السيّد مالكًا رصيد الفخامة وحاجزًا إيّاه، مثلما تحجز المصارف أموال الناس وتضحّي بها وبهم إلى أجل غير مسمَّى.

لقد عشنا طويلا زمن فخامة السيّد، فهل سينجح هذا المجلس النيابيّ في إيصال رئيسٍ سيِّد إلى قصر بعبدا، وفي جَعلِنا نعيش زمن سيّد الفخامة؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa