هذا دور "الخبير المشبوه" في قضية betarabia

20/08/2025 12:56PM

كتب بديع يونس في نداء الوطن:

لا يقتصر خطاب القسم على "حصر السلاح بيد الدولة" رغم أهمية هذا القرار في أساس مفهوم "الدولة القادرة والقوية". قرار تاريخي اتُخذ بعد طول انتظار في عهد واعد، بلبنان جديد، يتطلع إليه كل لبناني. ولكن، كما السلاح غير الشرعي يهدد "أمن" البلاد كذلك "الفساد" و"السوق السوداء" يهددان لقمة عيش العباد. فمحاربة الفساد واستقلالية القضاء وردتا أيضًا في "خطاب القسم"، قضاء عادل ونزيه لا يتدخل فيه ساسة أو أحزاب لمصالح شخصية يرشون هذا وذاك، ويظلمون هؤلاء... لأهداف معلومة وواضحة.

فهذا المقال بما يتضمنه من معلومات وتساؤلات موضوع برسم رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود المشهود له بنزاهته ووزير العدل عادل نصار، وبتصرّف فخامة رئيس الجمهورية جوزاف عون حامي الدستور والمؤسسات والقوانين لوضع حدّ لأي ضغوطات على القضاء النزيه وللحدّ من أي تجاوزات ارتُكبت في بداية التحقيق في قضية كازينو لبنان وbetarabia وبحق كل من جاد غاريوس ورولان خوري، والحرص على عدم ارتكاب مثل هذه التجاوزات مجددًا في ملف أصبح قضية رأي عام. 

كيف يختتم التحقيق قبل استكماله؟ ولماذا؟

مراجعة تقرير خبراء المعلوماتية المكلفين بداية من قبل النيابة العامة المالية، تؤكد أن البيانات المقدمة "صحيحة ولا وجود لأي تلاعب أو اختلاس". فجأة يظهر خبير معلوماتية جديد مكلف أيضًا من النيابة العامة المالية، ويقدّم تقريرًا يناقض كل ما سبق، وكأنه "غب الطلب"، مدّعيًا بـ "وجود اختلاسات". ويتبين لاحقًا أن هذا "الخبير" لا يتمتع بأي خبرة، فلم يمرّ على امتهانه "الخبرة المحلفة" أكثر من سنتين، إلى درجة أن تحرياته واستقصاءاته كانت تتم أحيانًا باختلاس صور من كاميرا هاتفه لشاشات أجهزة كمبيوتر موظفين لا علاقة لمجال عملهم بما كان يخطط له.

وعلى الرغم من اعتماد النيابة العامة المالية على هذا التقرير للادعاء أمام قاضي التحقيق، تمّ تكليف خبيري محاسبة (وإن كان بوقت متأخر من إجراءات التحقيق لدى النيابة العامة) للتدقيق بالأرقام والبيانات المالية، الأمر الأساسي في أي ادعاء بجرائم مالية. ووفقًا للمعلومات الواردة يتبين أن خبير المحاسبة كان قد أبلغ القاضي طارق بو نصار أنه يحتاج إلى شهرين لإنهاء دراسته الفنية وإصدار تقريره، غير أنه تقدّم بتقرير أولي خلص إلى النتيجة عينها التي خلص إليها خبراء المعلوماتية الأولين: عدم وجود أي تلاعب أو شبهات.

ورغم أنّ التحقيقات الأخيرة لم تُنجَز عبر استنابات قضائية كما تفرض الأصول القانونية والمعاهدات الدولية المعنيّة بالتعاون القضائي، إلا أنّها تُعتبر بالغة الأهمية لإنارة مسار التحقيق أمام قاضي التحقيق المعروف بنزاهته. لماذا لم تُرسل هذه التحقيقات، بمحاضر مُلحقة، إلى القاضي "بو نصار" كما جرت العادة في هذا الملف؟

ماذا كشفت تحقيقات أمن الدولة؟

بالتوازي مع قيام قاضي التحقيق بتحقيقاته، يتبين أن جهاز أمن الدولة يتابع تحقيقاته تحت إشراف المحامي العام المالي، (الأمر غير الاعتيادي وفقًا لمصادر حقوقية)، إذ يقتضي أن يرفع المحامي العام يده عن الملف لدى الادعاء أمام قاضي التحقيق لا سيما في ما يتعلق بالمواضيع التي يقوم قاضي التحقيق بالتحقيق فيها، ليتسنّى لهذا الأخير القيام بمهامه وفقًا للقانون حتى يكوّن قناعته بـ "موضوعية" في الملف.

وتفيد المعلومات بأنّ تحقيقات تقنية شاملة تمت في فصيلة أمن الدولة، مع المسؤولين في كازينو لبنان وشركة betarabia، كما تم التواصل مع الفريق التقني لدى الشركة العالمية TG Lab (المزوّد الأساسي للمنصة). وبحسب المعطيات، فقد خلصت التحقيقات إلى استحالة التلاعب بالبيانات بأي شكل من الأشكال، وبالتالي أثبتت أن تقرير خبير المعلوماتية الثاني غير دقيق ويحرّف الواقع، وأنّ البيانات أي الـ DATA لا يمكن التلاعب بها خصوصًا أنّ الخوادم Servers الخاصة والمملوكة من "كازينو لبنان" وهي نوعان (i) الخادم المادي physical server الموجود في حرم كازينو لبنان و(ii) الخادم السحابي cloud server، الموجود على الـ AWS أي الخادم السحابي cloud server المملوك من شركة Amazon عالية الأمن وفائقة التحصين، وما يتواجد في الكازينو هو Replica للمتابعة والإشراف، وبالتالي لا قدرة على التلاعب بها بأي من البيانات على أي من هذين الخادمين Servers. مع ذلك، طُوي التحقيق جانبًا وكأن شيئًا لم يكن، و"بقي التقرير الوهمي هو المرجع".

تساؤلات برسم مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل

من هنا نطرح مجموعة من الأسئلة التي باتت بعهدة وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس الجمهورية:

- كيف يختم التحقيق قبل استكمال التحقيقات وقبل تقديم خبيرِ المحاسبة تقريره النهائي إلى قاضي التحقيق الذي كلّفه به، لا سيما وأن الادعاء يتعلق بجرائم مالية؟ هل الهدف إطالة مدّة التوقيف غير المبرر؟ 

- قاضي التحقيق المسؤول، المعروف بسمعته المهنيّة ونزاهته وحرصه على الأصول، كان مُعوَّلًا عليه تصويبُ ما نُسِب من مخالفاتٍ جمّةٍ إلى مسار النيابة العامّة ودفع الملفّ نحو الحقيقة الكاملة والعدالة. لكنّ قرار الختم المبكر أعاد علامات الاستفهام إلى الواجهة لناحية وجود تدخلات أو ضغوطات على القضاء النزيه. لماذا لا يطلب قاضي التحقيق من أمن الدولة أو من المحامي العام تسليمه المحاضر التي تتعلق بالتحقيقات الأخيرة التي تمت ليكون على بينة من الواقع قبل اتخاذ قراره المنتظر بمنع المحاكمة أو بصدور قرار ظني؟

إن استقلالية القضاء ونجاح التشكيلات القضائية أمام امتحان في هذه القضية التي تجمع فساد بعض الجهات الذين وضعوا أعينهم على الملايين التي تدرّ على خزينة الدولة عبر الكازينو وbetarabia وتعرضوا لها تحت شعار "مكافحة الفساد". فهل للتشكيلات القضائية "ثمن" كما يشاع في بعض الأروقة، واستحق التسديد؟ وهل ما زالت السياسة تتدخّل في القضاء وتؤثّر في مسار العدالة؟ أسئلةٌ كبيرةٌ تحيط حيثيّات القضيّة، ويبقى الأمل في إحاطة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود لهذا الملف حيث يُعوّل على حمايته الأكيدة للجسم القضائي ككل.

خطاب القسم أيضًا أمام امتحان في هذه القضية التي تجمع فساد ساسة وتدخلًا واضحًا وصريحًا بالقضاء من قبل أعداء الدولة وسارقيها  أي "السوق السوداء".

وأخيرًا وليس آخرًا فإنّ ما يجري ينفّر أي "مستثمر" يحتاجه لبنان، لأنّ المستثمر يبحث عن قضاء نزيه وعن بلد يحارب الفساد فعلًا، ولا تحكمه "سوق سوداء" رمت الشرعية خلف القضبان بمساعدة "الدولة"، والتركيز على "ثقة المستثمر" حاضرة في كل مقابلات الرئيس اللبناني لأهميتها في نهضة الاقتصاد اللبناني.

كل هذا وغيره بعهدة رئيس الجمهورية الذي وعد بمحاربة الفساد واستقلالية القضاء واستقطاب الاستثمارات. جاد غاريوس مستثمر ترك الولايات المتحدة إيمانًا بلبنان، رفض العمل في السوق غير الشرعي، قدّم مناقصة طلبتها الدولة اللبنانية وفاز بها بوجود خبراء دوليين، وها هو اليوم وراء القضبان بسبب حملة مدفوعة من "السوق السوداء" بمساعدة من بعض مؤسسات الدولة.

فلتكن هذه السطور إخبارًا برسم المجلس الأعلى للقضاء ووزير العدل ورئيس الجمهورية للتحقيق بهذه التجاوزات ووضع حدّ لهذا الظلم "اللاقانوني" و"اللاشرعي" ومحاسبة المتواطئين على القانون والدولة وسرقة أموالها وأموال شعبها والمقصود هنا "السوق السوداء" والمرتشون منها مهما علت مناصبهم. 

من وراء هذا المؤامرة ؟ للحديث تتمة...



المصدر : نداء الوطن

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa