"حزب الله" يعتقل نجل القرضاوي وهذه هي الكواليس

07:20AM

كتب سامر زريق في نداء الوطن:

في 29 كانون الأول الماضي، اعتقلت السلطات اللبنانية عبد الرحمن، نجل الشيخ الراحل والرئيس الأسبق لـ "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، يوسف القرضاوي، الذي يعد منظّر جماعة "الإخوان المسلمين"، فور وصوله الى معبر "المصنع" عائداً من دمشق. وعُزيَ السبب، حسب الرواية الرسمية، الى وجود مذكرة "انتربول" بحقّه صادرة عن "مجلس وزراء الداخلية العرب"، إنفاذاً لحكم غيابي من القضاء المصري عام 2017.

المثير أن المذكرة نفسها، وبمعزل عن انتماء القرضاوي ومواقفه الإشكالية، لم تحل دون دخوله سوريا عبر "المصنع". كما أنها لم تمنعه من الدخول والخروج عبر "مطار رفيق الحريري" في زيارات سابقة إلى لبنان، وبالتالي ثمّة قطبة مخفية تاهت في حمأة هذا الجدل. هذه القطبة بطلها "حزب الله"، الذي يبدو من الواضح أنه لم يبتلع ولن يبتلع الهزيمة التي لحقت به، وقصمت ظهر محور الملالي، والمتمثلة بخسارة سوريا، حيث تفوق مرارتها تلك الناجمة عن اغتيال أمينه العام السيد حسن نصر الله.

تشير معلومات الى أن "حزب الله" سارع الى تلقّف موجة الاستنكار الواسع على وسائل التواصل الاجتماعي، التي أحدثها فيديو تحريضي ضد دول عربية بعينها، سجله القرضاوي في باحة "المسجد الأموي"، ونشره عبر حساباته. فأوعز الى رجاله في الأمن والقضاء اعتقال القرضاوي في إيابه، بقصد تنفيذ ضربة ثلاثية الأبعاد:

البعد الأول: ضرب إسفين في جدار التفاهمات الإقليمية المنسوجة حيال سوريا، بغية إشعال الخلاف بين تركيا، عرّابة خلع "نظام الأسد"، وبين مصر بالدرجة الأولى، وكذلك العرب، علّه بذلك يعيد عقارب الساعة الى الوراء، وينجح في إيقاظ الخلاف بين أنقرة وعدد من العواصم الخليجية البارزة. وهذا الوتر لم يتوقف عن عزفه أبداً، لكن نغمته لم تعد تطرب أحداً. فوق ذلك، لا يمكن لاعتقال شخص، مهما بلغت رمزيته، عرقلة اتفاقات جيوسياسية ستغير وجه المنطقة.

البعد الثاني: توريط لبنان، ولاسيما الطائفة السنية، في تفجير خلاف مع سوريا "السنية"، ولا سيما أنه يقف خلف منع التواصل الرسمي بين الدولتين الجارتين، في الوقت الذي تتقاطر فيه الوفود الدبلوماسية الرفيعة الى دمشق، لترتيب العلاقات مع نظامها الجديد. بيد أن الإدارة السورية الجديدة فوّتت على "حزب الله" استثمار هذه القضية، بمسارعتها الى التأكيد على أن كلام القرضاوي لا يمثلها، وطلبها من الزوار احترام روابط الأخوة مع الدول العربية. ومع ذلك فإن بوادر افتعال الخلاف بين بيروت ودمشق سعياً نحو القطيعة تمضي بوتيرة ساخنة.

بكافة الأحوال، بقيت القنبلة التي فجرها "حزب الله"في حضن السنة، ما بين مدعي عام التمييز جمال الحجار، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي فشل في إيجاد مخرج "توفيقي" يجنّبه الإضرار بعلاقاته مع الأتراك الذين حاولوا استرداد مواطن يحمل جنسيتهم، حيث اتخذت حكومته قرار ترحيل القرضاوي إلى الإمارات، غداة إرسالها طلباً قضائياً مرفقاً بمذكرة توقيف لتحريضه على الإرهاب.

البعد الثالث: توجيه صفعة قوية إلى تنظيم "الإخوان المسلمين" عبر اعتقال نجل شخصية تحظى بالتبجيل من قبل قياداته وأنصاره، على خلفية موقفه المؤيّد للتغيير في سوريا. وهذه عينة تميط اللثام عن حقيقة نظرة "حزب الله" إلى تحالفه الظرفي والنفعي معهم، وأنه لا يعدّه سوى مطيّة لتنفيذ أهدافه، ولم يكن في أي وقت شريكاً جدياً، على ما سوقت "حماس" و"الجماعة الإسلامية". فلو كان حليفاً موثوقاً لأخرج عبد الرحمن القرضاوي من سجنه كما فعل في غير قضيّة، ولكانت وسائل إعلامه جرّدت حملة للدفاع عنه، أسوة بما فعلت مع من هم أقل رمزية منه بكثير. ولمعرفة مدى خبثه ودرجة التقية لديه، تكفي الإشارة إلى أن وزراءه وافقوا على قرار الحكومة تسليمه لدولة لم يوفروا فرصة للتحريض عليها وتخوينها.

المفارقة أن "الحزب" الذي يدّعي اليوم احترام القضاء ومذكرات "الإنتربول"، هو نفسه من حمى أشخاصاً بحقّهم مذكرات وأحكام قضائية صادرة عن عدة دول خليجية، وهرّب قيادات نظام الأسد، وفي طليعتهم علي مملوك، المحكوم غيابياً من القضاء اللبناني في جريمة تفجير مسجدي "التقوى" و"السلام". ناهيكم عن تهريبه القيادي المنتمي إليه محمد يوسف منصور، المعروف باسم سامي شهاب من السجون المصرية، والاحتفاء به خلال خطبة جماهيرية لأمينه العام السابق، رغم أنه محكوم بالسجن بتهمة الإرهاب، وبحقّه مذكرة "إنتربول" أيضاً.


المصدر : نداء الوطن

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa