لبنان أمام اختبار مصيري... أيام قليلة للحسم أو الحرب!

07:14AM

كتبت ناديا غصوب في "نداء الوطن":

يمرّ لبنان في هذه الأيام بمرحلة دقيقة قد تكون من الأكثر حساسية في تاريخه الحديث، بعد أن تلقّى المسؤولون رسالة واضحة من الموفد الأميركي توم براك. الرسالة لا لبس فيها: أمامكم مهلة قصيرة لتقديم موقف رسمي من مسألة سلاح "حزب الله"، مع التزام واضح بخطوات فعلية تنهي واقع السلاح المنتشر خارج إطار الدولة.

التحرك الأميركي ليس جديدًا، لكن هذه المرة يبدو أن الأمور أكثر جدية. فالطرح يحمل طابعًا عمليًا وضاغطًا، يقوم على مبدأ تبادلي: خطوة من الجانب اللبناني يقابلها انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من بعض المناطق الجنوبية، ووقف للغارات الجوية. في المقابل، يُفترض أن تلتزم الحكومة اللبنانية بخطة حقيقية تعيد السلاح إلى كنف الدولة.

من خلال لقاءات عدة عقدها في بيروت، قدّم براك ما يشبه "ورقة شروط" للحكومة، مشددًا على أن التلكؤ في الردّ لن يُفهم إلا كتراجع عن أي نية إصلاحية، ما يعني خسارة الدعم الدولي على كل المستويات، من إعادة الإعمار إلى المساعدات المالية والاستقرار السياسي.

وليس خافيًا أن الجيش اللبناني سبق أن أعد خطة انتشار ميدانية شاملة في الجنوب ورفعها خلال تلك الاجتماعات. إلا أن جوهر المسألة لا يتوقف عند الجوانب التقنية فقط، بل يتعداها إلى الحسابات السياسية الدقيقة، لا سيما في ظل الانقسام الداخلي.

فالطرح الأميركي كشف بوضوح الانقسام داخل الأوساط السياسية اللبنانية. فريق يرى في الطرح فرصة نادرة لاستعادة مفهوم الدولة، وتكريس السيادة كمبدأ لا مساومة فيه. أما الفريق الآخر، وفي مقدّمه "حزب الله"، فينظر إلى الأمر كضغط خارجي يستهدف توازنات الداخل اللبناني، ويرى فيه تهديدًا مباشرًا لدوره وموقعه.

وفي سياق متصل، أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب اهتمامًا واسعًا قبل يومين، إذ تحدث عن "فرصة ذهبية" للبنان ليعيد بناء اقتصاده ويستعيد موقعه الإقليمي، مشيرًا إلى أن بلاده مستعدة لدعم لبنان سياسيًا واقتصاديًا إذا التزمت الحكومة بإصلاحات جدية، أبرزها ضبط السلاح بيد الدولة. ترامب شدد على أن "لبنان يستحق أن يزدهر، لكن لا ازدهار بلا سيادة واضحة".

وفي مؤشر على اهتمام خارجي متزايد بالوضع اللبناني، أفادت مصادر مطلعة بأن رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك أجرى اتصالًا مباشرًا برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، تناول فرص التعاون في قطاعي الاتصالات والإنترنت، مشروطًا بإرساء حد أدنى من الاستقرار الأمني.

هذه المؤشرات الدولية توضح أن التردد في حسم ملف السلاح سيُقابل بتراجع في الدعم الخارجي، ليس فقط على المستوى المالي، بل أيضًا في مجالات الابتكار والاقتصاد الرقمي، التي يعوّل عليها كثيرون كفرصة إنقاذ للبنان. من هنا، تبدو الأيام المقبلة مفصلية في تحديد ما إذا كان لبنان سيستثمر هذه الفرص، أم سيبقى رهينة حسابات داخلية تضيّع عليه كل إمكانيات النهوض.

وفي تطور متصل، تشير معلومات إلى أن اجتماعًا مرتقبًا سيُعقد بين الرؤساء الثلاثة وعدد من الوزراء لمحاولة التوصل إلى موقف موحّد، في ظل سباق مع الوقت. الجميع يدرك أن أي قرار لن يكون سهلًا، لكنه سيكون حاسمًا في تحديد مسار البلاد.

اليوم، لم يعد التردد ترفًا، ولا المناورة ممكنة. فإما أن يُتخذ القرار الصعب باسم الدولة، أو يُترك لبنان لمزيد من الفوضى والغموض. السؤال الآن ليس فقط: من يقرر؟ بل: هل هناك من لا يزال يملك قرار الدولة؟


المصدر : نداء الوطن

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa