جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2025: طوارئ متعددة وأزمات متداخلة

02:00PM

منذ بداية عام 2025، واجهت جمهورية الكونغو الديمقراطية تصاعدًا حادًا في حالات الطوارئ الإنسانية وعلى جبهات متعددة.

في مارس/آذار وأبريل/نيسان، اشتدت الاشتباكات بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة التي تضم حركة 23 مارس/تحالف القوى الديمقراطية لتحرير الكونغو ومختلف الميليشيات المتحالفة من كلا الجانبين، ما تسبب بنزوح جماعي وارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية وطفرات مؤرقة لسوء التغذية.

وفي الوقت ذاته، لم تتراجع وتيرة أزمة العنف الجنسي في المناطق المتضررة من النزاع، حيث تطلب أعداد كبيرة من الناجيات الرعاية في المراكز الصحية التي تدعمها أطباء بلا حدود في غوما، عاصمة مقاطعة كيفو الشمالية.

تتسبب الأوبئة، لا سيما الحصبة والكوليرا، بإجهاد النظام الصحي المنهك أساسًا، في وقت يتفاقم فيه العنف وانعدام الأمن وينخفض دعم الإغاثة الإنسانية الدولية بشكل كبير.

واعتبارًا من أغسطس/آب 2025، تتواجد ستة فرق طوارئ تابعة لأطباء بلا حدود وتعمل جنبًا إلى جنب للاستجابة للاحتياجات الإنسانية والطبية الطارئة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إلى جانب الأنشطة الاعتيادية التي تقوم بها المنظمة على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد. تتعامل هذه الاستجابات الطارئة مع تبعات العنف الشديد في شمال كيفو وتتصدى لتفشي الأمراض في تنجانيقا ولومامي العليا وشمال كيفو.

1. كيف يتسبب تفشي الأمراض بتفاقم الأزمة الإنسانية في جمهورية الكونغو الديمقراطية؟

اعتبارًا من يوليو/تموز 2025، سجّلت جمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر من 36,000 حالة مشتبهة بالحصبة وأكثر من 33,000 حالة كوليرا في جميع المقاطعات الست وعشرين تقريبًا. ويعزى هذا الوضع إلى النقص الحاد في اللقاحات، وانعدام الأمن الذي يعطل خطوط الإمدادات، ونقص الوصول إلى المياه النظيفة والإدارة السليمة للنفايات. تسببت هذه الظروف بالفعل بآلاف الوفيات، خاصة بين الأطفال. وقد أدى إغلاق المطارات في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية والنقص الحاد في تمويل الإغاثة الإنسانية إلى إعاقة الاستجابة بشكل أكبر.

وفي هذا الصدد، تقول المنسقة الطبية لأطباء بلا حدود في جنوب كيفو، لويزا سواريز، "في غياب الاستثمار المستدام في الوصول إلى مياه الشرب وتطبيق نظام فعال لإدارة النفايات، ستتسبب الكوليرا بالمزيد من الدمار".

وعلى الرغم من هذه التحديات، قدمت أطباء بلا حدود اللقاحات ضد الحصبة لأكثر من 437,000 طفل، وعالجت آلاف مرضى الكوليرا، وأطلقت الكثير من الاستجابات الطارئة. إلا أن الموارد المتاحة لا تزال متدنية بشكل خطير لا يسمح بتلبية حجم الاحتياجات.

2. ما سبب ارتفاع مستويات سوء التغذية بشكل مؤرق في واليكالي؟

في واليكالي شمال كيفو، أدى النزاع والنزوح في أوائل عام 2025 إلى تعطيل الزراعة بشكل كبير وانهيار الإنتاج الغذائي المحلي. وقد تفاقمت أزمة سوء التغذية، حيث سجل مركز التغذية العلاجية للمرضى المقيمين ارتفاعًا في الإدخالات بنسبة 41 في المئة، كما ارتفعت معدلات الوفيات المبكرة بنسبة تصل إلى 309 في المئة مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024. ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل صارخ، حيث ازداد سعر دقيق الذرة بنسبة 50 في المئة وأوراق نبات "الكاسافا" بنسبة 22 في المئة. وازداد ضعف النظام الصحي بسبب نهب المرافق الصحية، وعدم حصول الموظفين على رواتبهم أو تغيّبهم عن العمل، كما تجاوز معدل شغل أسرّة المستشفيات نسبة 150 في المئة بشكل مستمر.

تقول منسقة مشروع أطباء بلا حدود في واليكالي، ميغان هاوز، "في حين أنّ بعض المنظمات غير الحكومية المحلية ما زلت نشطة في واليكالي، إلّا أنّ انسحاب المنظمات الدولية يعني أنه أصبح من الصعب دعم نظام صحي مثقَل ويعاني من نقص الموارد".

ومنذ انسحاب معظم المنظمات الدولية في 2024، باتت أطباء بلا حدود الجهة الإنسانية الدولية الوحيدة في واليكالي، حيث تدعم المستشفى الرئيسي، وسبعة مراكز صحية أصغر، وتوفر خدمات للناجيات من العنف الجنسي، وتدير برامج المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، فيما تواجه قيودًا لوجستية شديدة.

3. كيف تفاقم العنف الجنسي في غوما وشمال كيفو وسط النزاع والنزوح؟

وصل العنف الجنسي في غوما والمناطق المحيطة بها إلى مستويات مؤرقة. ففي عام 2024، عالجت أطباء بلا حدود نحو 40,000 ناجية في شمال كيفو، وفقط في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، قصدت المرافق الصحية أكثر من 7,400 ناجية في غوما و2,400 ناجية في ساكيه طلبًا للرعاية.

أدت سيطرة حركة 23 مارس/تحالف القوى الديمقراطية لتحرير الكونغو على غوما في يناير/كانون الثاني 2025 إلى تفاقم حالة انعدام الأمن، والتفكيك القصري لمخيمات النازحين، وترك الآلاف في ملاجئ غير آمنة.

كثيرًا ما تحدث الاعتداءات في الوقت الحالي داخل المنازل والملاجئ، وفي الليل غالبًا، عوضًا عن وقوعها خلال الأنشطة اليومية خارج المنزل كما كان يحدث في السنوات السابقة. تعاني الناجيات من صدمة مضاعفة من العنف الجنسي وفقد الأهل والنزوح المتكرر.

وفي هذا الصدد، تقول منسقة أنشطة صحة النساء في أطباء بلا حدود، أرميل غباغبو، "في السنوات الأخيرة، حدثت معظم حالات الاغتصاب خلال الأنشطة اليومية وخاصة عندما تغادر النساء مخيمات النازحين للبحث عن الحطب أو لبيع أو شراء شيء ما. أما اليوم، تقع الكثير من الاعتداءات حيث تعيش النساء، سواء في منزل أو في ملجأ، وخاصة أثناء الليل عندما يشتد انعدام الأمن. تتعرض النساء للاعتداء في أي مكان: في منازلهن أو مع عائلاتهن أو بمفردهن أو في شوارع غوما أو أثناء التنزه عند أطراف المدينة".

4. كيف ساهم وصول اللاجئين من جنوب السودان بمضاعفة الاحتياجات الإنسانية في جمهورية الكونغو الديمقراطية؟

منذ أبريل/نيسان 2025، فرّ أكثر من 33,000 لاجئ من جنوب السودان إلى شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، هربًا من العنف المتصاعد في مقاطعتي موروبو ونهر ياي. وصل كثير منهم خاليي الوفاض بعد أن شهدوا القتل والاختطاف والعنف الجنسي المنتشر.

ولتلبية احتياجات اللاجئين المتزايدة، أطلقت أطباء بلا حدود استجابة طارئة في مايو/أيار، ونشرت عيادتين ميدانيتين وأنشأت ستة مراكز للرعاية المجتمعية.

وفي أقل من شهرين منذ بدء الاستجابة، وفرنا أكثر من ثلاثة آلاف استشارة طبية، مع ارتفاع المعدل الأسبوعي باستمرار إلى أكثر من 370 استشارة. تمثل حالات الملاريا أكثر من نصف إجمالي الحالات، تليها التهابات الجهاز التنفسي والالتهابات الحادة في المعدة والأمعاء. تفحص أطباء بلا حدود الأطفال دون سن الخامسة للكشف عن سوء التغذية ومداواة المرضى بالأغذية العلاجية.

ما الرابط بين هذه الأزمات؟

يتسبب النزاع المسلح وانعدام الأمن في جميع أنحاء جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى تأجيج النزوح وتعطيل إيصال المساعدات وتدمير البنية التحتية.

تعاني المرافق الصحية من نقص في الكوادر والموارد وانقطاعها عن سلاسل الإمداد بسبب إغلاق المطارات.

تتفاقم هذه التحديات بسبب التراجع الحاد في التمويل الإنساني، ما يحدّ من القدرة على الاستجابة بفعالية عندما تبلغ الاحتياجات ذروتها.

في جمهورية الكونغو الديمقراطية لهذا العام، يحمل المشهد الإنساني في طياته حالات طوارئ متعددة، وتفشي الأمراض، وسوء التغذية، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وكلها تتفاقم بسبب النزاع وتقلص المساعدات.

لمعرفة المزيد حول الأزمات في جمهورية الكونغو الديمقراطية، اطلعوا على منشورات أطباء بلا حدود.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa