دمار وحرب وواقع مؤلم... مسيحيو الجنوب يحيون الشعنينة

14/04/2025 07:17AM

كتب رمال جوني في "نداء الوطن":

أحيا مسيحيو الجنوب عيد الشعنينة وسط الدمار والحرب، قد تكون المرة الأولى التي يعيش مسيحيو الجنوب هذا الواقع المؤلم، في حارة المسيحيين في النبطية، وتحديداً في كنيسة السيدة التي تضرّرت بفعل الغارات التي طالتها، حضر من تبقّى من مسيحيي الحارة لإحياء أحد الشعنينة، على قلّتهم، يؤكّدون كباراً وصغارا أنهم لن يتخلّوا عن الحارة وبيوتها الحجرية القديمة.

نزح القسم الأكبر من سكّان حارة المسيحيين إبّان الحرب الأهلية وبداية الاحتلال الإسرائيلي للجنوب في ثمانينات القرن الماضي، ومنذ ذاك الوقت لم يعودوا، وبقيت منازلهم فارغة من أهلها، في حين يحاول من بقي منهم أن يحافظ على تاريخ الحارة وتراثها العتيق.

في الحرب الأخيرة، تعرّضت الحارة لسلسلة من الغارات التي دمّرت عدداً كبيراً من منازلها، وطالت الأضرار كنيسة السيدة التي ما إن انتهت الحرب حتى قرعت أجراس العودة تأكيداً على تمسّك أهلها بالأرض.

صحيح أن العيد اليوم ممزوج بغصّة كبيرة. إذ لطالما كانت حارة مسيحيي النبطية شاهدة على حقبة مهمة من تاريخ جبل عامل، فهي أرض البشارة، وكان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قد خصّ النبطية وناديها الحسيني وحارتها بزيارة بعيد انتخابه كاردينالاً، في خطوة تؤكد أهمية العيش الواحد في جنوب لبنان.

حضر داخل كنيسة السيدة، التي شهدت أمس إحياء عيد الشعنينة الذي يسبق قيامة السيد المسيح، الأولاد بحُللهم الجديدة، وأضاء المؤمنون شمعة السلام المرتقب، وكانت الصلاة لانتهاء كابوس الحرب وحدها الحاضر الأبرز، في حين تمنّى الجميع أن يلتئم شمل أبناء الحارة مجدداً. وكانت هذه الكنيسة قد شهدت في العام 2019 عودة أبنائها لإحياء قداس لمّ الشمل داخلها.

تتمنى سامية متى مختارة الحارة أن "تتكرر التجربة مجدداً"، وتتوق المختارة كما كل من بقي من الحارة والذين لا يتجاوز عددهم الـ 70 إلى عودة الحياة إلى الحارة، التي كانت قبل الاحتلال تضجّ بالحياة وفي داخلها يوجد أقدم حداد عربي وكثير من الحرف العتيقة.

اليوم، يحافظ معظم قاطني الحارة من التابعية السورية، وقلّة من المسيحيين، على وجودهم. وكما يقول جان: "لن نترك الحارة، في الحرب نزحنا كما كل أبناء النبطية، وبعد توقف العدوان عدنا وبدأنا نرفع الأنقاض".

يعتبر حيّ المسيحيين جزءاً من مدينة النبطية، ويتمثل في المجلس البلدي بعضو بلدي ومختار.

وطيلة الحروب السابقة لم تدمّر منازل الحارة، إلّا أن الحرب الأخيرة كانت الأقسى بحسب أبناء الحارة، غير أنهم يجدون في شعنينة المسيح هذا العام بوّابة للفرح وانطلاقة للأمل الجديد.

لا يتردّد الأب بولس حنينو كاهن رعية كنيسة السيدة بالقول: "إننا نتطلع للخروج من الحرب، الحياة لا تتوقف على الشهادة، بل تفرض أن نكمل المسيرة مع بعضنا البعض، إن الموت لا يعطي فقط الحياة، بل الحياة أيضاً هي حياة".

كما يقول: "لا نريد أن نموت لنقدّم العطاء، بل نريد أن نعيش لنعطي ونحقق إنسانيتنا بهذا البلد، كإخوة مسلمين ومسيحيين".

لم تتخل أو تتخلف الحارة عن إحياء أعيادها، بل على العكس، تصرّ على إحيائها وتأكيد قيمة الوحدة التي يعيشها أبناء النبطية معاً، يشارك أبناء النبطية عادة قداديس العيد مع أبناء الحارة الذين يشاركون أيضاً أعياد أبناء النبطية.

حزين يمرّ العيد على علما الشعب 

يكاد لا يختلف المشهد في بلدة علما الشعب الذي أحيا من عاد من أبنائها شعنينة الأحد، الدمار في علما الشعب كبير جداً، معظم منازلها القديمة قد دمّر، وتقول مختارة علما الشعب زهر طوبية إن وسط البلدة القديم قد جرى تدميره بالكامل، ما حال دون عودة أبناء البلدة.

كانت علما تغصّ عادة بأبنائها فيحضر ما لا يقلّ عن 700 شخص القداس، اليوم بالكاد حضر البعض، وبحسب طوبية: "لا منازل يعود إليها أبناء البلدة، كلّها دمرت، إذا عادوا فأين يسكنون؟".

تتحدث المختارة بحرقة عمّا آلت إليه حال البلدة التي "كانت تضجّ بالحياة وسرقت الحرب منها كل الحياة، وحتى المقوّمات الأساسية غير متوفرة".

لا يختلف المشهد كثيراً في قرى الجنوب المسيحية التي أحيت الشعنينة وتتحضر للفصح بين الدمار والركام على أمل أن تمتدّ يد الدولة قريباً لتضخّ الحياة وتعوّض على الأهالي ليعودوا. فكما قالت المختارة طوبية: "دقينا كل الأبواب وما حدا سأل عن أبناء علما دون معرفة السبب".

 


المصدر : نداء الوطن

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa