نزوح فغَزوٌ فاحتلال...المواجَهة واجب

28/09/2023 07:58PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

هناك قرار، غير مُعلَن، من النّظام السوريّ بِغَزو لبنان. فالمسألة لا تقتصر على اكتفاء الرئيس بشّار الأسد برفضِه عودة النازحين السوريّين إلى وطنهم، إنّما يعمل على إرسال ما استطاع بعد من مواطنيه إلى لبنان، وذلك تحضيرا لحدث كبير، قد لا نستطيع معرفته الآن في التفصيل، إنّما نستطيع رصد ما بدأ يَظهر من نتائج خطيرة له، ونحن بلا شكّ أمام غزو مُمَنهج، بغطاء إقليميّ ودوليّ.

لا أحد بإمكانه إعطاء أرقام دقيقة وحقيقيّة عن عدد النازحين، الذي يتغيّر نحو المزيد كلّ يوم. فالسلطات اللبنانيّة لا تملك إحصاء ميدانيّا، والأمم المتّحدة تصرّ، من خلال المؤسّسات التي تعنى باللاجئين مادّيّا، وتساهم في توطينهم عندنا، على ألّا يكون العدد واضحا ومعلَنا، على الرغم من أنّ إعلان العدد هو مؤشّر من مؤشّرات الشفافية، ومن حيث المبدأ يساعد جميع الأطراف المعنيّة فيه على التعاطي معه بشكل أفضل. ومن المؤكّد أنّ نظام الأسد هو الأكثر معرفة في العدد، لأنّ رؤوس مواطنيه معدودة على الأصابع، قبل الآلات الحاسبة، ولا يتحرّك رأس عبر الحدود إلّا بإذنه.

وصار من الملاحَظ أنّ عدد النازحين يتّجه نحو معادلة عدد اللبنانيّين المقيمين في لبنان قريبا.

صحيح أنّ النازحين عبء اقتصاديّ وطبّيّ واجتماعيّ مخيف، لكن ما هو أكثر إخافة أنّهم عبء أمنيّ لا نستطيع تحمّله. فمَن يقدر على معرفة عدد الشباب السوريّين النازحين المؤهّلين للقتال؟ بكلّ تأكيد، واستنادا إلى العدد التقريبيّ للنازحين الذي لا يقلّ عن مليونَي نازح، عندنا آلاف المقاتلين السوريّين، غير أنّ سلطتنا السياسيّة لا تجرؤ على طرح السؤال، لأنّها في محور الأسد الممانع.  

والسؤال الثاني؟ مَن له أن يَحسُمَ عدم وجود مئات الشباب منهم، في الأماكن التي لا تدخلها الدولة اللبنانيّة، وهي تابعة لها جغرافيّا فقط، وفي هذه الأماكن قد يتلقّى هؤلاء التدريب والتسليح؟

إنّها مجرّد أسئلة بديهيّة، يطرحها اللبنانيّون اليوم، ويشعرون أنّهم على مسافة زمنيّة غير بعيدة من انفجار ما.

إذا كان الرئيس الأسد يتخلّص من هؤلاء النازحين لغاية ديموغرافيّة ما، فإنّه حُكما سيسعى أكثر فأكثر لتوطينهم في لبنان. وإذا كان ذا مشروع أمنيّ عندنا، فنحن أمام خطر أكبر. وكيفما اتّجهت بوصلة الأسد في ملفّ النازحين، أو المُرسَلين بأمر مهمّة، إذا جاز التعبير، فإنّنا أمام احتلال، بشكل من الأشكال، والمواجَهة واجب، بالطرق الديمقراطيّة التي ترعاها شرعة حقوق الإنسان.

منذ عام تقريبا، كثُر من يتّهم اللبنانيّين بالعنصريّة حين يثيرون أخطار النزوح على الشعب اللبنانيّ، أو يعلنون مواقف صريحة من هذه المسألة. أمّا اليوم فقد تبدّلت الحال نسبيّا، وأصبحنا أمام خطر الامّحاء ديموغرافيّا ووطنيّا، وأصبح لِزاما علينا حماية أرضنا لأولادنا، أيّا تكن الأثمان.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa