الأزمات المعيشية تتفاقم: تضخّم وارتفاع هائل في الأسعار

16/06/2024 07:57AM

كتب عبد معروف في "القدس العربي":

ضاعف تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، من تفاقم الحياة المعيشية للمواطنين، خاصة وأن استمراره يأتي بالتزامن مع الانهيار المالي والسياسي وعدم قدرة الأطراف اللبنانية حتى الآن التوافق لإيجاد معالجات جادة للأزمات وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية. فقد سجَّل لبنان ثاني أعلى نسبة تضخّم في أسعار الغذاء حول العالم في الفترة الأخيرة 208 في المئة نسبة تغيّر سنويّة في مؤشّر تضخّم أسعار الغذاء. وبينت الأرقام المحدّثة للأمن الغذائي الصادرة عن البنك الدولي، أن لبنان سجّل ثالث أعلى نسبة تغيّر سنويّة في أسعار الغذاء في العالم والتي بلغت 15 في المئة.

ويؤكد الأستاذ الجامعي الدكتور محمد جمعة، أن اللبنانيين لم يعد باستطاعتهم تحمل المزيد من ارتفاع نسبة الغلاء والأسعار.

وأشار الدكتور جمعة لـ«القدس العربي»: تمكنت الطبقة الحاكمة المتحالفة من طبقة التجار(بل هي نفسها) في لبنان من ممارسة الضغط على اللبنانيين بعد ثورة 17 اكتوبر 2019 من خلال تخزين المواد الغذائية والأدوية والسلع الاستهلاكية في المستودعات وعدم عرضها بالأسواق وحرمان المواطن منها ما يدفعه لشرائها من السوق السوداء، وبعدها عاد التجار لإغراق الأسواق بالمواد الغذائية والأدوية والسلع الاستهلاكية التي كانت مفقودة وكانت تباع بأسعار خيالية في السوق السوداء، برفع أسعارها بشكل خيالي كما نرى اليوم وهناك محلات تجارية لا تبيع بضائعها إلا بالدولار الأمريكي.

وتابع: تصاعد العدوان العسكري الإسرائيلي على لبنان ليصل أحيانا إلى عمق الأراضي اللبنانية، انعكس على الوضع المعيشي والنقدي، وقد لوحظ ذلك من خلال ارتفاع الأسعار بصورة متفلتة ترهق المواطنين اللبنانيين وتزيد من معاناتهم ومخاوفهم.

وفي السياق، لفت تقرير اقتصادي رسمي صدر أخيرا في بيروت، إلى أن «الأوضاع الاقتصادية والنقدية خلال الفصل الأول من العام 2024 جاءت على مرآة الظروف الاقتصادية في الفصل الرابع من العام 2023: انتكاس الاقتصاد الحقيقي نتيجة التأثيرات المباشرة وغير المباشرة للحرب على الحدود الجنوبية اللبنانية والتي نتج عنها ركود الناتج».

وأضاف التقرير: إن التقلص الذي شهدته مختلف قطاعات الاقتصاد اللبناني منذ اندلاع الحرب إنما يثبت نظرية الركود الاقتصادي. من ضمن هذه المؤشرات، يذكر التقرير نشاط البناء حيث انخفضت تراخيص البناء بنسبة 14 في المئة، إضافة إلى نشاط المطار مع انخفاض عدد المسافرين -11 في المئة والصادرات عبر مطار بيروت -13 في المئة وتراجع النشاط السياحي بشكل عام كما يستدل من خلال انخفاض عدد السياح بنسبة 24 في المئة.

وحول ما يتعرض له القطاع السياحي، أكد التقرير على أن «لبنان تلقى الضربة الأقوى من بين الدول المجاورة، ما يعيق نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في البلد ويضعف وضعيته الخارجية».

على صعيد التأثيرات المباشرة، أوضح التقرير أن «الاعتداءات الإسرائيلية منذ بداية المناوشات في جنوب لبنان أدّت إلى تدمير جزء من المنازل والبنى التحتية والأراضي الزراعية والمحاصيل. وتشير التقديرات الأولية إلى أنّ القيمة الإجمالية للأضرار منذ بدء الاعتداءات تجاوزت ملياري دولار أمريكي بشكل عام لما يقارب 5000 مسكن متضرر ناهيك عن الأضرار التي طالت البنى التحتية والزراعة. إضافة إلى ذلك، تقدر الخسائر الناجمة عن إقفال المؤسسات وتوقف الأعمال في المنطقة الحدودية بمئات الملايين من الدولارات، ما يفاقم إجمالي الخسائر المباشرة منذ 8 أكتوبر 2023».

أما قطاع الزراعة الذي يوفّر الدخل لـ 70 في المئة من الأسر داخل المنطقة الحدودية، فهو الأكثر تضرراً، وفق التقرير «ناهيك عن الخسارة المستقبلية للمداخيل المترتبة عن تضرّر الأراضي الزراعية بالفوسفور، ما يجعل الأرض غير صالحة للإنتاج الزراعي. إنّ الصراع يجري خلال فترة مهمة بالنسبة للمزارعين الحصاد وإعداد الأرض للموسم المقبل.

وقد تعرضت الأراضي الزراعية لأضرار جسيمة، بما في ذلك التلوث الكيميائي والتلوث من مخلفات المتفجرات، ما أدى إلى فقدان خصوبة التربة. كما أدى استخدام القصف بالفوسفور إلى تلوث المحاصيل والمياه السطحية والجوفية، ما يشكل تهديداً للماشية وصحة المواطن. أما المحاصيل الرئيسية التي تأثرت فهي: الزيتون وبالتالي إنتاج زيت الزيتون، والخروب، والحبوب وغيرها من المحاصيل الشتوية. بالإضافة إلى الخسائر التي يتكبدها الإنتاج، احترقت آلاف الأشجار، ناهيك عن الخسائر الجسيمة في قطاعات الثروة الحيوانية والدواجن وتربية الأحياء المائية.

أما في ما يتعلق بالتأثيرات غير المباشرة للحرب على إجمالي الاستثمار في لبنان بشكل عام، «فقد منعت الحرب المستثمرين في جميع الأراضي اللبنانية من اتخاذ قرارات استثمارية أو على أقل تقدير أدّت إلى تأخير تنفيذ القرارات السابقة. إذ بات المستثمرون في حال ترقب في ظل ضبابية الوضع الأمني داخل البلاد والذي يؤثر سلباً على الآفاق الماكرو-الاقتصادية والمالية في لبنان». وفي ما يخص التأثيرات غير المباشرة على القطاع السياحي في لبنان بشكل عام، «كانت للحرب تبعات سلبية جسيمة على القطاع السياحي، ولا سيما أن البلاد كانت على مشارف مواسم سياحية واعدة سواء كان خلال عطلة عيد الميلاد أو خلال موسم التزلج أو خلال عيدي الفصح والفطر. ويقدر بنك عودة أن تكون الإيرادات السياحية الضائعة خلال فترة الستة أشهر منذ اندلاع الحرب قد فاقت المليار دولار أمريكي حتى تاريخه، وذلك على أساس انخفاض متوسط عدد السياح بنسبة 24 في المئة، علماً ان متوسط إنفاق السائح في لبنان يبلغ حوالي 3000 دولار أمريكي».


المصدر : القدس العربي

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa