"دار التاريخ دورته والسلاح ما بيحمي"... جعجع: لا نريد حربًا أهلية واليد ممدودة للشيعة و"اشتقنالكم"

07/09/2025 08:14PM

أحيت معراب قداس الشهداء هذه السنة بظروف مختلفة تمامًا، وكان لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كلمة عكست حجم التغيرات التي شهدتها المرحلة السابقة والتي تحكم لبنان الجديد اليوم. 


وفي كلمته، قال جعجع: رفاقي الشّهداء، عامًا بعد عام، ولعقود خلت، كنّا نلتقي وبالأخصّ في هذا المكان بالذّات، حيث كنت أقول لكم دائمًا: ناموا قريري العين. أنا أعرف أنّكم، وحتّى عندما كنتم بيننا على هذه الأرض، ما كنتم تنامون، فكيف بالحريّ بعدما أصبحتم في العلياء، حيث أنتم. المقصود بقولنا ذلك لم يكن طبعًا أن تناموا، بل أن تكونوا مطمئنّين إلى أنّنا، نحن رفاقكم هنا، على العهد باقون، وحتّى تحقيق الأهداف التي من أجلها استشهدتم، مستمرّون. البعض كان يعتبر هذا الكلام، خصوصًا في السّنوات الصّعبة، وقد كانت تقريبا كلّها صعبة، كلاما من قبيـل رفع المعنويّات أو لأغراض خطابيّة. لكنّنا نلتقي اليوم، وقد تأكّد المؤكّد، بأنّ هذا الكلام لم يكن لا لأغراض خطابيّة ولا لرفع المعنويّات، بل لتوصيف واقع نضالنا كما هو بالتمام، وللكلام عمّا نحن فاعلون بكلّ دقّة وأمانة وإخلاص.


وأضاف: منذ خمسين عاما تجرّأنا، وسقط منّا الشّهداء قوافل قوافل ليبقى لبنان، وبقي لبنان. خمسون عامًا، ونحن نناضل، نقاوم، نواجه، وندفع الأثمان الغالية في وجه احتلال من هنا ووصاية من هناك، وسلاح من هنا وترسـانة من هناك. لوحقنا، نكّل بنا، ركّبت بحقّنا الملفّات والاتّهامات والمحاكمات، منع وقمع، اعتقال واغتيال، وما تخلّينا عن ذرّة من قناعاتنا.


وذكّر قائلاُ"  تجرّأنا حيث لم يجرؤ الآخرون ليبقى لبنان وتبقى لنا الحرّيّة والسيادة، ونجرؤ اليوم وسنجرؤ دائمًا وأبدًا، لنبقى ونستمرّ في وطن عزيز، ودولة ناجزة السّيادة.


وتابع:  رفاقي الشهداء، نلتقي اليوم لنقول لكم بالفم الملآن والرأس المرفوع والضمير المرتاح، بأنّنا كنّا بالفعل على قدر التّحدّي. لقد واجهنا ما لم يواجهه أحد، بدءًا باستشهادكم وانتهاءً باستشهاد الياس الحصروني وباسكال سليمان وسليمان سركيس ورولان المر، وما بين ذلك من نضال، وتعب، وكدّ، وجدّ، واضطهاد، وسجن، وملاحقات، ومضايقات، ومحاولات عزل وحصار لم تنته حتّى السّاعة. لكنّنا واجهنا دائمًا ببسالة وثبات. لم نحد لحظة عن خطّنا التّاريخيّ، خط سيادة الدّولة اللبنانية، خط القوات اللبنانية، خط حرّيتنا التي لا تقبل أيّ مساس بها، وخط قناعاتنا كلّها. من أعماق السّجون، تحت سابع أرض ناضلنا. في أصقاع الدّنيا الأربعة استمرّينا، في كلّ زاوية من زوايا لبنان المعتمة صمدنا بعيدًا من أعين سلطة الوصاية وعلى الرّغم من بطشها. كم قيل لنا: أنتم مستمرّون على أيّ أساس؟ وعلام أنتم متّكلون؟ كلّ المعطيات تشير إلى أنّكم خاسرون ولا أمل لكم في شيء بتاتًا. المعادلة الدّاخليّة ضدّكم، والمعادلة الإقليميّة بوجود سوريا الأسد تطلب رأسكم، والمعادلة الدولية غائبة.



وشدد جعجع على أنّ التاريخ  دار دورته الكاملة وأثبت للجميع من دون استثناء، أنّنا، وبعدما كنّا الأخيرين في تصنيف الأخصام، أصبحنا الأوّلين باعتراف الجميع، وأنّ الحجارة التي رذلها بنّاؤو السّياسة الرخيصة في لبنان، ورموا بها في السجون، وبعثروها في أصقاع الدّنيا الأربعة وغياهب النّسيان، قد أصبحت حجارة الأساس التي يقوم عليها البناء كلّه ولبنان الغد. العبرة من كلّ هذا: مهما حاول المحاولون، ومهما كثر الشرّ، ومهما طغى السّوء فإنّه في نهاية المطاف لن يصحّ إلّا الصّحيح،  ولن تكون إلّا مشيئته، كما في السّماء كذلك على الأرض. 


وتوجه إلى اللبنانيين قائلًا:  أيّها اللبنانيّون، 35 عامًا بالتمام والكمال من حياتنا الوطنيّة والمجتمعيّة والشخصيّة أضاعوها علينا. 35 عامًا من الأحلام المنكسرة، والفرص الضّائعة، والعذابات والآفاق المسدودة والشّابّات والشّبّان الذين اضطرّوا اضطرارا إلى الانسلاخ سلخا عن أهلهم. 35 عامًا من العائلات الممزّقة، والقرى النّازفة والوطن الجريح. 35 عامًا تركت تقريبًا في قلب كلّ لبنانيّ ولبنانيّة قصّة مؤلمة موجعة عن وطن منشود لم يوجد، عن قانون لم يُطبّق، عن لقمة عيش سرقتها جماعة الأسد والممانعة وحلفاؤهم من اللّصوص المحلّيّين من أفواه أطفالنا، واستمرّوا بعد خروج الأسد من لبنان وحتّى البارحة. نحن لا نتطرّق إلى هذا الموضوع للبكاء على الأطلال، بل لأخذ العبر ووضع حدّ نهائيّ للسّنوات الضّائعة والانطلاق نحو المستقبل.


وأعلن جعجع تغير المعادلات، حاسمًا: لن نقبل بعد الآن ألّا يكون القرار لبنانيّا مئة بالمئة. لن نقبل بعد الآن بأيّ قرار مهما صغر أو كبر خارج إطار المؤسّسات الدّستوريّة: رئاسة الجمهوريّة، المجلس النّيابيّ، ومجلس الوزراء. لن نقبل بتجيير للمصلحة اللبنانيّة العليا لأيّ من المصالح الأخرى مهما سمت ومهما كان اسمها. القضية اللبنانية أوّلا وأوّلا وأوّلا، وأخيرًا وأخيرًا وأخيرًا على كلّ ما عداها.


وكان لمحور الممانعة حصة هي الأكبر في هذه الكلمة، حيث توجه إليه قائلًا: محور الممانعة، لقد أمسكتم، وبقوّة السّلاح والإرهاب، برقاب اللبنانيّين لسنوات طويلة ودمّرتم أحلامهم ومؤسّساتهم وأردتم فرض مشروعكم على حساب مشروع الدّولة. لقد ارتكبتم أخطاء وخطايا فظيعة بحقّ لبنان، وشعبه وبحقّ أنفسكم وبيئتكم. لقد أخذتم لبنان رهينة وصادرتم قرار الحرب والسّلم بعدما أمعنتم في تمزيق الدّولة وتحويلها إلى أشلاء، وفي تقطيع أوصال لبنان وعلاقاته مع محيطه العربيّ والمجتمع الدّوليّ. ذهبتم إلى القتال في سوريا دفاعًا عن نظام مجرم، إلى حرب لا ناقة للبنان فيها ولا جمل ولا تمتّ بصلة إلى مفاهيمه ودوره وتكوينه. تورّطتم في حرب إسناد وأخطأتم التقدير وجلبتم النّار والدمار والويلات والنّكبات.


وأضاف:  محور الممانعة، دائما تتناسون، بحجج مختلفة الموجبات المترتّبة عليكم، وتتلطّون بالإسرائيليّين، والإسرائيليّون بدورهم يتلطّون بكم، فيما الشعب اللبنانيّ محاصر في الوسط. لدينا في الوقت الحاضر مشكلتان، لا مشكلة واحدة فقط: المشكلة الأولى الاعتداءات الإسرائيليّة واحتلال بعض النّقاط في الجنوب، والمشكلة الثّانية هي السلاح غير الشّرعي في الداخل، لافتًا إلى أنّ : أقصر طريق لإخراج إسرائيل من الجنوب ووقف اعتداءاتها هو قيام دولة فعليّة في لبنان، لا بل، وكما أصبح واضحًا الآن، لا طريق البتّة للتّخلّص من إسرائيل واعتداءاتها إلّا بقيام دولة فعليّة في لبنان. فهل يكون مطلب نزع أيّ وكلّ سلاح غير شرعيّ وقيام دولة فعليّة مطلبًا غير وطنيّ؟ أم أنّه المطلب الوحيد الوطنيّ بامتياز؟


وقال: تشاركون في الحكومة وتوافقون على بيانها الوزاريّ ثمّ تنقلبون عليها وترفضون "حصر السّلاح" عندما دقّت ساعة الحقيقة وحان الوقت لوضع هذا المبدأ موضع التّنفيذ. تتحاملون على رئيس الجمهوريّة وتهدّدون رئيس الحكومة وتتّهمونهما بالخيانة وتنفيذ أجندة أميركيّة، أنتم المنخرطون في مشروع إيرانيّ توسّعيّ مدمّر كنتم رأس حربة فيه وفي مقدّمة أدواته وأذرعه، وخدمتم أهدافه والتزمتم بأجندته غير آبهين بمصلحة لبنان واللّبنانيّين.  بدل أن تستفيقوا وتهدأوا وتراجعوا حساباتكم، نراكم تندفعون إلى الأسوأ وتهدّدون بحرب أهليّة، وبالويل والثّبور وعظائم الأمور عندما أقدمت الحكومة، انطلاقًا من مسؤوليّاتها الوطنيّة، وتنفيذًا لاتّفاق الطّائف وعملًا بأحكام الدّستور، على البدء في تنفيذ قرارها وخطّتها في حصر السّلاح بيد الدّولة.


وأضاف: كفاكم العيش في حالة إنكار، فلا أحد منّا أكبر من التّاريخ. إفعلوا ذلك وتجرّؤوا، إن لم يكن من أجلكم، فعلى الأقلّ من أجل حاضنتكم الشعبية التي آمنت بكم، وإذ بسلاحكم هذا يجرّ عليها الويلات. فالحصيلة كارثيّة: بلدات وقرى دمّرت عن بكرة أبيها وأصبح أبناء بيئتكم غير مرغوب بهم في معظم دول العالم لا سيّما في الدول العربية. هل نصرتم بسلاحكم المظلوم؟ أم ساندتم المحروم؟ أم سلّيتم المأزوم؟ دعونا من الشّعارات وأبرزها: أقتلونا فإنّ شعبنا سيعي أكثر فأكثر. شعبكم وعى الحقيقة وهي حقيقة مؤلمة، وعى أنّ الحياة أهمّ من الموت، وأنّ الأطفال الأحياء هم الكرامة الحقيقيّة. عودوا إلى لغة العقل، وتعقّلوا وشاوروا وتذكّروا كلام الإمام عليّ: "من شاور الرّجال شاركها في عقولها، وأعقل النّاس من أضاف عقول النّاس على عقله".


وقال جعجع:  نقول لكم بكلّ صراحة وبساطة: إذا كنتم تعتقدون وتتصوّرون أنّ بإمكانكم التّهديد والوعيد والتّهويل والتّخويف فأنتم مخطئون واهمون... لا 7 أيّار من جديد ولا من يحزنون، ولا من يطوّقون السّراي. لا حرب أهليّة ولا أحد يريدها، وإذا أردتموها حربًا من طرف واحد فافعلوا، ولكن اعلموا أنّ مشكلتكم ليست مع أيّ طائفة أو فريق أو مع أيّ حزب، مشكلتكم مع الدولة ومع حكومتها وجيشها ومؤسّساتها وداعميها ومع أغلبيّة ساحقة من الشّعب اللبنانيّ. 

جعجع: لن نقبل بعد اليوم أن يتحكّم فريق بمصير الشعب اللبناني، وليكن معلومًا أنّ أحدًا في لبنان لا يمكنه لوحده أن يحكم ويتحكّم بمصير اللبنانيّين، وأنّ أيّ فريق في لبنان مهما تكبّر وتجبّر لا يمكنه أن يُهيمن على الدولة ويصادر قرارها ويفرض قراره ومشيئته. أدركتم بعد فوات الأوان أنّكم تورّطتم في حرب خاسرة ووقعتم في مأزق ودخلتم في نفق، ولكن عليكم أن تدركوا الآن وقبل فوات الأوان أنّ باستطاعتكم الخروج من هذه الورطة وتفادي خسائر إضافيّة ومضاعفة إذا أخذتم الخيار الصّحيح وسلكتم طريق الانتقال من اللاشرعيّة إلى الشرعية، والخطوة الأولى هي تسليم السلاح والانضواء في مشروع الدولة وتحت سقفها وضمن مؤسّساتها. 


وأضاف:  ما أنتم فاعلون حتى الآن، لا يُطمئن وليس في الاتّجاه الصّحيح. عندما تبتدعون المبرّرات والذرائع للتّمسّك بسلاح صار مصدر تهديد وخطر عليكم وعلينا ولم يكن يومًا ضمانة ومصدر حماية كما تزعمون، وعندما تدّعون أنّ هذا السلاح مرتبط بتهديدات جديدة آتية من سوريا والحدود الشّرقيّة أوأنّه مرتبط بكرامتكم وشرفكم وأنّكم إذا سلّمتم السّلاح ضعفتم وانكشفتم وانتهيتم وانتهى الشّيعة معكم. فهذا كلّه تخيّلات وهراء وكذب وافتراء.

جعجع: لقد تبيّن بالوقائع والتّجربة أنّ هذا السّلاح لا يحمي ولا  يبني ولا يردع، وعلى العكس من ذلك تمامًا جلب الدّمار والخراب والتّهجير واستجلب احتلالًا جديدًا، وثبت أيضًا أنّ هذا السلاح لا يحمي الشيعة وإنّما يحتمي بهم ويتّخذ منهم متراسًا ولا يؤمّن مصالحهم ولا يعالج هواجسهم ومخاوفهم وإنّما يغرقهم في مخاطر وحروب وجوديّة. 


ورأى أنه: آن الأوان كي يستفيق حزب الله من أوهامه ويترك بيئته والشّيعة يعيشون مثل سائر اللبنانيّين، هذه البيئة التي أعطته كلّ ما لديها. وآن الأوان للشّيعة الكرام الأعزّاء أن يفكّوا أسرهم بيدهم وأن يعودوا إلى  تاريخهم اللبناني وإلى حال الأمان والاستقرار جنبًا إلى جنب مع بقيّة اللبنانيّين.


كذلك، توجه جعجع إلى الشيعة في لبنان مادًا يده ومطمئنًا، فقال: أيّها الإخوة الشّيعة في لبنان، "أوصي أبنائي إخواني الشّيعة الإماميّة في كلّ وطن من أوطانهم، وفي كلّ مجتمع من مجتمعاتهم، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وأن لا يميّزوا أنفسهم بأيّ تمييز خاصّ، وأن لا يخترعوا لأنفسهم مشروعًا خاصًّا يميّزهم عن غيرهم". هذا الكلام ليس لي، ولا لأيّ أحد آخر منّا، بلكالإسلاميّةا سماحة الإمام محمّد مهدي شمس الدّين.

ويقول أيضًا سماحته: "على الشيعة اللبنانيّين أن يندمجوا في محيطهم الإسلامي اللبناني اندماجًا كاملًا (...) وفي نفس الوقت هذا الاندماج لا يكون على قاعدة طائفيّة مذهبيّة، وإنّما يكون منسجمًا مع الاندماج في الوطن العام مع الشعب اللبنانيّ كلّه.  (...) إنّ المسيحيّة في لبنان جزء مكوّن للبنان كالإسلاميّة في لبنان".


وأضاف:  أتوجّه إلى الإخوة الشيعة بكلمة صادقة من القلب والعقل، لأقول لهم: أنتم مكوّن أساسيّ من المكوّنات اللبنانيّة في هذا الوطن الذي أكّد عليه الإمام موسى الصّدر وطنًا نهائيًّا، والتزمتم به كذلك في الدستور المنبثق عن وثيقة الوفاق الوطنيّ أي اتّفاق الطائف. لا نرضى، نحن وأكثريّة اللبنانيّين، ولا نقبل أن يُصيبكم ما أصابنا في حقبة الوصاية السّابقة بعد أن سلّمنا سلاحنا، من إجحاف وتمييز وافتئات على الحقوق والدّور والحجم، ولا تشعروا أنّكم في خطر ومهدّدون، فالأيّام اختلفت والظّروف تغيّرت، فلا غازي كنعان ولا رستم غزالة، ولا سلطة وصاية جائرة تعمل لصالح نظام الأسد ووفق مفاهيمه، بل سلطة وطنيّة انبثقت بالفعل عن مجلس نيابيّ حقيقيّ، ساهمنا جميعًا، أنتم ونحن، في انتخاب أعضائه، وتحت أنظار حكومة كنتم أكثريّة فيها.


ولفت إلى أنّ: سلطة وطنيّة على رأسها العماد جوزيف عون، المشهود له، مذ كان قائدًا للجيش، بتعلّقه بالقوانين في ممارسة السّلطة، وحيث كان لكم يد طولى في انتخابه. سلطة وطنيّة يرأس حكومتها رئيس مشهود له، ولو اختلفتم معه بالرّأي، بالنّزاهة وبتمسّكه الشّديد بالقانون، كما تمسّكه من دون هوادة بالحرّيّات العامّة، والأهمّ من هذا كلّه، مجلس نيابيّ يُتابع ويحاسب ويتدخّل عند الضّرورة. والأهمّ الأهمّ بعد، عدم وجود أيّ نيّة عند أحد بالتّفرّد بالسّلطة، خلافًا لما كان عليه الأمر مع نظام الوصاية، وعدم قدرة لأحد أصلًا بالتّفرّد بعد زوال السّلاح غير الشّرعيّ وعودة مؤسّسات الدّولة، خصوصًا الدستوريّة منها إلى الحياة الطبيعيّة.


وتوجه إلى الشيعة بالقول:  لا تصدّقوا أنّ السّلاح يحميكم ويحصّل حقوقكم وشرفكم، ولكم في الحرب الأخيرة دليل ساطع وواقع لا مجال لإنكاره. ولا تصدّقوا أنّ الطوائف الأخرى تشحذ الهمم والطاقات والغرائز للنّيل منكم. لا بل على العكس، لقد اشتقنا جميعا إليكم شيعة عامليّين لبنانيّين أصيلين. أيّها الإخوة الشيعة، ننتظركم لتعود مواسم الخير إلى الجنوب والبقاع وكلّ بقعة من لبنان. ننتظركم لتكون مهرجانات الفرح والثقافة والإبداع في النّبطيّة وبنت جبيـل كما هي في الأرز وجبيل. ننتظركم لتعود البيوت المدمّرة إلى أصحابها، ولترتفع مداميكها تحت أنظار الجيش اللّبنانيّ وحمايته.


كذلك وجّه  جعجع رسالة إلى الشابات والشبان، معتبرًا أنّ «35 عامًا أُضيعت عليهم» ودافعًا إيّاهم إلى تعويضها والعودة إلى وطن «يستعيد دوره وتكوينه». وقال إنّ موجات الهجرة لم تكن فقط لأسباب اقتصادية، بل لأنّ «لبنان التاريخ» تحوّل إلى «أرض يهيمن عليها السلاح والاغتيالات وثقافة الموت وتراجُع الديمقراطية وحقوق الإنسان»، محمّلًا «سلطة الوصاية ثم سلطة الممانعة» مسؤوليّة انهيار الدولة ونهب المجتمع.


وأعلن جعجع أنّ «الدولة اللبنانية التي كانت في حال نزاع وموت بطيء عادت إلى الحياة»، متحدثًا عن «انطلاقة مسيرة بناء مؤسسات شرعية حرّة واستعادة الثقة داخليًا وخارجيًا»، ومؤكدًا أنّ «لبنان بدأ يعود إلى نفسه ومحيطه ودوره ورسالته». واعتبر أنّ البلاد دخلت «مرحلة جديدة حاسمة نحو دولة القانون والمؤسسات»، قائلًا: «انطلقنا نحو المستقبل المشرق ولا عودة إلى الماضي المظلم».


وإذ رأى أنّ «دولة جديدة بدأت تبصر النور»، أقرّ بصعوبة الطريق وبأنّ «الخطوات تستغرق وقتًا لكنها تسير في الاتجاه الصحيح». وتوقّف عند «تكوّن لبنان جديد»، لافتًا إلى «تبدّل موازٍ في سوريا»، حيث «طُويت حقبة الأسد وبدأت صفحة جديدة»، داعيًا دمشق إلى «استعادة أبنائها بكرامة»، ومشددًا على ضرورة «ترسيم الحدود البرية والبحرية والتعاون لضبط التهريب ودحر الإرهاب» بما يعزّز «ملامح لبنان الجديد».


وحضّ جعجع الشباب اللبناني الذي غادر البلاد على «العودة إلى أحضان أهله ووطنه»، مؤكدًا أنّ «لبنان الجديد يعرفهم جيدًا وهو بأمسّ الحاجة إليهم»، ومضيفًا: «الأوطان تُصنع وتُبنى… فلنستعد لبنان سويًا».


سياسيًا، شدّد جعجع على إجراء الانتخابات النيابية «في موعدها العام المقبل» رافضًا «أي تمديد للمجلس تحت أي ذريعة»، وداعيًا إلى «تأمين شروط انتخابات ناجحة وفي طليعتها إعطاء المغتربين حق الاقتراع لنواب الـ128 أسوة بالمقيمين». وختم: «صوتكم سلاحكم… وليكن في الاستحقاق المقبل صوتًا مدويًا حاسمًا يواكب قيام الدولة الفعلية».


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa