الخامنئي لن يكافِئ الأسد... وفرَنجيّه لا يريده أحَد

29/05/2024 06:45PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

"إِملَإ الفراغ بالمبعوث المناسب"، هذا شعار الدّول التي تمُدّ عَينَها إلى ما بقي من الجُبنة اللبنانيّة، ومنها فرنسا، الأمّ الشرعيّة لعبارة "أَكَلَة الجُبنة".

يعود المبعوث الفرنسيّ جان إيف لودريان إلى لبنان، وهو على يقين من أنّه لن يستطيع أن يكون "الدّاية" السياسيّة لولادة رئيس للجمهوريّة عندنا. غير أنّ الاهتمام الفرنسيّ يجب أن يستمرّ، ولَو كانت الطبخة طبخة بَحْص.

في بداية التحرّك الفرنسيّ، للتخلّص من الفراغ الرئاسيّ، حاولَت باريس أن تقف عند خاطِر طهران، وتسوّق مرشّح حزب الله، وسرعان ما تراجَعَت عن "طَحشتِها"، عندما عرفَت أنّ ما ستخسره لبنانيّا في وقوفها على ضفّة المُمانَعة يفوق بكثير ما ستربحه من المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، إضافةً إلى أنّ أميركا لن تترك فرنسا لترتمي في أحضان إيران.

يعرف لودريان تمامًا أنّ حزب الله لا يريد رئيسا، طالما أنّ أموره غير معطَّلَة، 

وأيّ رئيس سيكون في بعَبدا هو عبء عليه، لا سيّما إن لم يكُن من المستعدّين دائما للاستشهاد على طريق القدس.

أمّا ما يعلنه الرئيس برّي عن رغبة في الحوار، للوصول بعده إلى الانتخاب، فمسألة ترمي إلى مَلء الوقت، لا أكثر ولا أقلّ، وحزب الله يضع برّي في الواجهة لِيُلهي الجميع بأِرانِبه، واقتراحاته الزَّيزفونيّة التي إن أزْهرَت فلَن تَعقُدَ.

ومن بِدَع لودريان اقتراح استبدال الحوار بالتشاوُر، رغم أنّ جميع الفرقاء، على اختلافهم، تحاوَروا وتشاوَروا، وأعادوا كلامهم كما تعيد بُرَك الساحات ماءَها برتابة قاتِلة.

وحين تريد ولاية الفقيه حلّا لرئاسة الجمهوريّة، أي بعد إتمام صفقة غزّة مع أميركا والعدوّ الإسرائيليّ، يأتي الأمر من طهران بسرعة الضوء، لا بسرعة مسيَّراتها السّلحفاتيّة المتوجّهة سِباحة على الظهر في الفضاء، صَوب إسرائيل.

كلّ ما يجري التداوُل فيه حول انتخاب رئيس، يَطرُد فخامة الفراغ من بعَبدا، هو تسلية غير مفيدة، ومن الأفضل الاستمرار، وبِزخم، في معالجة قضيّة النازحين السوريّين، منعا لتوطينهم في لبنان، وعَمَلًا على إخراجهم منه، اليوم قبل الغد.

وبعد جَفاف "طوفان الأقصى"، وتعَب إسرائيل وحماس، واتّجاههما إلى الهدنة فالصّلح، يُفتَح بازار الاستحقاقات المحلّيّة والإقليميّة، ويأخذ كلّ من اللاعبين الفاعلين نصيبَه. وممّا لا شكّ فيه سيكون كرسيّ بعَبدا على قائمة البازار الطويلة.

إنّ المشهد الرئاسيّ، لبنانيّا، واضح منذ بداية الفراغ. وحزب الله يعرف أنّه لا يستطيع إيصال الوزير السابق سليمان فرنجيّه إلى كرسيّ بعَبدا، وهو لا يريد إيصاله، إنّما هو في حاجة إليه في مرحلة الفراغ، ليِكسَبَه غطاءً سياسيّا مسيحيّا وإن هزيلا، ولِ"يُحرقص" به النائب جبران باسيل، الحاضر للعودة إلى كنف حزب الله عند أيّ عرض مُقنِع بالحدّ الأدنى. ليس الحزب غريبا عن علاقة فرنجيّه بالأسد، وهو على علم بأنّ حصّة الرئيس بشّار تفوق حصّتَه من فرنجيّه، ولا شكّ في أنّ علاقة دمشق مع طهران بعد "طوفان الأقصى" ازدادت التباسا وشكًّا، فالأسد يسعى إلى التخلّص من نفوذ ولاية الفقيه في سوريا، عند أوّل فرصة مؤاتية، لأنّ هذا النفوذ سلَبَه الكثير من حضوره ونفوذه، وها هو اليوم يتفرّج على ما يجري بين إسرائيل وغزّة، وبين حزب الله وإسرائيل، والمتفرِّج متَّهَم، وقد تكون التّهمة مساعدة إسرائيل أمنيًّا على ضرب مواقع إيرانيّة في سوريا.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa