لبنان على خط النار: هل يكون ضحية مشروع ترامب القادم؟

07:07AM

كتب منير الربيع في “المدن”:

قبل أكثر من مئة عام أُطلق وعد بلفور. هذا الوعد تحوّل إلى دولة بقوة التهجير والتطهير العرقي والإبادات الجماعية، وإخراج الناس من أراضيها ومنازلها، وبقوة دفع دولي. اليوم يُطلق ترامب وعده أو وهمه أو مشروعه، لتأسيس “ريفييرا الشرق الأوسط” والتي تنطلق من فوق ركام غزة، وعلى رحيل ناسها وأهلها وسكانها، من خلال عملية تهجيرهم، الذي أعلن عن سعيه له بشكل فاضح، استدعى إدانات دولية عارمة. يلتقي ترامب مع نتنياهو على المشروع نفسه. وإن كان نتنياهو يطمح لأن يكون مكرساً لإسرائيل ومؤسساً لها بمساحة أوسع أو دور أعظم تحت شعاره “تغيير وجه الشرق الأوسط”، فإن ترامب يطمح لأن يكون الشخص الذي تجاوز الجميع بمفاجآته، ويريد أن يتجاوز بلفور الذي قال للإسرائيليين اذهبوا وخذوا أرضاً ليست لكم. ترامب يقولها بصراحة أيضاً، إن على سكان غزة مغادرتها لتحلّ مكانهم مشاريع استثمارية ومنتجعات على طريق “الهند” باتجاه أوروبا، والذي تريده الولايات المتحدة الأميركية طريقاً مضاداً لمشروع الحزام والطريق الصيني.

إسرائيل الكبرى

في العام 2017، أصدر غازي العريضي كتاباً عنوانه “من بلفور إلى ترامب”. وقدّم فيه رؤيته لمسار ترامب وخططه، والتي تبيّنت فيما بعد صحتها، التي تجلّت في “الاتفاقات الإبراهيمية”. ويمرّ الكتاب على نوايا ترامب ومخططاته في توسيع إسرائيل، لأن مساحتها صغيرة، وفي مشروع تهويد القدس ونقل السفارة الأميركية إليها. وأن ترامب “يسعى إلى إنشاء إسرائيل الكبرى، وأنه سيكون الراعي والداعم لقومية ويهودية الدولة الإسرائيلية”. في ولايته الثانية يأتي ترامب ليستكمل مشروع ولايته الأولى، ولكن هذه المرّة على أنقاض ما تبقى من فلسطين، سواء في غزة بعد الحرب الهمجية التي شُنّت عليها، أو في الضفة الغربية التي يسعى نتنياهو إلى توسيع الاستيطان فيها ويستند على دعم ترامب لضمّها. في ذلك عملياً، يكون ترامب قد تجاوز بلفور، مع إشهاره لمشروعه حول “ريفييرا الشرق الأوسط” التي ستنطلق من غزة. علماً أن هذا المشروع قد لا يتوقف عند حدود غزّة غرباً، ولا عند حدود لبنان شمالاً، أو سوريا شرقاً.

يحتكم ترامب لعنصر القوة والعجرفة والضغط المالي والاقتصادي والتجويع، ولا يحتكم لأي أسس سياسية أو ما يرتبط بالقوانين الدولية وحقوق الإنسان. وهذا السلاح الذي يستخدمه مع الفلسطينيين، هو عينه الذي سيستخدمه مع الدول العربية، وخصوصاً مصر والأردن، اللتين ترفضان السير بمشروعه في تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية إلى أراضيهما. كما الأسلوب نفسه يعتمده مع إيران من خلال التوقيع على أوامر تنفيذية لتشديد العقوبات عليها إلى الحدّ الأقصى، بغية تطويعها.

لبنان ومشروع ترامب

لبنان حتماً ليس بعيداً عن هذا المسار، لا سيما أن العقوبات كانت قد بدأت مع ولاية باراك أوباما، وكثفها ترامب وتشدد فيها، وها هو مستعد للعودة إليها، إلا في حال استجاب اللبنانيون لكامل شروطه وفروضه، خصوصاً تلك الشروط المتصلة بأمن إسرائيل وتلبية مطالبها. وقد لا يجد ترامب حرجاً في مسايرة الإسرائيليين بقضم لمساحات لبنانية أو بمنع الحياة عن هذه المساحات، في محاكاة لما يطالب به الإسرائيليون حول إقامة منطقة عازلة بعمق 3 كلم في جنوب لبنان، أي أن قرى الشريط الحدودي لن تكون قابلة لإعادة الإعمار، وأهلها لن يعودوا إليها، إلا في حال توفرت الظروف المناسبة والمؤاتية للإسرائيليين. ما يعني الوصول إلى “إنهاء الصراع” بشكل كامل، وإن لم يتم توقيع اتفاق سلام أو تطبيع.

جزء من هذا المشروع، عكسته الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس خلال زيارتها إلى لبنان. إذ تحدثت بوضوح عن هزيمة حزب الله العسكرية، وضرورة انعكاس ذلك في الحياة السياسية اللبنانية، من خلال تأكيدها على رفض أميركا لمشاركة حزب الله في الحكومة بأي شكل من الأشكال، وهذا يعني ترجمة سياسية لنتائج المعركة العسكرية، والدخول في مشروع لعزل حزب الله عن التأثير السياسي. بالإضافة إلى التشدد أكثر في موضوع الجنوب وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وإلا فإن الضربات التي تكثفت على وقع زيارة أورتاغوس ستزداد وترتفع وتستمر في المرحلة المقبلة.

كل هذا المسار السياسي، من التشدد الأميركي على مستوى المنطقة، إلى الإعلان عن مشاريع الترانسفير في غزة، وربما الضفة لاحقاً، وبانتظار ما سيحصل في جنوب لبنان عطفاً على الموقف السياسي الأميركي تجاه لبنان والذي أعلنته الموفدة الأميركية، فلا يُعدّ ذلك سوى وصفة جديدة لحقبة جديدة من الفوضى.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa