08:06AM
كتبت بلقيس عبد الرضا في “المدن”:
يعيش لبنان اليوم موسماً سياحياً ناجحاً إلى حد ما، مع وفود آلاف المغتربين إلى البلد لقضاء إجازة الصيف، وهو ما يمكن قراءته وترجمته من خلال الازدحام على المرافق الترفيهية والسياحية، والشوارع العامة. إلا أن زيارة لبنان بالنسبة للمغتربين لا تقتصر على الترفيه، إذ ينخرط المغتربون في النمط المعيشي الخاص باللبنانيين، وفي طرق الاستهلاك، والإنفاق، ما يجعل كثيرين منهم يشعرون فعلاً بحجم الإنفاق اليومي على العديد من السلع.
أسعار مرتفعة
تتفاجأ هنادي زبد بحجم إنفاقها على العديد من السلع الرئيسية خلال الأسبوعين الأولين من إجازتها في لبنان. تعيش زبد في إمارة دبي، وتخصّص أسبوعياً ما يقارب الـ150 دولاراً لإنفاقها على السلع الأساسية اليومية، إلا أنها أنفقت في لبنان أضعاف هذا المبلغ. تقول لـ”المدن”: “الفكرة لا تتعلق بالمأكل والمشرب، أو الترفيه والسياحة، بل تتعدى ذلك إلى حجم المصاريف اليومية”. زبد أم لطفلتين، ومن أجل السعي لتمضية الأوقات في لبنان، عمدت إلى شراء بعض الأدوات للتسلية، التي تدخل في إطار “الفن والحرف”، وفوجئت بالأسعار في بيروت مقارنة مع دبي.
تشير إلى أنها أنفقت ما يقارب من 35 دولاراً لشراء “ألوان مائية ذات نوعية أقل من عادية، أدوات صغيرة للرسم والتلوين، وبعض الأشكال الهندسية التي تساعد في تسلية الأولاد، وهو رقم تعتبره مرتفعاً قياساً إلى ما تنفقه لشراء هذه الأدوات في دبي، بحيث لا تتخطى أسعاها حاجز 20 دولاراً”.
كما أنها انفقت أيضاً نحو 180 دولاراً لشراء بعض الألعاب لتوزيعها على أفراد عائلتها. وبمقارنتها مع الأسعار المعمول بها في دبي، وجدت بأن هذه السلع لا يتخطى سعرها 100 دولار، وهو ما جعلها تنفق الكثير من الأموال في لبنان مقارنة مع حجم إنفاقها في الإمارات.
السلع الغذائية
على جانب آخر وبالرغم من رفع لبنان شعار دعم الصناعات المحلية والإنتاج الزراعي، إلا أن أسعار الكثير من السلع الغذائية تحديداً، تضاهي ما هو معمول به في دبي. لا ترى سمر نصرالله أي فارق في أسعار بعض السلع الغذائية. وتقول لـ”المدن”: “من المستغرب جداً أن تجد سعر السلعة في لبنان المنتجة محلياً، يضاهي سعرها ما هو مستورد في الإمارات. فعلى سبيل المثال، يصل سعر الكيلوغرام من الكرز وهي فاكهة موسمية يشتهر فيها لبنان إلى نحو 10 دولارات وأحيانا يصل السعر إلى 18 دولاراً في كبرى المتاجر، في حين يمكن الحصول على ضعف الوزن تقريباً بهذا السعر في الإمارات، فيما يصل سعر 250 غراماً من فاكهة “الفريز” في بعض المتاجر اللبنانية إلى 5 دولارات (18 درهماً تقريباً)، فيما يصل سعرها في الإمارات إلى 15 درهماً بالحد الأقصى أي 4 دولارات تقريباً”.
بحسب نصرالله، هي أنفقت نحو 114 دولاراً في إحدى المحال التجارية لشراء منتجات غذائية لأطفالها الثلاثة، من دون احتساب أسعار الخضار واللحوم والدجاج وأدوات التنظيف، وهو رقم عادة لا تنفقه بشكل يومي في دبي.
أين المشكلة؟
تعد دبي بين أغلى المدن في العالم، إن من ناحية تكاليف الإيجار، أو تكاليف الإنفاق على المأكل والمشرب، إلا أن ارتفاع الأسعار هذا، يقابله ارتفاع في مستوى الأجور، فالحد الأدنى للأجور يبدأ من 2860 درهم ما يوازي 776 دولاراً لفئات العمال، فيما معدل الأجور العام يتراوح ما بين 15 و20 ألف درهم، ما يوازي 8000 دولار، بالتالي، فإن ارتفاع تكاليف المعيشة في دبي لا يرتبط فقط بالطلب، بل هو نتيجة توازن بين البنية الاقتصادية، نوعية الخدمات، والسياسات المتبعة.
أما في لبنان، فالأمر مختلف جداً. فالحد الأدنى للأجور يبدأ من 300 دولار، فيما معدل الرواتب المعمول به لا يتخطى حاجز 1000 دولار، وهو فعلاً ما يطرح علامات استفهام حقيقية حول مستوى الأسعار.
أمام هذا الواقع يرى الخبير الاقتصادي لويس حبيقة أن الأسعار في لبنان باتت تتقارب مع تلك السائدة في دبي، بل إن بعض السلع والخدمات في دبي قد تكون أرخص من مثيلاتها في لبنان. ويقول لـ”المدن”: يُرجع هذا الفارق إلى الاختلاف في حجم المبيعات بين السوقين؛ ففي دبي، هناك ارتفاع كبير في حجم المبيعات نتيجة ضخامة الاقتصاد المحلي، ما يؤدي إلى خفض الكلفة النهائية للسلعة أو الخدمة عند بيعها”.
يضيف حبيقة “أما في لبنان، حيث السوق أصغر وحجم المبيعات محدود، فإن الأرباح تكون محصورة لدى فئة معينة أو عدد معين من نقاط البيع، الأمر الذي يرفع من السعر النهائي للمنتج. ووفق حبيقة، فإن هذه المعادلة تعكس كيف أن اقتصاد الحجم يلعب دوراً محورياً في تحديد الأسعار، وتسلّط الضوء على أزمة الكلفة في لبنان مقارنة بأسواق أوسع وأكثر ديناميكية مثل دبي.
وَهْمُ الـ100 دولار
يشعر الكثير من المغتربين، بأن معدل إنفاقهم اليومي يصل إلى 100 دولار تقريباً، من دون الإنفاق على قطاعات ترفيهية بشكل كبير، أو حتى شراء السلع الأساسية، إذ تؤكد كل من نصرالله وزبد، بإن معدل إنفاقهما خلال 24 ساعة يصل إلى 100 دولار، وهو ما يعني انه خلال إجازة لا تتعدى 15 يوماً، قد يتخطى الإنفاق حاجز 2000 دولار.
المشكلة لا تتعلق بتغيير العادات الاستهلاكية بين بيروت ودبي، بل تلعب عوامل أخرى دوراً في ذلك، من ضمنها العامل النفسي، ومقارنة الأسعار بين المدينتين. كما أن مستوى التضخم في لبنان مرتفع جداً مقارنة مع دبي، أو مدن أخرى إقليمياً.
من جهة أخرى، يسعر الكثير من السلع في لبنان بالدولار. ويقوم المستهلك بدفع ثمن السلعة بهذه العملة. لكن التجار يردون له باقي أمواله بالليرة اللبنانية. فعلى سبيل المثال، إذا كانت قيمة سلعة معنية تبلغ 73 دولاراً، ودفع المستهلك 100 دولار، فمن المفترض أن يسترد 27 دولاراً. ولكن، في بعض الأحيان، يتم استرداد مبلغ الـ 27 دولاراً إما بالليرة اللبنانية وإما مجزأة ما بين الدولار والليرة، فيشعر المستهلك بضياع القيمة المالية للعملة الرئيسية التي على أساسها تم تسديد ثمن السلعة.
حتى إن بعض التجار يلجأون إلى تغيير سعر الصرف بدلاً من 89500 ألف ليرة، فيقومون باحتسابها على أساس 85 ألف ليرة، ما يعرّض المستهلك لخسائر إضافية عند شراء السلع. وبالتالي أصبحت الـ100 دولار تعادل “قوة شرائية محلية ضعيفة جدًا”. وهو ما يجعل الإنفاق مضخماًَ وغير مبرَّر.
شارك هذا الخبر
الراعي من فاريا: لبنان ينهض بالوحدة والمصالحة والحياد الإيجابي
مرفأ بيروت: الحريق في المرفأ ناتج عن عطل أصاب مولداً كهربائياً على متن باخرة فارغة ومحجوزة والاضرار مادية
نبيه بري: لا خوف من حرب أهلية أو أي تهديد للسلم الداخلي
نبيه بري: لا يمكن تطبيق أي قرار بشأن حزب الله طالما إسرائيل ترفض تنفيذ التزاماتها
نبيه بري: ليس لدي أي شيء أطرحه على المبعوث الأميركي
بري: سأسمع من المبعوث الأميركي رؤيته بشأن كيفية نزع سلاح حزب الله
نبيه بري للعربية: أدعو إلى حوار بشأن قرار حصر السلاح بيد الدولة وليس بالطريقة المطروحة
عون: حصر سلاح حزب الله قرار لبناني والورقة الأميركية لم تصبح نافذة بعد
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa