سياسي بيروتي مخضرَم يسأل: أين هي الطائفة السنية اليوم؟

28/10/2023 02:55PM

كتب جان فغالي في "الكلمة أونلاين":

يقول سياسي بيروتي مخضرَم : لا أحد في بيروت أو في لبنان أو في الدول العربية " يَفرح " لِما آلت إليه أوضاع الطائفة السنيَّة في لبنان ، هذه الطائفة التي أنجبت رياض الصلح وصائب سلام وتقي الدين الصلح ورفيق الحريري وحسن خالد وصبحي الصالح وعبدالله العلايلي ، أين هي اليوم ؟ شخصيات تقاعدت من رئاسة الحكومة فتحوَّل بعضها إلى " رئاسة تحرير" مواقع إخبارية ، وشخصيات فشلت في الوصول إلى رئاسة الحكومة فتحوَّلت بدورها إلى

" رئاسة تحرير" مواقع إخبارية. وهناك ثلاث شخصيات سنية برتبة رئيس أو وزير أو مشروع رئيس أو وزير أو نائب ، هم اليوم مالكون أو رؤساء تحرير مواقع إخبارية .

يتابع هذا السياسي : الطائفة السنية حظيت منذ ستينيات القرن الماضي وحتى منتصف السبعينيات منه ، بعصر سياسي ذهبي ، معظم الأنظمة في الدول العربية كانوا يرغبون في خَطْب ودِّها ، لكن بدء الحرب في نيسان من العام 1975 ،

وضعَ الطائفة تحت وصاية منظمة التحرير الفلسطينية، فكان " ابو عمَّار " حاكم بيروت " من دون منازِع، وكان يقال "الفلسطينيون هم جيش المسلمين"، ويتندَّر هذا السياسي بأسماء شخصيات سياسية اليوم، انتخبت في المجالس النيابية ما بعد العام 1992، وسميت في الحكومات المتعاقبة ، كانت بمثابة " غلمان " عند ابو عمَّار ، ويُقال عنهم إنهم كانوا " يضيِّفون قهوة " في الاجتماعات ويرفعون تقارير عن تلك الاجتماعات إلى قيادات في منظمة التحرير، فحظيوا برضا تلك القيادات ، لكن أوضاعهم انقلبت بعد الدخول السوري إلى لبنان في خريف العام 1976 ، هذا الدخول الذي انهى الوصاية الفلسطينية ليبدأ عهد الوصاية السورية.

هؤلاء نقلوا البندقية من كتف منظمة التحرير إلى كتف " اللواء غازي" ، وانتقل "الحج" من منطقة الفاكهاني ، مقر منظمة التحرير، إلى " عنجر " مقر " اللواء غازي" .

على رغم نقل البندقية من كتف إلى كتف ، فإن التنكيل بالسنة جاء " عقابًا " على دورِهم غير المنسجِم مع النظرة السورية للأوضاع في لبنان، وقد تمظهر ذلك في الوقائع التالية :

سياسة الإبعاد ، فكان الأبرز إبعاد الرئيس صائب سلام الذي بقي في سويسرا حتى بدء مؤتمر الطائف حين عاد سلام من سويسرا إلى الطائف مباشرة ، ولم يمر في بيروت ، وطرح شعار " الفشل ممنوع " ، كما كان إبعاد ابراهيم قليلات رئيس حركة الناصريين المستقلين " المرابطون " .

سياسة الاغتيالات ، من مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد ، إلى الشيخ صبحي الصالح إلى النائب ناظم القادري ، وكان الضربة الكبرى باغتيال الرئيس رفيق الحريري.

رفيق الحريري هو الظاهرة اللافتة ، ويكفي التذكير بانه " عراب اتفاق الطائف " ليُعرَف ما كان للرجل من مكانة لبنانية وعربية ودولية ، فكل التهميش الذي تعرضت له الطائفة السنية على مدى عقودٍ من الزمن، محاه الحريري لحظة وصوله إلى السرايا الحكومية ولحظة وصوله إلى مجلس النواب.

تحوَّل قصر قريطم إلى ما يشبه " الممر الإلزامي " للسياسة اللبنانية ، جمع الحريري القديم والمخضرم والجديد ، وجمع الماروني والسني والدرزي والشيعي، وجمع الكتائبي والقواتي واليساري والاشتراكي وحتى البعثي، فكان يلتقي في مجلسه عبدالله الأمين وباسم السبع ومحمد عبد الحميد بيضون وداوود الصايغ وجوني عبدو وسمير فرنجيه وفارس سعيد . كان الحريري الأب " مايسترو " مجالسه ، يستمع إلى الجميع ، " يغربل" ثم يقرر .

من العام 1989 إلى لحظة اغتياله في شباط 2005 ، لم يغب رفيق الحريري عن الصفحات الأولى في الصحف ، مَن من " زعماء " السنة اليوم على الصفحة الأولى؟

الرئيس سعد الحريري انتهى به الأمر الى تعليق نشاطه السياسي و الإقامة في دولة الإمارات العربية المتحدة ، حاملًا معه خيبته من أقرب المقربين إليه سواء على مستوى المستشارين أو على مستوى من أوصلهم إلى المقاعد النيابية والوزارية. فعلاقته بالوزير والنائب السابق نهاد المشنوق فيها الكثير من المرارة حيث تردد أوساط الحريري الابن أن جموح المشنوق إلى السلطة وعالم الاعمال أطاح كل الضوابط وخطوط الرجعة ، من " إجلاس " رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا على طاولة مجلس الأمن المركزي ، إلى زيارة سوريا بمعية الوزير السابق وئام وهاب ، على ما كشفه وهاب، إلى أدائه في وزارة الداخلية والذي نال أكثر من انتقاد في بيت الوسط .

والعلاقة مع الرئيس فؤاد السنيورة لم تكن افضل ، يقال إن الأخير حاول أن " يرث سعد سياسيًا وهو على قيد الحياة" .

هذا عن " البيئة الحاضنة " لتيار المستقبل، ماذا عن" السنَّة الآخرين" ؟ منذ خروج سعد الحريري من المشهد السياسي ، لم يملأ أحدٌ الصورة ، لا نيابيًا ولا وزاريًا ، على المستوى النيابي يتنقَّل هؤلاء بين دار الفتوى ودارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري. على المستوى الوزاري لا مرجعية لهؤلاء، ومنهم مَن يحاول تعبيد الطريق في اتجاه حارة حريك أو في اتجاه اللقلوق" لحفظ المقعد " سواء الوزاري أو النيابي ، أو ربما للوصول إلى السرايا الحكومية ، كما ان انخراط بعضهم بالأعمال والفساد والصفقات مستغلين مواقعهم ،وضعهم تحت جناح حزب الله على حساب مصالح ودور الطائفة

لكن كل هذه الجهود مصيرها " السدى " لأنها تنطلق من أرضٍ شعبية غير صلبة ، فمشكلة مَن يظهرون على " الشاشة السنيَّة " اليوم يقارنهم الرأي العام السني بأبو بهاء، وهذه المقارنة وحدها كافية لأن تٌسقطهم من الصورة لما يشكلون من ثقل سلبي على تاريخ هذه الطائفة الوطنية


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa