لبنان بين نار المحاور: كفى استنزافاً...وطننا أولاً!

05:47PM

في خضمّ الصراعات الإقليمية المتلاحقة، وما نشهده حاليا من حرب إيرانية – إسرائيلية مفتوحة ومجهولة المصير، ومع ارتفاع حدّة الضربات في كلا البلدين، يجد لبنان مرة جديدة نفسه، ومعه شعبه في قلب هذه المعركة، حتى وإن اقتصر دوره حتى الآن على المتفرّج، ولكن هذا الامر  لا يعني انه بمنأى عن تبعات القلق على المستقبل والمصير، فكأن قدر هذا الوطن أن يبقى ساحةً لتصفية الحسابات، وأن يبقى أبناؤه يعدّون الحروب من حولهم ومن داخلهم، بدل أن يعيشوا في امن واستقرار في وطن جامع يحتضنهم ويصونهم.

وبعد كل التجارب المريرة التي مرّ بها لبنان، حان الوقت لنرفع الصوت عالياً، ومن دون أي تردد أو خوف: ونقول كفى!

فالولاء يجب أن يكون أولا وأخيرا لوطننا لبنان ، وليس لأي بلد، او نظام أو قوة خارجية، مهما بلغ نفوذها أو سطوتها.

لقد دفع لبنان على مدى عقود ثمنا باهظا للانقسامات الطائفية، والاصطفافات الإقليمية، والسياسات المستوردة من الخارج، مما ادى الى انهيار اقتصاده، وتفكّك مؤسساته ، وهو ما دفع باعداد كبيرة من شبابه للهجرة الى أصقاع الارض الواسعة ،بعدما تبددت أحلامهم في وطنهم.

لذلك فإن انشغال اللبنانيين بما يجري في عواصم القرار الإقليمية، وتقديم مصالح الآخرين على مصلحة الوطن، لن يُنتج دولة، ولن يُقيم نظاما عادلا ولا مجتمعا مستقرا.

من هنا، فان المطلوب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، أن نخرج من لعبة المحاور، وأن نكفّ عن انتظار الإشارات من هذا الطرف أو ذاك. علينا أن نلتفت اولا واخيرا، إلى وطننا الذي أنهكته الحروب والأزمات، وأن نتفانى في خدمته وازدهاره، ونكون أوفياء لهويتنا اللبنانية، متمسكين بسيادتنا وحدودنا.

ولكن في المقابل ، فانه لا يمكننا الحديث عن مشروع بناء الدولة، أو عن الحياد الذي يحلم به اللبنانيون، من دون معالجة جذرية لملف السلاح غير الشرعي، وفي طليعته سلاح “حزب الله”، الذي لا يزال يشكل عائقا أمام قيام دولة عادلة وسيدة على أرضها.

فاستمرار وجود هذا السلاح خارج إطار الشرعية يُبقي لبنان معرضاً لاهتزازات امنية، لذلك فان ملف حصر السلاح بيد الدولة هو المدخل الحقيقي والأساسي نحو تحقيق حياد لبنان، وبالتالي من استعادة دوره ومكانته بعيدا عن سياسة المحاور والتبعية.

فعلينا ان نتوافق جميعا دون استثناء على هدفٍ واحد وهو إعادة بناء لبنان، وطنا،  حرا، سيّدا، مستقلا ليستعيد مكانته بين الأمم، ويعود كما كان “سويسرا الشرق” بمؤسساته، واقتصاده، ووجهه الحضاري.

فالنهضة لا تأتي من الخارج، بل من أبناء هذا الوطن، الذين يجب ان يؤمنون به، ويبذلون الغالي والنفيس من أجل مستقبل أولادهم، لا من أجل خدمة أجندات الآخرين.

كذلك علينا أن نضع  طاقتنا كلها نحو نهضة اقتصادية، وإصلاح سياسي، وتعزيز مؤسسات الدولة، بدل أن نُستنزف في حروب لا تعنينا وصراعات لا تُشبهنا.

فلبنان يستحق أن يكون شغلنا الشاغل، وهمّنا الأول، ورايتنا التي نرفعها عاليا إلى أبعد من المدى.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa