رئاسيًا: لا شيء في الأفق وخطوط التواصل مقطوعة!

13/02/2024 07:25AM

جاء في "الجمهورية":

بين 14 شباط 2005 و14 شباط 2025، 19 سنة فتحت فيها أبواب الجحيم، ذاق فيها اللبنانيون أشكالاً وانواعاً متعددة من المرارات والاوجاع. المجرمون أفلتوا من العقاب، فيما البلد واهله يتعرّضون لعقاب جماعي بأزمات ونكبات تنهمر على رؤوسهم بتتابع مفجع. والأسوأ منها بل والأدهى تلك السياسات المهترئة الى حدّ الفجور على كلّ المستويات، التي بدل أن تجتمع من أجل البلد وتتلاقى على سدّ ابواب الجحيم، غلّبت حساباتها ومصالحها واصطفافاتها وارتهاناتها وخضوعها للخارج وارتزاقها منه، وتشاركت في تعميق الإنقسام الداخلي وانحدر به الى وضع بات مستعصياً على الردم، على ما هو حاصل في هذه الفترة.

في وقت مضى، كان في لبنان سياسة وسياسيون مسؤولون يُحسب حسابهم، ولهم مكانتهم وخبرتهم وهيبتهم العالية، وأمّا في هذه الفترة، فأصبحت السياسة، وكما يصفها احد كبار المسؤولين، عنواناً لـ»التياسة» التي لا يفقه اهلها شيئاً، بل يُعبّر عن نفسها بولدنات ومراهقات مرضيّة ناشئة على الكراهية والحقد ومشحونة برغبة جامحة الى تصفية الحسابات. شكّلت في عبثها المتواصل، نذير شؤم لمستقبل مجهول مهدّد بالانزلاق اكثر الى واقع أكثر مرارة ممّا نعيشه في هذه الايام.

في هذا الواقع، بات محسوماً أنّ لا سبيل الى الحسم الايجابي لأيّ من الملفّات الداخلية، سواءً المتعلق منها بالاقتصاد او المال أو معيشة الناس، أو بالملف الرئاسي، الذي تعرّض في الآونة الأخيرة إلى ما يشبه نوبة خارجية للتعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية، وفجأة ومن دون مقدمات، تحرّكت «اللجنة الخماسية» ولكن من دون ان تتمكن من تحريك هذا الملف خطوة واحدة الى الأمام.

«الجمهورية» استفسرت معنيين بهذا الملف عمّا هو منتظر من «الخماسية»، والمفاجئ في الامر، أنّ هؤلاء لا يجدون جواباً، اكثر من القول: «لا شيء في الأفق». وبعضهم يذهب الى ما هو اكثر صراحة بقوله انّه لا يعرف أصلاً، لماذا تحرّكت «الخماسية» في هذا الوقت، كما لا يعرف إنْ كانت اللجنة ستجتمع على مستوى وزراء خارجية، ام لا، حيث لا شيء يؤشر إلى عقد مثل هذا الاجتماع، وحتى ولو اجتمع وزراء دول «الخماسية» فماذا سيقدّمون أكثر من تكرار دعوتهم اللبنانيين إلى أن يراعوا مصلحة بلدهم ويعجّلوا في انتخاب رئيس بلدهم، وهو ما سبق وأكّد عليه سفراء في الخماسية في حراكهم الأخير؟!

وبحسب معلومات «الجمهورية» من مصادر معنية مباشرة بحراك «الخماسية»، فإنّه ومنذ الحراك الأخير لسفراء دول «الخماسية»، كل خطوط التواصل الرئاسي مقطوعة حالياً، لا بصورة مباشرة ولا بصورة غير مباشرة، ما خلا ما يطلقه بعض الموفدين والسّفراء، من مواقف تذكيرية بما يسمّونها «حاجة لبنان الى انتخاب رئيس للجمهورية في هذه المرحلة». 

ويبرز في هذا السياق، ما بات مؤّكداً لدى مستويات سياسيّة مسؤولة، من انعدام وجود أيّ معطيات جديّة حول إمكان تحريك الملف الرئاسي في المدى المنظور، ومعنى ذلك وكما يقول احد كبار المسؤولين لـ»الجمهورية» مراوحة، ربما تكون طويلة الأمد، في مربّع السلبية القائمة المفتوحة على احتمالات اكثر سلبية. 

ومردّ ذلك، كما يقول المسؤول الكبير عينه، الى ثلاثة امور؛ الأول، هو تعقيدات الداخل وحسم المكونات السياسية قرارها بعدم التوافق على رئيس. والثاني، هو انّ «اللجنة الخماسية»، سواءً اجتمعت او لم تجتمع، لا تملك ان تفرض على اللبنانيين رئيساً للجمهورية، وسبق لهذه اللجنة ان اكّدت على ذلك مرات عديدة بدعواتها الى توافق اللبنانيين، اي انّها تدعو الى التوافق المستحيل. واما الأمر الثالث، ولعلّه الأكثر خطورة، وهو انّ التطورات في المنطقة والوقائع الحربية الممتدة من غزة الى لبنان، قد سبقتنا، وبالتالي كل الملفات الداخلية وفي مقدّمها الملف الرئاسي باتت أقل من ثانوية امام التحولات الجارية في المنطقة، والمخاطر التي تتراكم فيها.


المصدر : الجمهورية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa