بين فرنسا وإيران: انتخابات... وما يُشْبهها

09/07/2024 01:20PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

بين الانتخابات النيابيّة الفرنسيّة، الأخيرة، والانتخابات الرئاسيّة الإيرانيّة، أكثر من فارق ملحوظ، غير أنّ الديمقراطيّة الحقيقيّة، بنسبة معيّنة، هي الفارق الأوّل والأهمّ. فالفرنسيّون عاشوا حالة صادقة في انتخاباتهم، التي تميّزت بالاختلاف بين فريق وآخر إلى حدّ التّعارُض المتمثّل بين أقصى اليمين وأقصى اليسار. بينما في إيران، سمحَت ولاية الفقيه بترشُّح الاعتدال المشبوه من خلال مسعود بزشكيان، الفائز بالرئاسة على منافسه المحافِظ، وممّا يُثبِت ذلك كلام بزشكيان، بعد انتخابه، غير الموحي بأيّ تغيير يُذكَر، فهو عمليّا تحت عين ولاية الفقيه وعباءتها. وليس السماح بوصوله إلى كرسيّ الرئاسة سوى الإيحاء للرأي العام الدوليّ بأنّ طهران تتّجه نحو الاعتدال، بهدف التواصل الأفضل مع العالَم، لا سيّما دول الغرب، وفي طليعتها أميركا.

لم يشعر الرأي العام الدوليّ بما يشير إلى أيّ حدث صادم، سلبا أو إيجابا، في الانتخابات الإيرانيّة، لأنّ من غير الممكن حدوث مفاجآت كبيرة، استنادا إلى أنّ السلطة الأولى، عمليّا، هي لخامنئي، مرشد الثورة وقائدها. في حين أنّ الكرة الأرضيّة بأسرها تفاعلت بانفعال مع الانتخابات الفرنسيّة، التي كاد يحصد نتائجها بنجاح أوّل يمين فرنسا، لولا الحلف الذي تمّ بين "الماكرونيّين" واليسار الفرنسيّ، مدعومِين بناخبين ليسوا من أصل فرنسيّ، إنّما وجدوا في هذا الحلف نجاة من وصول اليمين إلى السلطة بحصّة الأسد. ما يعني أنّ الخطَّين الأقصر في المثلّث اتّصلا ببعضهما ليجتازا الخطّ الأطول فيه.

ويأتي هذا الحلف ضمن إطار ديمقراطيّ، وإن كان لكثير من الدّول رغبات متعدّدة غير خافية في هذه الانتخابات.

حاول النظام الإيرانيّ الحاكم إجراء جراحة تجميل شكليّة بانتخاب بزشكيان، موحيا من خلال خطاب الرئيس الجديد بمعالجة مسألة الحجاب التي كانت مدخلا إلى انتفاضة شعبيّة كادت تطيح بالنظام لَوْ حظِيِت بظروف ملائمة، وبمعالجة بعض المسائل التي من شأنها تنفيس الاحتقان الشعبيّ، الذي هو في الحقيقة يتخطّى الحاجات المادّيّة إلى ما هو أبعد بكثير ويُختَصَر بالحرّيّة والديمقراطيّة.

وفي المقابل، أظهِرت انتخابات فرنسا تَحَوُّلا واضحا في رأي الناخب ومزاجه، وعليه، وإن نجح اليسار والرئيس ماكرون وحلفاؤهما في إقصاء اليمين الفرنسيّ عن الفوز الأوّل، إلّا أنّ سياسة فرنسا، لا سيّما الداخليّة، لن تكون كما في السابق. وقد ننتظر شدّ حبال حقيقيّا على مستوى الشارع الفرنسيّ في موازاة العمل السياسيّ المؤسّساتيّ. أمّا في إيران فقد يقتصر التغيير على تراجع عمليّات الإعدام واضطهاد المرأة، وذلك في سياق تكتيكيّ مرحليّ...

وفي استنتاج أوّليّ، يبدو أن لا مشهد سياسيّا جديدا في إيران، بعد انتخاباتها الرئاسيّة، بينما يظهر المشهد الفرنسيّ معدَّلا بشكل كبير، تحت تأثير صناديق الاقتراع، التي هي في مكان صانعة عجائب، وفي مكان آخر ليست أفضل شأنا من الصناديق التي تمتلئ خضارا وفاكهة.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa