محور المقاومة يذوق طعم الانهيار مع سقوط الأسد

09/12/2024 07:09AM

كتبت إليسا جيهز روبن من نيوورك تايمز في الجمهورية: 

على مدى العقود الأربعة الماضية، خصّصت إيران أفضل عقولها العسكرية، ومليارات الدولارات، وأسلحة متطوّرة لمشروع كبير: مواجهة القوة الأميركية والإسرائيلية في الشرق الأوسط من خلال ما أطلقت عليه اسم «محوَر المقاومة».

هذا التحالف، المكوّن من جماعات مسلّحة أو حكومات متشابهة التفكير في 5 دول في الشرق الأوسط، سمح لإيران بإبراز قوّتها غرباً حتى البحر المتوسط وجنوباً إلى بحر العرب. لكن في وقت قصير للغاية، انهار إلى حدّ كبير.

أطاحت جماعات المعارضة السورية بالديكتاتور القديم للبلاد، بشار الأسد، في أقل من أسبوعَين، إذ قدّمت القوات الحكومية مقاومة ضئيلة. كما أُضعفت جماعة «حزب الله» اللبنانية المسلّحة والفصيل الفلسطيني «حماس» في غزة نتيجة أكثر من عام من الحرب مع إسرائيل.


لا تزال الميليشيات العراقية المرتبطة بإيران والحوثيّون في اليمن قائمين، لكنّهم يلعبون أدواراً ثانوية في هذا التحالف. وحتى لو كانت إيران تعتزم إعادة بناء هذا التحالف، فمن المحتمل أن يستغرق ذلك سنوات لإعادته إلى قوته السابقة.

واعتبر روبرت فورد، السفير الأميركي السابق لدى سوريا وزميل بارز في معهد الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، أنّ «أهم تطوّر إقليمي هو هذه الخسارة الاستراتيجية الإيرانية»، في إشارة إلى الهزائم الجماعية التي تكبّدها حلفاء إيران.

كانت سوريا تحت حكم الأسد حاسمة للتحالف لأنّها وفّرت ممراً برياً لإيران لإمداد «حزب الله» في لبنان بالأسلحة والأموال. وقد سعت إسرائيل إلى قطع هذا الخط. وكان الدفاع عنه بالقدر عينه من الأهمية بالنسبة إلى إيران.

ومع الإطاحة بالأسد هذا الأسبوع وغموض القيادة المستقبلية لسوريا، ليس من الواضح ما إذا كانت إيران يمكنها الاحتفاظ بهذا المسار الاستراتيجي.


وأوضح فورد يوم السبت، قبل سقوط العاصمة السورية دمشق في أيدي المتمرّدين، أنّ «الإيرانيّين يتعرّضون إلى هزيمة استراتيجية كبيرة إذا تمّ استبدال حكومة الأسد بنوع آخر من الحكومة التي تتخذ موقفاً غير متعاون مع «حزب الله» اللبناني، لأنّ جسرهم البرّي إلى لبنان يُقطع، وهو ضربة كبيرة لأي أمل قد تكون إيران قد راودته في إعادة بناء «حزب الله» ببطء وثبات».

دعمت إيران الأسد لفترة طويلة، وقدّمت له دعماً عسكرياً لصَدّ معارضيه خلال الحرب الأهلية التي استمرّت 13 عاماً. لكنّ مستشارين وقادة من الحرس الثوري الإيراني القوي، العديد منهم عملوا أيضاً عن قرب مع «حزب الله»، بدأوا مغادرة سوريا يوم الجمعة.

ويرى محلّلون أنّ إيران أدركت أنّها لم تعُد قادرة على تقديم حَلّ عسكري للأسد، خصوصاً أنّ قواته بدت غير راغبة في القتال من أجله.

الأثر الأوسع للهجوم الإسرائيلي على «حزب الله»، والذي يبدو أنّه أجبر الجماعة على استدعاء العديد من مقاتليها من سوريا، وفقاً لديبلوماسيّين ومحلّلين، كان إضعاف دفاعات الأسد.

كانت سوريا الحليف الأقرب لإيران في الشرق الأوسط. اعتمد الأسد على القادة والوحدات الإيرانية تحت سيطرة الحرس الثوري ومقاتلي «حزب الله» - الذين ساعدت دعمهم في بقائه لأكثر من عقد من الحرب الأهلية، حتى هذا الأسبوع.

لكن في السنوات القليلة الماضية، بينما بدت الصراعات في سوريا متوقفة، كانت قوات المعارضة تعدّ بهدوء تحدّياً جديداً للأسد. عندما اختارت الهجوم، تبيّن أنّ نظام الأسد كان نمراً من ورق.

بالإضافة إلى القوات الإيرانية و«حزب الله»، اعتمدت حكومته على الدعم الروسي، وخصوصاً القوة الجوية. لكنّ قوّاته العسكرية نفسها بدت وكأنّها تفتقر إلى الرغبة في القتال.

على رغم من هذه الخسائر المتراكمة، أوضح حسن أحمديان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، أنّ التحالف قد خدم غرضه بالنسبة إلى إيران. الإيرانيّون اعتقدوا أنّه سيكون رادعاً لإسرائيل، وليس دفاعاً لا يمكن اختراقه.

وأضاف أنّ إيران «لطالما أدركت أنّها في معركة غير متكافئة مع إسرائيل، التي تمتلك ترسانة نووية وتدعمها أسلحة أميركية متطوّرة ودعم سياسي أميركي قوي. الإيرانيّون لا يتوفر لهم أي من ذلك. لكنّ الاستراتيجية كانت لتحقيق توازن مع تلك القدرات - الأسلحة النووية والدعم الأميركي - من خلال تحالف من الجماعات المسلّحة والحكومات ذات التفكير المماثل».

على رغم من أنّ إسرائيل يُعتقد على نطاق واسع أنّها تمتلك أسلحة نووية، إلّا أنّها لم تؤكّد ذلك رسمياً. وحذّر مراقبون قدامى لإيران من استبعادها تماماً.

وأكّد ريان كروكر، السفير الأميركي السابق لدى لبنان وسوريا والعراق، أنّ «حزب الله أُضعف بشكل كبير، ومن الواضح أنّ إيران ظهرت كقوة أضعف في مواجهتها المباشرة مع إسرائيل. لكنّ النجاح التكتيكي والعملياتي لا يُترجم بالضرورة إلى نصر استراتيجي».

وحذّر من أنّ «حزب الله» لم يُهزم بالكامل. وأضاف أنّ إيران من غير المرجّح أن تتراجع إلى حدودها بعد: «لا أعتقد أنّ إيران أو «حزب الله» يعتبران نفسَيهما مهزومَين هنا. وشيء واحد أظهرته إيران هو أنّها تمتلك القدرة على اللعب على المدى الطويل».




المصدر : الجمهورية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa