إعتكاف القضاة: مطالب محقّة وحلول ترقيعيّة

20/09/2023 07:27AM

كتب طوني كرم في "نداء الوطن":

بعد انتظار طويل وتأمل من قبل القضاة المعتكفين في لبنان لوضع حلاً مناسبًا يضمن عودتهم إلى العمل بشكل لائق مع بداية السنة القضائية، قام رئيس مجلس القضاء الأعلى، سهيل عبود، بإلقاء كلمة أمام الجمعية العمومية يوم الاثنين الماضي. في كلمته، أشار إلى المعاناة التي يعيشها القضاة، مثلما يعاني باقي المؤسسات والقطاعات في لبنان نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. وقد ناشد القضاة بشدة بضرورة زيادة مستوى التضحية وروح المسؤولية لديهم، مع التركيز على مصلحة الموقوفين والمتقاضين والمحامين، بهدف تجنب بداية سنة قضائية متعثرة.

وبعد تقديم شرح مفصل حول الجهود التي بذلها مجلس القضاء الأعلى لتحسين ظروف العمل القضائي وضرورة تفعيله، كشف أحد القضاة المشاركين في الجمعية العمومية أن جهود المجلس تقتصر حاليًا على تأمين سلفة بقيمة ألف مليار ليرة لبنانية، والتي أقرتها الحكومة. تلك السلفة تهدف إلى توفير حلاً مؤقتًا لتغطية نفقات العلاج الطبي للقضاة وتكاليف التعليم لأولادهم، ولكنها تقتصر عادة على مدة تصل إلى خمسة إلى ستة أشهر على الأكثر. ويرى القضاة أن هذا لا يعالج القضايا الهيكلية المتعلقة بتحسين أجورهم. وبسبب هذا الوضع، قام مجلس القضاء بنقل هذه المسألة إلى وزارة المالية ومجلس النواب للبحث في تحسين الأجور وتعزيز ظروف العمل القضائي.

ومع التأكيد من قبل القضاة على أهمية أن تتم صرف رواتبهم بالدولار كما هو الحال مع رسوم كتّاب العدل وأتعاب المحامين، فإن المشاركين في الجمعية العمومية شعروا أنهم ما زالوا يتعاملون مع حلول مؤقتة تفتقر إلى الأثر الجذري، والتي غالباً ما تكون ذات مفعول قصير. وقد تم التشديد على هذا الأمر من قبل خمسة أو ستة من القضاة المتحدثين نيابةً عن 250 قاضيًا وقاضية آخرين، حيث طرحوا سؤالًا حاسمًا أمام رئيس مجلس القضاء الأعلى والمستشارين الأربعة الذين حضروا الجمعية العمومية: "ماذا ينتظرنا بعد انتهاء السلفة؟"

وبينما تجنب مجلس القضاء إعطاء إجابة نهائية حول هذا السؤال وأكد أن القرار في يد السلطة السياسية، طُلِبَ من القضاة المعتكفين العودة إلى العمل، وذلك بصيغة دعوة وليس بضغط لفك اعتكافهم. ولذلك، قام أحد المشاركين بنقل إجابة رئيس مجلس القضاء الأعلى الشهيرة: "من الآن وحتى ذلك الحين، سنرى ماذا سيحدث."

على الرغم من أن السلفة الوعدة تهدف إلى تلبية بعض احتياجات القضاة فيما يتعلق بالرعاية الصحية والتعليم لأولادهم، إلا أنها لا تعالج المشاكل الهيكلية في ظروف العمل القضائي التي تعاني منها معظم محاكم لبنان. وهذا ما دفع بعض المشاركين إلى التشكيك في الوعود الشفهية المطروحة من قبل الجهات المعنية، ووصفوا الظروف التي واجهوها خلال الجمعية العمومية في إحدى أهم القاعات القضائية في لبنان، قاعة 4 آب في محكمة التمييز، بأنها "مهينة" وغير مقبولة، حيث تم عقد الاجتماع في قاعة مغلقة بدون توفير الكهرباء وأجهزة التبريد اللازمة. هذا الأمر دفع الكثيرين إلى مغادرة الاجتماع مبكرًا وطلبوا تسمية القاعة بـ "قاعة الصونا".

وعلى الرغم من جميع الملاحظات والاعتراضات التي قدمها القضاة لمجلس القضاء الأعلى، والتأكيد من قبل رئيس المجلس على أن المعاناة تمتد إلى جميع المواطنين وليس فقط القضاة، فإن هناك اتجاهًا نحو استجابة متفاوتة لمطالبهم، مثل فك اعتكافهم وتسيير قضايا المتقاضين، مع إعطاء وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى وقتًا إضافيًا للبحث في حلول مستدامة للسلطة القضائية. وذلك على الرغم من مرارة ملاحظاتهم المتكررة واستيائهم من النسبة القليلة لميزانية وزارة العدل، التي لا تزيد عن 0.32% من إجمالي الميزانية العامة، مما يعكس تقديرًا ضئيلًا من قبل السلطة السياسية للقضاء.

لقراءة المزيد اضغط على المصدر.



المصدر : نداء الوطن

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa