كُرسيُّ الجِهاد

28/06/2024 02:35PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

إنّ "الكِباش" السياسيّ على كرسيّ بعَبدا لا يخضع لموازين القوى السياسيّة عندنا، فهو مرتبط مباشرة بمشيئة فريق واحد، وهو حزب الله، أي: المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، التي تعمل بإرادة ولاية الفقيه، استنادا إلى مصالح طهران السياسيّة والاقتصاديّة.

وقد أتى "طوفان الأقصى" رافِعة إضافيّة للحزب، الذي يكفي أن يعطّل المجلس النيابيّ بتعطيل النصاب، ليمنع انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة. فها هو الآن يزداد قوّة بعدما دفع، ولا يزال يدفع فواتير دم باهظة في جنوب لبنان.

لا شكّ في أنّ حصّة حزب الله من الغنيمة الإيرانيّة، بعد انتهاء حرب غزّة، محفوظة. وهو في الوقت الراهن لا يريد رئيسا للجمهوريّة، إلّا إزا كان مارونيّا مُجاهِدًا على طريق القُدس، وإن كان لا يستطيع الفوز في انتخابات المَخترة في بلدته.

ولا شكّ أيضا أنّ تعديلات جذريّة في المشهد السياسيّ ستكرّسها المرحلة المُقبِلة، تُختَصَر باستمرار تغييب السّلطة اللبنانيّة ومواجَهة أيّ خطوة نحو بناء دولة المؤسّسات، التي لا يمكن أن تكون إلّا على حساب سَحب البساط من تحت حزب الله وتقليص حضوره سياسيّا وأمنيّا.

ولن يكون خلاف ذلك إلّا في حال توسُّع الحرب، الأمر المستَبعَد لأنّ اللاعبين الأساسيّين يتجنّبون الدخول في ما هو غير مضمون النّتائج، لا سيّما أنْ لا أحد من هؤلاء اللاعبين مستعدّ لأثمان، على الأقلّ ليس وقتها الآن.

وفي العودة إلى استحقاق الرئاسة عندنا، لقد بات معروفا أنّ كلّ الأسماء التي دخلَت نادي الترشُّح لم تكن سوى لِمَلء الوقت.  حتّى اسم قائد الجَيش الذي بدَا كأنّه يحظى بالإجماع، اختفى من ساحة التّداوُل، لسبَبَين بارزَين: الأوّل أنّ القوى "السياديّة" تراه مَخرَجًا للأزمة لا حَلًّا، استنادًا إلى أنّها ترغب في مرشَّحين آخرين.

والثاني أنّ حزب الله لن يأتي برئيس يتواصل مع أميركا بشكل دائم لتعزيز قوّة الجيش اللبنانيّ واستمراره، ما يعني أنّ العماد جوزف عون خصم للحزب، وقد يكون الأكثر استبعادا واستهدافا منه.

إنّ حزب الله، بِحُكم ارتباطه الجذريّ بولاية الفقيه، واستعداده الدائم لتسديد فواتير الدّم عنها، يُعتبَر لاعِبًا وازِنًا، ومن البديهيّ أن يستثمر حصّته بعد الحرب، في مزيد من الانقضاض على صورة لبنان الذي نعرفه سابقا، وفي المزيد من الجِهاد الدّاخليّ الذي قد يكون سياسيّا، وقد يكون أمنيّا على طريقة السابع من أيّار الذي وُصِف جهاديّا بأنّه يوم مجيد.

وفي هذا السياق، سواء بقي كرسيّ بعَبدا شاغِرا، أم امتلأ بعد حين، فهو إلى أجَل غير مسمَّى... كُرسيُّ الجِهاد والمجاهِدين.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa