لبنان في كوكب... والجنوب في آخَر

27/01/2024 04:25PM


كتب قزحيا ساسين في "السياسة": 

ماذا لَو كان الجيش اللبنانيّ يقاتل العدوّ الإسرائيليّ في الجنوب؟ والسؤال، بكلّ تأكيد، افتراضيّ، بعيدًا من موازين القوى، إنّما هو بهدف كيف يكون لبنان وطنا يشعر فيه جميع أبنائه الشعور نفسَه، خصوصا أيّامَ المِحَن.

بكلّ واقعيّة، لا يمكن أن يكون الجيش في أيّ معركة بِلا مشاركة عاطفيّة وتضامن لبنانيّ شامل معه. ولا يمكن أن يكون شهداؤه من بيئة أو جغرافية معيّنة، ما يعني أنّ حضوره القتاليّ يزيد الوحدة التي لم ينجح السياسيّون في بنائها بشكل متين، كي لا نقول إنّهم، وفي أحيان كثيرة، ولمصالح شخصيّة ليست الانتخابات خارِجها، يحرّضون اللبنانيّين على بعضهم، ويَشحذون نفوذهم السياسيّ من يد التفرقة.

يعرف اللبنانيّون كلّهم أنّ الواقع السياسيّ اللبنانيّ لا يحمل زجّ الجيش في أيّ حرب بِلا أُفق، إنّما ما يحدث اليوم جنوبا لم يعُد مقبولا، رأفة بالجنوبيّين، وبأهل مُقاتلي حزب الله، وبكلّ اللبنانيّين.

من المُعيب أن نقلّل من مأساة إخوتنا في الوطن، لكن من الواجب أن تكون الصراحة سيّدة الكلام. فلبنان اليوم في كوكب، والجنوب في آخَر. بالنسبة لشريحة كبيرة جدًّا من اللبنانيّين، ما يجري جنوبا يخصّ حزب الله وحده، الذي يتفرّد بقرار السّلم والحرب، مستجيبا لمشيئة ولاية الفقيه في إيران، ضاربا عرض الحائط مصلحة لبنان وأهله.

غير أنّ مأساة الجنوب اجتازت قدرة أبنائه على التّحمُّل، في حين أن باقي المناطق اللبنانيّة تعيش بعيدة من الخوف اليوميّ والحاجة اليوميّة، وتعطيل كلّ مجالات الحياة، لاسيّما المدارس والأعمال...

وليس لانفصال الجنوب عن لبنان، في هذه الحرب الطويلة، سوى سبب واحد، يُختَصَر بسيطرة المقاومة الإسلاميّة أمنيّا وعسكريّا على الجنوب، واستثماره في مكاسب سياسيّة تتخطّى مصلحة لبنان. وقد تستمرّ هذه الحال طويلا، إذ لا بوادر حلّ تلوح قريبا، إلّا إذا استطاع الموفد الأميركيّ هاموس أوكستاين قيادة مفاوضات حول ترسيم الحدود البرّيّة مع العدوّ الإسرائيليّ، ما يُفضي إلى إرساء واقع جديد سياسيّا وأمنيّا، وذلك سيتأثّر حُكما بما ستؤول إليه حرب "طوفان الأقصى".

مسألة واحدة فقط أثارت اهتمام المعنيّين فيها، وإن لم يجدوا لها حلًّا، وهي الامتحانات الرّسميّة، فكيف تْجرَى وطلّاب الجنوب المشتعِل لم يدخلوا المدارس بعد؟ أمّا ما بقي من المعاناة فلا أحد يذكره، لا كيف يعيش مَن لا يعمَل جنوبًا، ولا كيف يسدّد الإيجار  الشهريّ مَن نزَح صوب بيروت وغيرها من المناطق، ولا كيف يعيد بناء بيته مَن أصبح على الأرض يا حَكَم...

للأسف الشديد، ليس لنا غير انتظار الاتّفاق على وقف القتال بين حماس وإسرائيل، لِنشعر أنّ الجنوب سيعود، لوقت ما إلى لبنان، قبل أن يصير أَسِير مغامرة أخرى


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa