هكذا أقنعني ميشال معوّض بإستدارة جبران باسيل! السياسة في بعبدا وهؤلاء كانوا حاضرين...

07/03/2024 01:16PM

كتب رامي نعيم في "السياسة": 

لم تكن مدينة زغرتا الزاوية، اللوحة الفنية الشمالية المعلّقة على هضبة طرابلس وملجأ الإهدنيين من صقيع الشتاء، لم تكن متفاجئة بترشيح هامتين من أبنائها لرئاسة الجمهورية اللبنانية. فهذه المدينة أعطت لبنان رئيسين سابقَين يوم كان للرئاسة كرامة وللجمهوية معنى، أولهما استشعر خطر الوجود الفلسطيني ورفض اتفاق القاهرة الذي سمح للفلسطينيين بممارسة الأعمال الفدائية من لبنان ولم تسعفه الإرادة الدولية في درء الخطر، والثاني استُشهد بعدما وقف في وجه الإرادة الدولية وأصرّ على رفض الإملاءات الخارجية... وزغرتا الزاوية باتت حجر الزاوية في الاستحقاق الرئاسي اللبناني وهي تستحق لقب عاصمة الموارنة كونها الوحيدة التي أعطت الجمهورية رئيسين ومرشّحين جدّيين لرئاسة عام 2024 اذا رأفت بنا التسويات ولم يعرقلنا المعرقلون.

ولأن الإستحقاق انتقل من هضبة طرابلس الى ثلاجة إهدن، قُمت مع فريق السياسة بزيارة ابن الرّئيس الشهيد رنيه معوّض رئيس حركة الإستقلال وعضو كتلة تجدد النائب ميشال معوض في منزله الشتائي والذي يقع في بعبدا وعلى مرمى حجر من القصر الجمهوري. ولهذا المنزل تاريخ وذكريات كان لي بعض منها أيام ثورة الأرز وبداية المسيرة النضالية الى جانب معوّض ووالدته نائلة... ولمن لا يعرف واعترافاً مني بفضل الصديق ميشال فلقد كان له الدور الأساس في دخولي مهنة الإعلام وكانت أولى الخطوات في جريدة البلد مع النائب السابق عقاب صقر بتوصية خاصة من مناضل يومها آمن بشغف صحافيّ من خارج دائرته الإنتخابية. مع ميشال بيك كما يحلو لي - ولا يحلو له - أن أناديه كانت الجلسة هادئة. حضرها المفوض السامي الأميركي آموس هوكستين وظله نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ورئيس المجلس نبيه بري وجبران باسيل بصفته أولاً رئيس التيار الوطني الحر والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل والمعارضة وخططها،  ومرشّح فريق 8 آذار لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية ومئة وثمانية وعشرون نائباً! جميعهم حضروا في حديثنا الطويل واسئلتنا المشروعة ومواقف معوّض الواضحة... وفي معرض الحديث، أقنعني معوّض بوجهة نظره المنطقية حيال مواقف ميشال عون وجبران باسيل المستجدّة من حزب الله، ولم أكن قبل الزيارة مقتنعاً بأن لخطوتهما الأخيرة أهمية تُذكر في ما يخص المصلحة الوطنية لكنّ "البيك" فاجأني! تقاطعنا مع باسيل على انتخاب الوزير السابق جهاد أزعور يقول معوّض فلنحاول ان نتقاطع معه على استعادة الدولة وسيادتها بوجه خطر السلاح وهيمنة حزب الله والممانعة. ويستطرد: اذا لم نتعاطَ بجدية مع مواقف عون وباسيل الاخيرة فسنسهل عودتهم الى أحضان الحزب. فبالرغم من كل الخلافات على الخيارات والأداء مع التيار الوطني الحر وغيره من القوى السياسية، يجب ان نعطي الأولوية لتحرير الدولة من الهيمنة وبعدها لكل حادث حديث.

يُقنعك معوّض في حديثه عن باسيل وعن معارضيه ومنتقديه في السياسة وعن من لم ينتخبوه لرئاسة الجمهورية، ويتحدث في السياسة من دون تجريح ومن دون مديح. تشعر وكأنك في حضرة رجل دولة تمرّس بالعمل السياسي واستحصل على شهادة الدكتوره الفخرية في السياسة اللبنانية. تقول له: باسيل فاسد فلا يُغوص في الحديث ويعدد من الفاسدين الذين لا يهاجمهم الإعلام...تقول له ماذا لو تراجع عن موقفه الرافض لتدخل حزب الله بالحرب؟ يرغمك على مدّ اليد ومحاولة إنقاذ لبنان، ويدعوك الى الفصل بين مشاعرك تجاه رئيس التيار وغيره من السياسيين ، ودورك الوطني في تلقف أي فرصة سانحة للمّ الشمل بمواجهة مشاريع تهدد وجود لبنان وهويته. تفصح له عن هواجسك بإعادة تعويمه شعبياً يُسكتك بحجة أن التعويم يأتي من الناس فإذا عام باسيل يعني بأنه ذاهب في موقفه إلى النهاية وهذا أهم من اي اعتبار آخر.

تسأله عن هوكستين بعد لقائه أمس وفداً من المعارضة فيجيب كمن لم يشعر بالإرتياح... لم يقلها علناً لكنها كانت واضحة على محيّاه. يربط ابن زغرتا اللقاء مع هوكستين بتطور الموقف الأميركي تجاه المعارضة الحقيقية في لبنان ويرى ربطاً بين شكل اللقاء ومضمونه انطلاقاً من عدم فصل الشكل عن المضمون في المشهدية السياسية عامّة، ولا يرى حرجاً في تظهير تشتت في المعارضة وعدم توحيد كافٍ للصفوف لمواجهة الخطر المحدق بلبنان.

تسأله عن حلول يسرد قصة لبنان الحديث ويقسّم المراحل بعد ثورة الأرز الى ثلاث :

مرحلة تحالف مار مخايل

مرحلة تسويات ومساومات القوى السيادية "تحت سما لبنان"

ومرحلة ثورة 17 تشرين.

وفي التجارب الثلاث يرى معوّض في أن حزب الله حاول تسويق فكرة وضع "السلاح على الرفّ" والالتفات الى الداخل اللبناني، لكن النتيجة كانت أن الشرط الاساسي لوضع لبنان على سكة التعافي والنمو والاستقرار، ومحاربة الفساد وتنظيم وبناء المؤسسات والمضي قُدماً في مشروع بناء دولة القانون والعدالة والحداثة هو باستعادة السيادة ورفع هيمنة السلاح الذي يستأثر بالدولة وبقرار اللبنانيين، فننتقل بعدها الى النقاش عن أي لبنان نريد وكيف نتفق معاً على تحصين الميثاق ونترك للنظام الديمقراطي ان يحسم الخلافات كما في كل دول العالم.

غير أن معوّض يدرك صعوبة توحيد كل المعارضين المفترضين خصوصا بوجود نغمة "عدم الإصطفاف" التي تضعف القدرة على التغيير وتشتت الجهود. لكنه على عكس صديقه رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل متفائل بمبادرة كتلة الإعتدال الوطني ويعتبرها فرصة حقيقية إذا صفت النوايا للخروج من التعطيل وانتخاب رئيس مقبول. وهو بتفاؤله ينطلق من تجربة انتخابه وخوضه 12 معركة انتخابية اكتشف خلالها النواب وتواصلَ مع معظمهم بصورة دائمة فبات على يقين بأن امكانية إيصال أزعور تفوق بكثير امكانية إيصال فرنجية في حال لم ينسحب الأخير، وأن مبادرة الإعتدال قد تكون الفرصة الأخيرة للوصول بمرشّح وسطيّ الى قصر بعبدا.

تخرج من بعبدا مخموراً بالسياسة واللباقة والثقافة... تحمل معك "زوادة" تواضع من ابن رئيس شهيد ومشروع رئيس، رأسه بين كتفيه ولبنانيته تسكنه من زغرتا الى بعبدا.. تعود بك المشهدية الى زغرتا الزاوية عاصمة الرئاسة الأولى أو العاصمة الأولى للرئاسة، فتتحسر على ماضٍ مجيد ورئاسة جعلت من لبنان الأول بين جيرانه والأهم في العالم العربي الى أن مرِضت في اتفاق الطائف فأتى السلاح الإلهي وقوّضها!


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa