23/12/2024 09:32PM
كتبت أسرار شبارو في "الحرة":
رغم موافقة حزب الله على اتفاق الهدنة الذي ينص في أحد بنوده على تجريد المجموعات المسلحة من سلاحها، إلا أن تصريحات قيادات الحزب لا تزال تؤكد تمسكه بهذا السلاح. وآخر هذه المواقف جاءت على لسان نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله، الوزير السابق محمود قماطي، الذي صرح قائلاً "إذا كنا شركاء حقيقيين في الوطن، علينا أن نبني استراتيجية دفاعية تدافع عن هذا الوطن، فالجيش وحده لا يستطيع أن يواجه العدو ".
تصريحات قماطي جاءت خلال احتفال نظمه حزب الله في بلدة الجية، الأحد، حيث شدد على أن "الحلم والتمنيات الخبيثة للبعض بأن يبقى لبنان بدون سلاح المقاومة، لن تتحقق".
وتعكس تصريحات قماطي موقف الحزب المتشبث بسلاحه، رغم الالتزامات الوطنية والدولية التي تنص على حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، في ظل مطالبات داخلية وخارجية بتطبيق اتفاق الهدنة بين حزب الله وإسرائيل بشكل كامل.
وفي السياق، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، خلال جولة قام بها مع قائد الجيش العماد جوزيف عون في القطاع الشرقي بجنوب لبنان، اليوم الاثنين، إن "الجيش اللبناني سيقوم بمهامّه كاملة في جنوب لبنان، بعد انسحاب إسرائيل من الأراضي التي توغلت فيها"، مؤكداً أن "الجيش لم يتقاعس يوماً عن مهامّه، ونحن أمام امتحان صعب، وسيثبت الجيش أنه قادر على القيام بكل المهامّ المطلوبة منه، وأنا على ثقة كاملة بهذا الأمر".
من جانبه شدد العماد عون على أن الجيش اللبناني "يقوم بمهامه وسيستمر بذلك لتطبيق القرار 1701 بالتعاون مع اليونيفيل، والمطلوب أن تلتزم إسرائيل بتفاهم وقف إطلاق النار، وهذه هي مهمة اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار".
ويواصل الجيش اللبناني تعزيز انتشاره في جنوب لبنان، في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر الماضي، بعد مواجهة مفتوحة استمرت أكثر من شهرين بين حزب الله وإسرائيل خلفت نحو أربعة آلاف قتيل في لبنان وتسببت بدمار واسع في مناطق تعد معاقل للحزب المدعوم من إيران.
أوهام الماضي
تصريحات قماطي "بعيدة عن الواقع المستجد بعد الحرب الأخيرة والتحولات الكيانية التي طرأت في سوريا"، كما يعتبر الكاتب والمحلل السياسي، إلياس الزغبي، ويضيف أن "قماطي، ومعه من تبقى من قيادة حزب الله، لا يزالون يعيشون على أوهام الماضي التي اندثرت".
ويرى الزغبي، خلال حديث مع موقع "الحرة"، أن العودة للحديث عن "الاستراتيجية الدفاعية" أو الثلاثية القديمة "شعب وجيش ومقاومة" لم تعد ممكنة ولا مطروحة، ويوضح أن "الاستراتيجية الدفاعية الوطنية الحقيقية هي مسؤولية الجيش اللبناني الشرعي وحده، دون أي شراكة مع حزب الله أو غيره".
كذلك يؤكد العميد المتقاعد، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، هشام جابر، أن "الاستراتيجية الدفاعية لا يحددها حزب الله، بل يتم إعدادها من قبل لجنة عسكرية مختصة بعد تشكيل الحكومة الجديدة. هذه اللجنة تعمل على دراسة وإعداد استراتيجية شاملة تعرض أولاً على الحكومة ثم ترفع إلى مجلس النواب للموافقة عليها".
ويشير جابر في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "عدة مسودات للاستراتيجية الدفاعية قد وضعت، تنص على أن يكون الجيش اللبناني نواتها، أما الفرق العسكرية غير النظامية، بما في ذلك حزب الله، يجب أن تكون ملحقة بالاستراتيجية الدفاعية. في زمن السلم، تمارس هذه الفرق عملها الطبيعي، بينما تحدد مهامها بدقة في زمن الحرب، بما يشمل استلام السلاح وتنفيذ المهمات".
أما الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب فيشدد على ضرورة أن يدرك حزب الله، بعد كل ما جرى أن "المقاومة تصبح مقبولة، فقط إذا كان سلاحها لبنانياً، صادراً عن قرار وطني لبناني، وفي إطار شراكة مع الجيش اللبناني، أما امتلاك المقاومة لسلاح غير لبناني فإنه يضع لبنان في موقف تابع للجهة التي تمنح هذا السلاح، ما قد يتعارض مع مصلحة الجيش اللبناني والدولة".
"الاستراتيجية الدفاعية ليست مجرد تعاون بين المقاومة والجيش"، كما يقول ملاعب لموقع "الحرة "بل يجب أن تبنى على شمولية قدرات الدولة، من استراتيجية وجغرافيا وسياسة واقتصاد ومالية وحضارة، في إطار مفهوم واحد يسمى الأمن القومي"، ويوضح أن "الأمن القومي هو الأساس الذي تعمل بموجبه السلطة السياسية على تحديد استراتيجيتها الدفاعية، ومن خلاله يتم تكليف الجيش اللبناني برسم السياسات الدفاعية، بما في ذلك تحديد الأصدقاء والأعداء، أما أي دور عسكري أو أمني خارج إطار الدولة يعدّ خروجاً عن السيادة، حيث يجب أن تكون كافة الفعاليات الوطنية تحت تصرف الدولة فقط".
لذلك يرى ملاعب أن التصريحات الصادرة عن حزب الله "يجب أن تراعي التطورات الحاصلة، خاصة فيما يتعلق بتطبيق القرار 1701، الذي يمنح الدولتين، لبنان وإسرائيل، حق الدفاع عن النفس بشرط عدم الاعتداء المتبادل"، مشدداً على أنه "في حال أي اعتداء على لبنان، فإن السلطة السياسية اللبنانية هي الجهة الوحيدة المخولة بالرد، ويتم ذلك من خلال وضع كافة القدرات تحت تصرف الجيش اللبناني بقرار منها، وليس بقرارات منفردة كما حدث سابقاً".
طروحات غير واقعية
ما قاله قماطي بشأن عدم قدرة الجيش اللبناني على حماية لبنان وضرورة مساندته من المقاومة، هو بحسب الزغبي "محاولة لإعادة طرح فكرة قديمة كان يتبناها الحزب، وهي أن المقاومة هي القوة الأساسية والجيش هو الرديف، لكن هذه الفكرة أصبحت غير واقعية بتاتاً".
وفيما يتعلق بما إذا كان كلام قماطي يعكس تملص حزب الله من التزاماته في اتفاق الهدنة، خاصة البند المتعلق بسحب سلاحه، يقول الزغبي "مواقف الحزب تتسم بتخبط واضح، وهذا التناقض يعكس الصدمة العميقة التي تعرض لها، والتي لا يزال خاضعاً لتأثيرها السلبي، ما يحول دون تمكّنه من رؤية الواقع بوضوح كما ينبغي".
الوضع الحالي يختلف تماماً عن المرحلة التي أعقبت حرب 2006، كما يرى ملاعب ويقول "رغم التدمير الذي حصل حينها، إلا أن الحزب تكبّد اليوم خسائر كبيرة على مستوى قياداته العسكرية والسياسية من الصفين الأول والثاني. والأخطر من ذلك، هو انقطاع اتصاله بمحوره الإقليمي بعد التطورات الأخيرة في سوريا، وفي ظل هذا الواقع، لم يعد بمقدوره الصمود أمام القوة الحربية الإسرائيلية مستقبلاً، كما أن دوره المحلي بات محدوداً".
أما جابر فيرى أن الجيش اللبناني وحزب الله، كل بمفرده، لا يستطيعان مواجهة إسرائيل، ويقول "التجربة أظهرت أن حزب الله قادر على الدفاع عن وجوده، لكنه لا يستطيع الدفاع عن لبنان، حيث تملك إسرائيل القدرة على تدمير البلاد، لذلك لا بد من وضع استراتيجية دفاعية مدروسة جيداً تحت إشراف عسكريين مختصين، بعيداً عن تدخل أي جهة حزبية في إعدادها، وذلك بعد انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة".
"عند إقرار الاستراتيجية الدفاعية، سيتم تحديد دور حزب الله بشكل واضح"، وفق ما يوضح جابر، "بما يشمل أماكن تسليم سلاحه الثقيل والخفيف"، مؤكداً أن "تنفيذ هذه الاستراتيجية سيكون تحت إشراف المجلس الأعلى للدفاع، الذي يضم في عضويته رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، ووزير الدفاع، وعدداً من الوزراء، ويعنى بالإشراف على التعبئة العسكرية وإدارتها بشكل منظم وفعّال".
الضمانة الأساسية
"ضمانة لبنان تكمن في تطبيق القرار 1701 بشكل كامل، بما يشمل انسحاب إسرائيل إلى الحدود الدولية البرية المرسومة عام 1949 وفق اتفاق الهدنة"، كما يقول ملاعب، لافتاً إلى أن "الخط الأزرق الحالي، الذي حددته الأمم المتحدة عام 2000، هو خط انسحاب وليس خط حدود دولي"، ويشدد "تطبيق بنود هذا القرار بشكل كامل سيزيل الذرائع لوجود المقاومة وسيسمح ببناء جيش لبناني قوي قادر على حماية السيادة".
وينص القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن عام 2006 على إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، باستثناء تلك التابعة لحكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة "اليونيفيل".
كما يدعو القرار إلى التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، إضافة إلى القرارين 1559 الصادر في 2004 و1680 الصادر بالعام 2006، واللذين يطالبان بنزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أي أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخص الدولة اللبنانية.
من جانبه يشدد الزغبي على أن "لبنان يتجه بثبات نحو استعادة الدولة الشرعية وقرار الحرب والسلم عبر مؤسساته الدستورية العليا، وتحديداً رئاسة الجمهورية والحكومة الجديدة"، مؤكداً أن "الدفاع عن لبنان هو من مسؤولية الجيش اللبناني وحده، بقوته الشرعية المطلقة، والتي تحظى بدعم المجتمعين العربي والدولي".
وفي سياق الحديث عن التطورات الإقليمية، لاسيما في سوريا التي كانت تعتبر في عهد نظام الرئيس السابق بشار الأسد ممراً استراتيجياً لسلاح حزب الله، يرى الزغبي أن "المستقبل بين بيروت ودمشق يقوم على سيادة الدولتين والتعاون الندي بين حكومتين سياديتين، بعيداً عن أي تدخل في الشؤون الداخلية"، ويضيف أن "ترسيم الحدود الثابتة بين لبنان وسوريا سيكون مفتاحاً لحل كافة المشكلات العالقة، بما يضع حداً للمعضلات الماضية ويؤسس لعصر جديد من الاستقرار والازدهار في لبنان".
وبعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، في 8 ديسمبر، قال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، إن الجماعة فقدت طريق إمداداتها عبر سوريا، وأمس الأحد، وجه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تحذيرات شديدة اللهجة لحزب الله خلال زيارته لموقع عسكري في جنوب لبنان.
وصرح كاتس أن إسرائيل قد "اقتلعت أنياب الأفعى"، محذراً من أنه في حال عدم انسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني أو محاولته خرق وقف إطلاق النار، فستقوم إسرائيل "بسحق رأسه".
المصدر : الحرة
شارك هذا الخبر
حادث مروّع في إيران: 9 قتلى!
أول اعتراف علني... اسرائيل: قتلنا إسماعيل هنية
مع ابنه حافظ... هكذا هرب بشار الاسد
بعد حادث الدهس... ألمانيا تحقق في ثغرات أمنية محتملة
بعد الجدل... عبدالله بالخير يكشف حقيقة فيديو راغب علامة
الإفراج عن لبنانيين اختطفا في سوريا قبل أيام!
ترامب يكشف ملامح يومه الأول في البيت الأبيض... ويتحدث عن "العصر الذهبي"
حزب الله يتمسّك بسلاحه... هل بدأ "التهرّب" من الاتفاق؟
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa