الإنتخابات البلدية: هروب جديد من الإستحقاق

يبدو أن مسألة الإنتخابات البلدية والإختيارية ستوضع من جديد في خانة الهروب من نتائج الإختبار الشعبي الذي يؤرق معظم القوى السياسية على الرغم من الطابع المناطقي الذي يحمله هذا الإستحقاق والذي بات بديلاً أو مكملاً للمزاج الشعبي التوّاق للتعبير عن معارضته للطبقة الحاكمة وبخاصة أركان المنظومة لتوجيه رسائل رفض محلية للسياسة المعتمدة على أكثر من صعيد والتي أدّت إلى الإنهيار واضمحلال خدمات الدولة البديهية.

وترفض أوساط شعبية ذريعة الوضع الجنوبي لتأجيل الإنتخابات بدليل أن التأجيل سابقاً لم يكن تحت تأثير الأعمال العسكرية وبأن النوايا المبيتة لا علاقة لها بما يُعلَن عنه خاصة مع جهوزية وزارة الداخلية إدارياً ولوجستياً لإجرائها، وتصرّ تلك الأوساط على ضرورة تعيين مواعيد الإنتخابات البلدية والإختيارية على كافة الأراضي اللبنانية بما في ذلك الجنوب على أن يُصار إلى تأجيلها في البلدات والقرى التي تشهد عمليات عسكرية حتى ذلك الحين.

وفي متابعة للإحصاءات والتوقعات للنتائج التي ستسفر عنها تلك الإنتخابات فهناك هوة عميقة بين المزاج الشعبي الراغب في خوضها والمزاج السياسي المتخوف من نتائجها لدى معظم الأطراف بناءً على نتائج الإنتخابات النيابية التي جرت منذ عامين وجاءت لمصلحة طرفين هما الأكثر حماسة ورغبة في خوض هذا الإستحقاق، وعلى سبيل التحديد تجدر الإشارة إلى القوات اللبنانية وقوى التغيير كونهما خرجا بانتصار كبير مع تسجيل احتفاظ القوات بحجم قوتها وكتلتها النيابية وانقسام قوى التغيير على نفسها مما أفقدها الكثير من الفعالية.

ويبرز هنا التقاطع بين بعض القوى المعارضة وأحزاب الممانعة وقوى تتمركز في الوسط في السعي لتأجيل الإنتخابات البلدية خشية ترجمة تصاعد التأييد الشعبي للقوات كسباً إضافياً على الأرض قد يكون أكبر وأفعل من الإنتصار النيابي نظراً إلى أهمية الإدارات المحلية في التعاطي المباشر مع شؤون وشجون المواطنين وقدرة البلديات على تعويض غياب الدولة عن القيام بواجباتها، وفي المقابل تعاني معظم القوى السياسية الأخرى من مشاكل إنمائية حقيقة مع قواعدها الشعبية بمعزل عن الإنتماء السياسي، وفي هذا الإطار لا نستثني أحداً من الرغبة في تأجيل الإنتخابات، وعلى القوى التي ترغب بتبرئة نفسها أن تبادر إلى إعلان موقفها الرافض للتأجيل والعمل بموجبه في المجلس النيابي لإسقاط التمديد وإقرار الإنتخابات في مواعيدها.