07:28AM
كتبت لوسي بارخسيان في نداء الوطن:
"أوتوستراد زحلة" كان أوتوستراداً يوم شق في سهل البقاع على عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي. إلا أنه بعد جذبه للاستثمارات العقارية، تحول طريق خدمة لمؤسسات تربوية، صحية، تجارية، مطعمية، وغيرها. حتى أن بعض دوائر المؤسسات العامة زحفت إليه، لكن من دون أن يشكل ذلك حافزاً لإجراءات تواكب تبدل مفهومه. فعلى مسافة تمتد لنحو خمسة كيلومترات، لم يجهز "الأوتوستراد" سوى بجسر مشاة واحد، مع أن المطالبات كثيرة وكذلك الوعود. تنوعت الذرائع لعدم إيلاء أهمية للسلامة المرورية على هذا الطريق، ولم يؤخذ حتى بأبسط الحلول المقترحة وأقلها كلفة، هذا فيما عداد القتلى عليه يرتفع يومياً، وآخرهم في الأسبوع الماضي الشابان يورغو بردويل وأنطوني العتل.
في تحليله للحادث القاتل الذي ذهب ضحيته الشابان اللذان كان يفترض أن يكملا مع أصدقائهما آخر سنة دراسية قبل أن ينتقلوا إلى المرحلة الجامعية، يقول ميشال مطران رئيس المرصد اللبناني للسلامة المرورية "إن السرعة هي لا شك سبب للحادث، لكن لكي يتحول إلى حادث قاتل، فثمة أسباب محيطة، وأبرزها كون أوتوستراد زحلة طريقاً غير متسامح في حال وقوع الحوادث".
تحول أوتوستراد زحلة منذ مدة طويلة إلى طريق خدمات بامتياز. وهذا يفترض بحسب مطران ألا تتجاوز حدود السرعة القصوى المسموح بها عليه الخمسين كيلومتراً في الساعة، إلا أن إصرار وزارة الأشغال العامة على إبقاء تصنيفه الحالي كطريق سريع يسمح ببلوغ السائق سرعة 120 كيلومتراً.
شاهد الجميع فيديو الحادث، الذي أظهر الشباب في حالة قيادة سريعة. إلا أن ما جعل حياتهم في خطر هو أنهما لم يضعا أحزمة الأمان. هذا في وقت تغيب كل الإجراءات الرادعة عن طرقات لبنان عموماً، إضافة إلى ما تحويه من عناصر قاتلة، ومن بينها أعمدة الكهرباء، التي اصطدمت بأحدها سيارة الشابين، ويعتقد أن هذا الإصطدام هو سبب أساسي في وفاتهما.
الدولة مسؤولة
يحمّل مطران مسؤولية الحوادث المميتة على أوتوستراد زحلة إلى سلسلة عوامل تضاف إلى سلوكيات السائق الخطرة، وأبرزها:
غياب التصميم الطرقي الآمن، كمثل وجود أعمدة الكهرباء في غير محلها.
غياب الرادارات والمراقبة الطرقية.
عدم وجود تعليم سوق وهذا ما يضع فئة السائقين الجدد في مخاطر مميتة. ولا فرق هنا إذا كان السائق قد أتمّ الـ 18 للحصول على دفتر سوق أم لا يزال تحت السن، "فأن تعرف القيادة شيء، وأن يكون لك الحق بالقيادة شيء آخر" كما يقول مطران. معتبراً "أن شباب لبنان عموماً لا يتعلمون القيادة، ولا يحسن الواقع ترقية مكاتب السوق إلى رتبة المدارس، فالمعايير غير محترمة، والقوانين غير مطبقة، وإنما ما نشهده "تنفيعة" تسمح لمكاتب السوق بمداخيل مشرعة رسمياً".
هذا في وقت يشدد مطران على "أن الدولة كناظم لهذا القطاع، مسؤولة عن سلامة الطرقات أيضاً، إذ لا يمكن إعطاء رخصة قيادة للمواطنين، والطريق ملغومة بكل الأفخاخ التي تتسبب بالحوادث والضحايا الناتجة عنها".
49 قتيلاً في 281 حادثاً خلال عامين
يورغو وأنطوني لم يكونا الوحيدين اللذين يقتلهما حادث السير على أوتوستراد زحلة. فقبل أشهر ضجت وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً بوفاة رئيس بلدية دير الغزال رفيق الدبس متأثراً بجروحهِ إثر حادث سير وقع على الناحية الأخرى من الأوتوستراد نفسه. كذلك صدمت سيارة مسرعة من نوع BMW في شهر شباط من العام 2024 مختار بلدة كفرزبد جرجس فريحة أمام أفران شمسين على الأوتوستراد نفسه.
هذا في وقت أظهرت أرقام عرضها مطران خلال لقاء نظمته منسقية "القوات اللبنانية" في زحلة بـ "أن قضاء البقاع هو الأسوأ لبنانياً على صعيد السلامة المرورية، إذ أن نسبة القتلى جراء حوادث السير فيه تصل إلى نحو 10 في المئة، وهي أعلى حتى من بعلبك التي لطالما صنف أوتوسترادها بطريق الموت".
هذا في وقت تشير دراسة أعدها مدير الأكاديمية اللبنانية للسلامة المرورية كامل ابراهيم إلى وقوع 281 حادث سير على مسافة الأوتوستراد الممتدة بين مستديرة الحمرا بلازا وكساره منذ العام 2013 وحتى سنة 2022، وقد نتج عنها 49 قتيلاً و368 جريحاً.
وإذا راقبنا كيف يجتاز المواطنون بين مسلكي الأوتوستراد يومياً للوصول إلى مؤسسات الضمان الاجتماعي أو مصلحة المياه أو الجامعات وحتى الأفران والمطاعم، نفهم جيداً كيف أن أوتوستراد زحلة حصد أيضا النسبة الأكبر من حوادث الدهس في منطقة زحلة.
هذا الواقع دفع نواب زحلة إلى الإعلان عن طلب رسمي لإصدار مرسوم يحول الأوتوستراد إلى طريق خدمات.
طبعاً الطلب ليس الوحيد الذي يعكس استشعار الخطر من الطريق. بل سبق للـ UNDP في شهر أيار من العام الماضي أن رفعت كتاباً إلى وزارة الأشغال، يستند لدراسة استشارية، تبين الأخطار المرورية على أوتوستراد زحلة، وتطلب تأمين ظروف تهدئة المرور عليه بما يسهم في التخفيف من الحوادث القاتلة.
قد تكون دوافع الـ UNDP للاهتمام بأوتوستراد زحلة مرتبطة بكونه يأوي مركزاً لامركزياً أساسياً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، هذا المركز الذي زاد من خطورة السلامة المرورية على الطريق، جراء أعداد النازحين الكبيرة التي تجتازه يومياً سيراً على الأقدام، بينهم أعداد من الأطفال. إلا أنه في المشروع إفادة لمجمل أبناء منطقة البقاع، الذين يقصدون جميع المؤسسات المنتشرة على أوتوستراد زحلة.
إلى ذلك، يعتبر رئيس المرصد اللبناني للسلامة المرورية "أن فرض إجراءات التهدئة المرورية يعتبر الحلّ الأسرع، الأوفر، والأجدى المطابق للمعايير العالمية. كما أنه يبدو الحل الوحيد الممكن تنفيذه في ظل العوامل والتعقيدات المالية واللوجستية".
حلّ أنسب وأقل كلفة
كل ما يحتاجه الأوتوستراد مطبات عريضة، خصوصاً على أجزائه التي يكثر اجتياز المواطنين بين مسلكيها، مع إشارات تسبقها، ومسامير تحذر السائق إلى وجودها، بالإضافة إلى تغيير شكل المستديرات إلى مثلثات، تحولها جزيرة وسطية تضمن المرور الآمن على المقاطع الطرقية، مع وضع رادارات للتشدد في السرعة القصوى المسموح بها.
"لا تتجاوز كلفة الإجراءات المطلوبة لجعل عبور أوتوستراد زحلة أكثر أمانا الستين ألف دولار" بحسب مطران "علماً أن تمويلها قد يتوفر عبر الجهات المانحة. بينما قد تصل كلفة تجهيز أي جسر للمشاة إلى مئة ألف دولار، هذا من دون أن تكون أي سلطة ضامنة لأن المواطنين سيستخدمون هذه الجسور. علماً أن جسر مشاة واحداً قد لا يكون كافياً لخدمة مسافة تتجاوز الخمسة كيلومترات، وتتوزع عليها المؤسسات في أكثر من مكان. ومع ذلك لم يجد الطلب آذانا صاغية لدى وزارة الأشغال، بينما المعلومات غير الرسمية تتحدث عن رفض وزير الأشغال لها".
المصدر : نداء الوطن
شارك هذا الخبر
لانسحاب إسرائيل من الجنوب... عون يطلب مساعدة فرنسا
ضاهر: تعرّضت للابتزاز... ولن أسمح لصغار المبتزّين بالتطاول عليّ
عضو لجنة التحكيم في "Queen of fitness" د. محمد أبو عرابي: هذه المسابقة تنشر الوعي حول الجمال الطبيعي!
خامنئي يعين نعيم قاسم ممثلًا له في لبنان
حصيلة الضحايا بغزة في ارتفاع مستمر
أستراليا تعليقًا على تصريحات ترامب: نؤيد حلّ الدولتين
وزير الخارجية الأميركي: مستعدون لقيادة غزة وجعلها جميلة ثانية
الطائرة الأميركية المنكوبة: المأساة تنتهي بالعثور على جميع الجثث
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa