12:33PM
في بلدٍ صغيرٍ كلبنان، مثقلٍ بالأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لا يمكن أن تقوم دولة حقيقية ولا اقتصاد متماسك في ظل وجود سلاح غير شرعي خارج إطار الدولة. إن سلاح “حزب الله”، الذي فُرض على اللبنانيين كأمر واقع منذ انتهاء الحرب الأهلية، لم يعد يُستخدم لمقاومة الاحتلال، بل أصبح أداة لفرض الوصاية الداخلية والخارجية، ولتعطيل المؤسسات، ولإدخال لبنان في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل.
التخلص من سلاح “حزب الله” لا يعني الدخول في مواجهة داخلية، بل يعني ببساطة إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة وفرض سيادتها الكاملة على أراضيها. لا يمكن لدولة أن تُبنى فيما هناك ميليشيا أقوى من الجيش، ولا يمكن للقانون أن يُحترم بينما هناك فئة فوق القانون. إن الدولة لا تبدأ إلا عندما تحتكر وحدها حق استخدام القوة، وعندما يُصبح السلاح في يد الدولة وحدها، لا بيد حزب يتلقى أوامره من خارج الحدود.
لا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد. فعلى مدى عقدين، لم يشهد لبنان أي استثمار دولي حقيقي تتجاوز قيمته المليار دولار، بينما هُربت مئات المليارات من رؤوس الأموال اللبنانية إلى الخارج بسبب انعدام الثقة واللاستقرار الناتج عن سيطرة “حزب الله” على القرار السيادي والاقتصادي للبلاد.
لنأخذ مثلاً من الجارة سوريا. رغم أنها لا تزال تخرج من أتون حربٍ دامت أكثر من 10 سنوات، فقد استطاعت خلال أشهر قليلة فقط من الاستقرار النسبي أن تجذب استثمارات تفوق 10 مليارات دولار، من دول عربية وأجنبية، بمجرد أن أظهرت إرادة باستعادة دور الدولة وتقليص نفوذ الميليشيات وتفعيل المؤسسات الرسمية.
أما في لبنان، فإن استمرار السلاح الخارج عن الشرعية، وسيطرة حزب مدعوم من الحرس الثوري الإيراني على مفاصل القرار السياسي، هو ما يحول دون تدفق أي دعم دولي أو استثمار خارجي. كل المؤتمرات الدولية، من “سيدر” إلى “باريس”، وضعت شرطاً واضحاً: لا مساعدات بدون إصلاحات حقيقية، ولا إصلاحات ممكنة في ظل سلاح غير شرعي.
ليس سرًّا أن سلاح “حزب الله” جعل من لبنان منصة لحروب إيران في المنطقة. من سوريا إلى اليمن، إلى غزة، يُزج باسم لبنان وسلاحه في صراعات دولية لا تخدم مصلحة المواطن اللبناني. وها هو الجنوب اليوم على شفير انفجار كبير، بينما الاقتصاد منهار، والمؤسسات شُلّت، والمواطن بلا كهرباء ولا ماء ولا عمل.
إن نزع سلاح “حزب الله” هو الخطوة الأولى والأهم لتجنيب لبنان الانجرار إلى حرب مدمرة جديدة، قد تكون الأخيرة. هو الخطوة الأولى نحو إعادة الإعمار، وبناء دولة حديثة، قادرة، ذات سيادة، تحترم نفسها ويحترمها العالم.
لبنان اليوم أمام مفترق طرق تاريخي. إما أن يستعيد قراره وسيادته من خلال نزع سلاح حزب الله، ويبدأ رحلة التعافي والبناء، أو يواصل الغرق في دوامة الانهيار والفقر والتبعية، الخيار واضح، والإرادة الشعبية موجودة، وما ينقص فقط هو قرار شجاع من القيادة السياسية والعسكرية.
شارك هذا الخبر
كلمة مرتقبة لنعيم قاسم الليلة
أبو زيد: أوقفوا العنف والتحريض في السويداء قبل فوات الأوان!
استطلاع يظهر: هذا هو اللاعب الأوفر حظًا للفوز بالكرة الذهبية!
سلسلة لقاءات لرئيس الحكومة في السرايا
مياه مقطوعة منذ شهر!
الجيش يواصل توقيف السوريين لتجولهم بطريقة غير شرعية
"ثورة الأرز" من الأمم المتحدة: لدور فعّال لليونيفيل على كل الأراضي اللبنانية
بيان للمالية مع وقف الضريبة على المحروقات
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa