فيتنام.. نجم صاعد في سلاسل الإمداد العالمية يواجه اختباراً صعباً

20/04/2025 03:34PM

برزت فيتنام في السنوات الأخيرة كوجهة جاذبة في خريطة سلاسل التوريد العالمية، خاصة في قطاع التكنولوجيا، مستفيدة بشكل كبير من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. لكن مع عودة شبح تصاعد هذه التوترات، تجد الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا نفسها في موقع دقيق.


بدأت رحلة فيتنام نحو التحول إلى مركز تصنيع تكنولوجي عالمي في عام 2008 مع دخول شركة "سامسونغ". إلا أن الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب ضد الصين في عام 2018 منحت فيتنام دفعة قوية، وفقاً لتقرير نشره موقع "restofworld".


وسعت الشركات العالمية إلى تنويع مصادر التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين، ووجدت في فيتنام بيئة مواتية بفضل الأيدي العاملة الرخيصة، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، والترحيب بالاستثمارات الأجنبية. وبحلول منتصف العقد الماضي، تحولت مدن مثل باك نينه إلى مراكز إنتاج رئيسية لشركات عملاقة مثل "آبل" و"فوكسكون" و"إنتل" و"نينتندو" وغيرها، وسرعان ما أصبحت عبارة "استراتيجية الصين +1" مرادفاً لفيتنام.


ضغوط جديدة من واشنطن تلوح في الأفق

لكن هذا النجاح لم يأتِ دون تحديات. ففي خطوة أثارت جدلاً، وقّع الرئيس الصيني شي جين بينغ اتفاقيات استراتيجية مع فيتنام لتعزيز التعاون في مجالات سلاسل التوريد والبنية التحتية، وذلك في وقت تتصاعد فيه التوجهات الحمائية من جانب واشنطن. وقد وصف الرئيس ترامب آنذاك الاجتماع بين شي ونظيره الفيتنامي بأنه "خدعة ضد أميركا".


لاحقاً، فرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة 46% على الواردات من فيتنام، قبل أن يمنحها مهلة تفاوضية لمدة 90 يوماً. وتهدد هذه الرسوم الجمركية أحد أهم القطاعات الحيوية في الاقتصاد الفيتنامي، حيث يتم تصنيع معظم هواتف "سامسونغ" الذكية هناك، بالإضافة إلى منتجات متنوعة لشركات أميركية أخرى.


نمو سريع يصاحبه هشاشة مقلقة

على الرغم من هذا النمو اللافت، لا تزال الصناعة الفيتنامية حساسة للغاية للتقلبات الاقتصادية العالمية. ففي عام 2023، تسببت أزمة الطلب العالمي في موجة تسريحات جماعية، حيث فقد أكثر من 45 ألف عامل وظائفهم. ومع تحسن الأوضاع لاحقاً، واجهت المصانع تحدياً آخر يتمثل في نقص الأيدي العاملة، مما دفع الشركات إلى تقديم حوافز سخية وحتى إطلاق حملات دعائية على "تيك توك" لجذب العمال. وتعكس هذه الديناميكية الهشاشة التي تعتري نموذج التصنيع الفيتنامي، والذي يعتمد بشكل كبير على الاستثمارات الأجنبية وسلاسل التوريد العابرة للحدود.


فيتنام بين مطرقة واشنطن وسندان بكين

يرى الباحث هانه نغوين، المتخصص في اقتصاد وأمن جنوب شرق آسيا، أن فيتنام تواجه وضعاً معقداً. فبينما تستفيد على المدى القصير من النزاع الأميركي الصيني، فإن فرض رسوم جمركية عليها أو على شركائها التجاريين، مثل الصين التي تزود فيتنام بالمكونات الإلكترونية، يهدد بعرقلة هذا النمو. ويضيف: "الهدنة المؤقتة في التعريفات الجمركية ليست ضماناً طويل الأمد. ولا تزال فيتنام بحاجة ماسة إلى تحقيق توازن في علاقاتها مع بكين وواشنطن، دون خسارة أي من الطرفين".


لقد وضع تحول فيتنام من مجرد بديل للصين إلى لاعب رئيسي في سلاسل التوريد العالمية البلاد في قلب صراع العمالقة. وبين التنافس الجيوسياسي والتقلبات الاقتصادية، سيكون على فيتنام أن تتقن فن التوازن الدقيق لتستمر في لعب دورها المحوري دون أن تصبح ضحية لهذا الصراع.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa