سجون لبنان المأسوية والسبب الحقيقي لوفاة سجين "القبّة"

14/04/2025 12:19PM

كتبت سمر يموت في السياسة: 


ضجّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام بخبر وفاة السجين ميلاد مهبل في سجن القبّة- طرابلس، مشيرة الى أن سبب الوفاة ناجمٌ عن إصابته بعدوى الـ " H1N1" وعدم حصوله على الرعاية الطبية اللازمة داخل السجن ما أدى الى سوء حالته الصحية وبالتالي وفاته.


ليس خافياً أنّ سجناء لبنان يعيشون مأساة حقيقية تتمثل بالاكتظاظ وانتشار الأمراض وانعدام أبسط مقوّمات العيش الصحي، إلا أنّ حقيقة ما حصل مع "ميلاد" يرويها لـ "السياسة" ابنه "شربل"، مؤكداً "أنّ والده توفي نتيجة كبر سنه ومعاناته من أمراض جمّة". "أبو شربل" الذي يبلغ من العمر 78 عاماً كان قد دخل السجن منذ 5 سنوات وشهرين، وكان قبلها يعاني من ارتفاع في الضغط وقد خضع لعملية قلب مفتوح وضع خلالها 5 رصورات. "بعد دخوله السجن ساءت حالة "أبو شربل" وفقاً لرواية ابنه البكر، "فالكلّ يعلم أن ظروف السجن وحدها قادرة أن تعيد حالة الرجل سنوات الى الوراء. لقد انزلق والدي في حمام السجن ما أثّر على ركبته وبات يمشي على "العكاز" أو بواسطة "الواكر"، كلّها أمور قصّرت من عمره ناهيك عن مرض السكري الذي عاد وأصيب به". يجزم "شربل" أن القيّمين على سجن القبّة لم يتأخّروا في علاج والده ولا للحظة وأن سبب الوفاة هو المرض والكبر وعدم قدرة جسمه على التحمّل، مشيراً الى أن والده خضع للتحقيق في ثلاث جلسات لكنّ ظروف كورونا وإضراب القضاة وظروف البلاد أخّرت محاكمته ولم يصدر أي حكم بحقه قبل وفاته".

 

اكتظاظ ووفيّات تتضاعف


تتدهور أحوال السجون في لبنان يوماً بعد يوم وتحديداً منذ الأزمة الاقتصادية التي حلّت بالبلاد في العام 2019، فعدد كبير من السجناء الذين أصيبوا بأمراض ولم يتوفّر لديهم تكاليف العلاج، توفّوا داخل السجن هذا ما يؤكّده معظم السجناء في لبنان وهم يشكون من النظافة وسوء التغذية ومن الاكتظاظ الكبير ومن عدم السير بالاستجوابات أو بالمحاكمات.

نفي ابن "ميلاد" أن يكون الإهمال هو السبب الحقيقي لوفاة والده، لا يعني أن سجناء لبنان يعيشون في نعيم، بل على العكس هؤلاء يعيشون مأساة كبيرة إذ تعاني معظم السجون المركزية في لبنان لاسيما "رومية" و"زحلة" و"طرابلس" وسجون النساء في بعبدا وبربر خازن من الاكتظاظ بأعداد كبيرة من السجناء والسجينات تفوق قدرتها الاستيعابية. تقول "منظمة العفو الدولية" أنّ عدد وفيات السجناء في لبنان تضاعف في العام 2022 مقارنة بالعام 2018، فسجن رومية أكبر سجون لبنان يتسع لـ 1200 سجين، لكنّه يضم حالياً أكثر من 4 آلاف، أما الطاقة الاستيعابية لمراكز الاحتجاز في جميع أنحاء لبنان فهي 4760 لكنها تحتوي على أكثر من 8500 موقوف، وهناك 80% من السجناء موقوفون احتياطياً أي من دون محاكمات.


ظروف صحيّة تُنبئ بكارثة

مصدرٌ مطلع على أوضاع السجون ذكر لـ "السياسة" أنّ "المأساة الحقيقية في قضية السجون هي الاكتظاظ الذي وصل إلى 270%، بمعنى أنّ الغرفة التي تتّسع لعشرة أشخاص ينام فيها نحو 27 شخصاً، ولا يخفي المصدر اهتراء البنى التحتية التي تضع السجناء بظروف بيئية غير صحية، وتراجع الكثير من الخدمات لاسيما الطبية منها ما ينذر بكارثة كبرى خاصة للسجناء الذين يعانون من أمراض مزمنة". ويصف أحد السجناء عيشة السجين بالمُهينة، فرغم تعايش السجناء مع المياه الملوّثة والروائح النتنة والرطوبة، إلا أنّ تقبل الوضع الصحي داخل الزنزانات ليس بالأمر الجائز ولا يتماشى مع حقوق الإنسان.

وفقاً للمعايير الدولية، على إدارة السجون أن تُوفّر لكل سجين وجبة طعام واحدة على الأقل تتوافر فيها قيمة غذائية كافية للحفاظ على صحته وقواه، مع حصوله على مياه صالحة للشرب والاستحمام وعلى الخدمات الصحية الضرورية مجاناً، فمتى سترتقي السجون في لبنان لتكون مراكز تأهيل وإصلاح تتوافر فيها الشروط الصحية والإنسانية الضرورية؟ وهل ستشهد سجون لبنان "نفضة" مع العهد الجديد لحلّ هذه المعضلة؟.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa