الأطفال في الحضانات: الكاميرات مع بث مباشر تهديد أكبر لسلامتهم!

كتب فريديريك الخراط في "السياسة":

ما ان انتشر مقطع فيديو تعنيف الأطفال في حضانة Garderêve، حتى سارع اللّبنانيون لإدانة ما حصل وتحديد المسؤوليات. فمنهم من حمل الحضانات المسؤولية معتبرًا أنه أمر يتكرر في كل حضانة  ومنهم من حمل الأهل مسؤولية عدم التأكد من أهلية حضانة أطفالهم ومنهم من حمل الدولة المسؤولية الأكبر متهمًا إيها بالتقصير ومطالبًا بتشديد الرقابة على الحضانات أو تركيب كاميرات تؤمن البث المباشر والمستمر وتُظهر ما يحصل في كلّ زاوية. 

المستشار في الأمن السيبراني والتحول الرقمي رولان أبي نجم يقول لـ"السياسة": من الناحية القانونية هناك قوانين دولية وعالمية، منذ سنة ١٩٩٠ لحماية خصوصية الطفل وعدم الإضاءة على حياته الخاصة. ومع وجود الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وضعت قوانين دولية مثل GDPR (General Data Protection Regulation)  قانون حماية البيانات العامة) وقانون COPPA (Children online privacy protection act) لحماية خصوصية الأطفال وعدم التعرض لها".

ويضيف أبي نجم أن "هناك قوانين محلية تحمي الأطفال، ومنذ سنة ٢٠١٩ صدر تعميم عن وزير الصحة آنذاك غسان حاصباني يرتكز على اتفاقية الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة ١٩٨٩ ومن ثم انضم إليها لبنان عام ١٩٩٠ بموجب القانون ٢٠".

ويوضح أن "المادة ١٦ من الاتفاقية تنص على أنه لا يجوز التعرض لأي طفل في حياته الخاصة أو أسرته ويمنع أي مساس بشرفه أو سمعته. كما أن المادة ٣٤ من الاتفاقية تنص على حماية الطفل من كلّ أشكال الاستغلال الجنسي". 

ويلفت أبي نجم إلى أن "حاصباني ارتكز على هذه الاتفاقية لاتخاذ قرار بإجبار الحضانات على تركيب كاميرات تسجل ما يحصل في الداخل ٢٤/٢٤ ووصل كاميرات المراقبة بجهاز تلفاز يوضع في مدخل الحضانة ويُمكن للأهل المراقبة ومعرفة ما يجري في الداخل عبره". 

كما يلفت إلى أنّ "القانون في لبنان يلزم إدارات الحضانات بتجهيز غرفها بكاميرات مراقبة وفقًا للتعميم"، معتبرًا أنّ "الحضانة التي حصل فيها التعنيف، تعتبر مخالفة لتعميم وزارة الصحة".

ويشير إلى أنه "يمنع على أي شخص أن يكون له حق الوصول إلى التسجيل إن لم يكن مسموحًا له. كما يمنع تركيب الكاميرات داخل الحمامات وأماكن تغيير الحفاضات".

أما من الناحية التقنية فيشدد أبي نجم، على أن "أغلب كاميرات المراقبة يمكن قرصنتها، وهذا ما حصل في روسيا أثناء الغزو الروسي لأوكرانيا، حين اخترق الأنونيموس Anonymous كل كاميرات المراقبة داخل روسيا. فأطلقوا موقعاً مباشراً، جزّأ الكاميرات بين داخل وخارج، ومنازل أو مطاعم أو مدارس أو أمن. فأصبحت كلها مكشوفة ويمكن مشاهدتها".

وفي موضوع تحصين الكاميرات إلكترونيًا من جهة الأمن السيبراني، يرى أبي نجم أن "هذا يتطلب تكلفة عالية، من حيث الأجهزة والحماية، وعلى المستخدمين النهائيين أن يعملوا عليها. كما أنّ شبكة الانترنت يجب أن تكون محمية"، مشددا على أنه "ومهما كان الأمن الإلكتروني محميًا، يبقى احتمال الخرق كبيرًا، لذا إذا تم وصل الكاميرات بالانترنت فسيعرض ذلك أمن الأطفال وخصوصيتهم للخطر". 

ويختم أبي نجم: "اليوم نحن في عصر الذكاء الاصطناعي، إذ يتم تزوير فيديوهات وتزوير أصوات الأشخاص، ويتعرض الأهل للابتزاز "، ويوضح: "يمكن أن يكون الطفل في المدرسة، ويتصل المبتزون بأهله، معلنين خطفه بحيث يمكن سماعهم لصوته، فإذا أتيحت خاصية البث المباشر من الحضانات فستزداد الأمور سوءًا". 

تبقى حالة Garderêve واحدة من حالات كثيرة تحصل ولا يعرف بها المعنيون، ويبقى الأطفال عاجزين عن التعبير عما يعانون منه في كل يوم ووحدها الرقابة الصارمة قادرة على وضع حدّ لهذه التجاوزات.