08:55AM
كتب د. ألان عقل:
انشغلت البلاد منذ الأسبوع الفائت بموقعة الروشة التي قامت بتعرية السلطات من صورتها المُستَحدَثة وتحالفاتها الهشّة، خصوصاً وأنّ هذه التحالفات أتت كنتيجة للضغط الأميركي-الأوروبي-العربي. فالتفاهم الذي أعاد انبثاق السلطة بعد حقبة الفراغ المتجدد كل ست سنوات لم يكن مبنياً على القناعة بحكم القانون ولا حتى على مصالح مشتركة، فعصا آموس وجزرة بن فرحان لا يمكن أن تشكّلا براءة اختراعٍ لبناء دولة ديموقراطية عصرية.
لقد اعتبر البعض أنّ إضاءة الصخرة التاريخية واقعة غير مهمّة أو حتى سخيفة، يمكن أن تمرّ مرور الكرام، ولكن السؤال الذي يُطرح في هذا الإطار هو: إذا كانت الحادثة عابرة وبسيطة، لم الإصرار على مهرجان إضاءة الصخرة، برعياة وحضور مسؤول حزبي أمني؟
ولكنّ للحادثة أبعاد قانونية جسيمة، ممّا أثار سخط "القاضي" رئيس الحكومة، الذي يعلم تمام العلم أنّ الدول تُبنى على "حكم القانون" كشرطٍ ضروري وكافٍ Condition nécessaire et suffisante. فالمؤسسات، بحسب القوانين المرعيّة الإجراء، تنفّذ قرارات السلطة السياسية المتمثّلة بالحكومة في هذا السياق، وما حصل يستدعي بالتالي تحقيقاً شفافاً وحيادياً. وحالياً، يقوم محافظ بيروت بالتحقيق مع الجمعية التي دعت الى التجمّع، كما يقوم أحد المخافر بالتحقيق أيضاً لكشف الملابسات وتحميل المسؤوليات. فهل من يصدّق أنّ باستطاعة المخفر، مع كامل الاحترام، استدعاء المسؤولين الفعليّين عن الاعتصام، الذين سبق أن قاموا بتهديد قاضٍ في قصر العدل في وضح النهار ولم يتمّ تحميلهم أيّة مسؤولية؟ وماذا لو توصل التحقيق فعلاً إلى نتيجة؟ هل يمكن القيام بالتوقيفات المطلوبة، أم أنّ مقتضيات درء الفتنة والسلم الأهلي والعيش المشترك والتعايش والوحدة واللحمة لن تسمح بذلك؟
وبالحديث عن هذه الشعارات، فقد تمّ استخدامها منذ حقبة ما بعد الحرب الأهلية لتبرير عدم تطبيق القانون إلّا على المعارضين في ذلك الحين، ولتبرير ارتكابات النظام السوري السابق وأدواته، من قمعٍ وظلمٍ وجرائم. ومن المضحك أنّ الفريق المذكور هو الوحيد الذي يُظهِر نفسه بمظهر الحريص على التعايش والوحدة الوطنية والتآخي وغيرها من التعابير. مع العلم أنّ التعايش والوحدة الوطنية تعبيران لا يلتقيان، إلّا في الدستور اللبناني. فإذا كانت الوحدة الوطنية موجودة، أي أنّ للشعب ثقافة وخلفيّة واحدة، كما هي الحال في بولندا مثلاً، فلا حاجة للتعايش. وإذا كان المجتمع من ثقافاتٍ وخلفياتٍ متنوّعة تتعايش على مستوى السلطة، كما هي الحال في الولايات المتحدة مثلاً، فلا يكون هناك وحدة وطنية بطبيعة الحال. ولكنّ تكرار هذه العبارات دون نقد سياسي علمي على مدى عقود أدّى الى ترسيخها في ضمير الجماعة، غير الموحَّدة وغير المتعايشة، فبات تردادها يشكّل غطاءً لارتكابات الفريق السابق الذكر الذي يتّهم غريمه السيادي بتهديد التعايش والسلم الأهلي والعيش المشترك...
فهل شكّلت أحداث 7 أيار مقدّمة للوحدة الوطنية مثلاً؟ وهل أرسل بشار الأسد شحنات سلمٍ أهلي في صندوق ميشال سماحة؟ هل شكّل تفجير أزلام علي مملوك لمسجدَي التقوى والسلام مدخلاً الى التعايش؟ وهل تمّ قتل الرؤساء والوزراء والنواب والصحافيين وقادة الرأي تعبيراً عن الوحدة؟
في الخلاصة، إنّ الدول لا تبنى إلّا على حكم القانون بعيداً عن التأويلات والتفسيرات من قِبل غير المتخصصين ووفقاً للأجندات المحلية والإقليمية. وكما قال البطريرك مار نصرالله بطرس صفير: "إذا خيّرنا بين العيش المشترك والحرية، نختار الحرية."
شارك هذا الخبر
عبد المسيح يزور سفير لبنان في الإمارات: تأكيد على متانة الروابط
فضيحة حضانة في الجعيتاوي: تعنيف أطفال وتوقيف المسؤولات
من المسؤول عن الغارات الإسرائيلية؟
وفود إلى السرايا: تضامن واسع مع نواف سلام
الحجار يأمر بإعادة استدعاء علي برو بعد تغيّبه
رياض سلامة ووديع العبسي في الـ Rolls Royce
عملية نوعية لمفرزة استقصاء جبل لبنان في الحدت: توقيف مروّج مخدّرات أطلق النار على دورية أمنية
بعد إضاءة الروشة... وزير الداخلية يطلب حل جمعية "رسالات"
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa