25/09/2025 01:03PM
بقلم الدكتور قاسم سعد باحث في حقوق الإنسان وحقوق الطفل:
الحوار الذي أجرته قناة سكاي نيوز مع توم براك، سفير ترامب السابق في أنقرة ومبعوثه إلى سوريا ولبنان، كشف حجم التحول في مقاربة واشنطن للشرق الأوسط. لم يكن مجرد تصريحات عابرة، بل نص صريح على انسحاب أمريكي من أدوار تقليدية، وتفويض مطلق لإسرائيل كي تتحرك وحدها.
حزب الله ونزع السلاح
قال براك بوضوح إن الولايات المتحدة لن تتدخل عسكريًا في لبنان، وإن “مصلحة واشنطن القضاء على رؤوس الأفاعي” في إشارة إلى حزب الله. لكنه أضاف أن نزع سلاح الحزب أمر مستحيل داخليًا، لأن الحزب “صفر دافع” طالما إسرائيل تواصل ضرباته. وأكد أن الحزب يعيد بناء قوته بتمويل يقدَّر بـ ٦٠ مليون دولار شهريًا من مصادر لم يسمها. ثم وجه رسالة مباشرة إلى اللبنانيين: إذا لم تفعلوا ذلك بأنفسكم، فإن بيبي سيتكفل بالمهمة.
براك طالب الحكومة اللبنانية أن تُعلن بوضوح أنها تريد تفكيك سلاح الحزب، مشيدًا بقدرات الجيش اللبناني من حيث التنظيم، لكنه اعتبره “غير مجهز بما يكفي” لمواجهة هذا التحدي.
سلام وهمي وشرعية غائبة
في جانب آخر من المقابلة، اعتبر براك أن “السلام في الشرق الأوسط وهم”. قال حرفيًا: لم يكن هناك سلام قط، ولن يكون لأن الجميع يناضل من أجل الشرعية.
أما عن الاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية، فقد وصفها بأنها “خطوة جيدة من الناحية الرمزية” لكنها “عديمة الجدوى العملية”، مؤكدًا أن “التأثير صفر” ما لم تكن الولايات المتحدة وإسرائيل جزءًا من أي اتفاق.
وحين سُئل عن تمسك الفلسطينيين بأرضهم، وصف ذلك في البداية بأنه “لغز”، قبل أن تضطر المذيعة لتصويبه: “لأنها أرضهم”. عندها تراجع مترددًا وقال إن المسألة مرتبطة بالهوية والروابط التاريخية، لكنه لم يُخفِ عجزه عن استيعاب المعنى الأعمق للقضية.
إسرائيل بلا قيود
الأخطر في كلامه أن إسرائيل، وفق رؤيته، لم تعد تعترف بخطوط حمراء أو حدود سياسية. نتنياهو – كما قال – سيضرب في أي مكان يرى فيه تهديدًا لشعبه، سواء في الدوحة أو طهران. وأضاف أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة في الدوحة كانت “صدمة للخليج والعالم”، وأن إسرائيل لم تُعلم الولايات المتحدة مسبقًا بها. هذا وحده مؤشر على أن العلاقة لم تعد تحكمها قواعد واضحة، وأن واشنطن باتت في موقع التابع لا القائد.
الخليج وأمريكا: معادلة معكوسة
براك قال بوضوح إن الولايات المتحدة لم تعد بحاجة إلى نفط الخليج، بينما دول الخليج تحتاج إلى أمنها. هذه معادلة مقلوبة: واشنطن لم تعد ترى في المنطقة مصدرًا استراتيجيًا للموارد، بل عبئًا أمنيًا تُدار حساباته بما يخدم مصالح إسرائيل أولًا.
سقطات لغوية ومعنوية
جدير بالذكر أن براك سبق وأثار جدلًا حين وصف صحفيين لبنانيين بـ “animalistic” (حيوانيين) خلال لقاء سابق في بيروت، قبل أن يضطر للاعتذار. هذه اللغة الاستعلائية تكشف ذهنية متجذرة: نظرة دونية للمنطقة، وأسلوب قاسٍ لا يراعي حتى أبسط قواعد الدبلوماسية.
الحاجة إلى بدائل
أمام هذا المشهد، يبدو أن المنطقة تُركت لتدبّر أمرها. هنا يبرز السؤال: ما هو البديل؟
• بديل اقتصادي: الأمن الغذائي عبر الزراعة، استثمار الشمس والرياح في الطاقة المتجددة، ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة لتقوية الطبقة الوسطى.
• تعليم وتكنولوجيا: بناء مجتمع المعرفة لتوليد فرص عمل حقيقية، ورفع مستوى الإنتاج المحلي.
• تعاون إقليمي: شبكات تجارة وبنية تحتية عابرة للحدود تخلق مصالح مشتركة أقوى من النزاعات.
• سيادة وطنية: بناء دولة تحمي مواطنيها عبر اقتصاد منتج ومستقل، بدل الارتهان للمعونات أو الاصطفافات الخارجية.
الخلاصة
من يقرأ حوار براك يدرك أن واشنطن لم تعد شريكًا يعتمد عليه، بل ترى نفسها فقط في خدمة مصالح إسرائيل. “السلام وهم”، الاعترافات الدولية بلا معنى، والبديل الوحيد الذي يعرضونه هو خضوع اقتصادي مرفوض ثقافيًا وسياسيًا.
هنا تكمن الفرصة: إن أرادت شعوب المنطقة النجاة، فعليها أن تخلق بدائلها، وأولها اقتصاد وطني–إقليمي منتج يعيد للدولة قوتها، وللمجتمع كرامته، ويجعل قرارها السياسي غير مرتهن لإرادة الخارج.
شارك هذا الخبر
متري بعد الإجتماع التشاوري: اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للحفاظ على هيبة الدولة وإحترام قراراتها
الأوضاع العامة على طاولة قائد الجيش والبعريني
عون ينهي زيارته لنيويورك ويؤكد دعم الجيش اللبناني مع قائد المنطقة الوسطى الأميركية
دعوة إلى دورةٍ حول مباشرةِ العمل
عبد المسيح يتضامن مع سلام ويستنكر فوضى حفل أمس
جابر: التدريب والخبرة العالمية سر تعزيز الإدارة العامة
رجي من نيويورك: قلق لبنان عميق إزاء الحملة التي تستهدف الأونروا
سلام يترأس اجتماعًا تشاوريًا في السرايا الكبيرة
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa