07:24AM
كتب طوني كرم في نداء الوطن:
فتح تسليم الفنان فضل شاكر نفسه إلى الجيش اللبناني الباب واسعًا لإعادة النقاش حول ملف السجناء والمحاكمات في لبنان، في لحظة تتقاطع فيها المتغيّرات السياسية اللبنانية ـ السورية مع مسار العدالة. فمع صعود الرئيس أحمد الشرع إلى سدّة الحكم في سوريا، وما رافق ذلك من إسقاط التصنيفات الإرهابية عن فصائل كانت في صلب المواجهة ضد نظام الأسد السابق، مثل "الجيش السوري الحر" و"جبهة النصرة"، بدأت المقاربة القضائية لملفات الموقوفين السوريين في لبنان تتبدّل جذريًا. إذ أضحى لزامًا إعادة النظر في أحكام صدرت على أساس توصيفات سياسية أكثر منها قانونية، طالت مئات الموقوفين والمطلوبين. وهذا يشكّل جوهر المداولات بين لبنان وسوريا.
فضل شاكر ومبدأ المحاكمة العادلة
لن يكون فضل شاكر، واسمه فضل عبد الرحمن شمندر، الوحيد الذي يسعى إلى المثول أمام المحكمة العسكرية أملًا بإسقاط الأحكام الغيابية الصادرة بحقه. يستند شاكر إلى قاعدة قانونية راسخة مفادها أن الأصل في الإنسان هو البراءة، وأن عبء الإثبات يقع على سلطة الادعاء لا على المتهم. فالقانون الجزائي لا يجيز الإدانة إلا بالأدلة القاطعة التي لا تحتمل الشك، وإلا تعلن البراءة لعدم كفاية الدليل.
وبحسب معلومات "نداء الوطن"، فإن المحكمة العسكرية ستباشر قريبًا، يرجّح مطلع الأسبوع المقبل، بإعادة محاكمة شاكر بعد إسقاط أحكامه الغيابية، ما سيشكّل اختبارًا جديدًا لمدى استقلالية القضاء العسكري في مرحلة يُفترض أنها تشهد تحوّلًا سياسيًا وقضائيًا في آن.
وإذ يواجه فضل شاكر ثلاثة أحكام غيابية صادرة عن المحكمة العسكرية، الأول عام 2016 وقضى بسجنه 5 سنوات بتهم "تعكير صِلات لبنان بدولة أجنبية، المسّ بسمعة الجيش، وإثارة النعرات الطائفية"، والثاني عام 2017، بتهمة "التدخل في أعمال إرهابية وتقديم خدمات لوجستية لمجموعات متطرّفة"، وقضى بالحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة 15 عامًا؛ والثالث بالسجن 7 سنوات عام 2020، بتهمة "تمويل مجموعة أحمد الأسير"؛ فإن سجناء آخرين يدرسون جديًا طلب إعادة محاكمتهم للاستفادة من المقاربة المستجدة لتوصيف الجماعات الإرهابية والمتطرفة مع توجه "لبنان" إلى اعتماد مقاربة جديدة لهذا التوصيف يخوّل القضاء الإفراج عن عدد كبيرٍ من السجناء السوريين. وفي موازاة هذه "الانفراجة" القضائية، أكّد مرجع حقوقي لـ"نداء الوطن"، أن "توصيف الجرائم والعقوبات يحدده القانون اللبناني ويتولى تنفيذه القضاء"؛ وأي حل أو مقاربة جديدة تتطلب تحديث التشريعات والقوانين المرعية الإجراء، ولا يمكن للأحكام أن تصدر بناءً على مداولات الصالونات السياسية واللقاءات الإعلامية.
التحولات السورية وانعكاساتها
مصادر قضائيّة مطلعة، كشفت لـ "نداء الوطن" أن الحل النهائي لمسألة السوريين الموقوفين في السجون اللبنانية لم يتبلور بعد؛ حيث يقبع نحو 2600 سجين سوري من أصل 9000، بينهم 180 موقوفًا إسلاميًا اعتُقلوا بتهم تتعلق بالانتماء إلى فصائل كانت مصنّفة إرهابية في زمن الأسد. ومع سقوط هذا التوصيف، تتجه الأنظار إلى إمكانية إسقاط الأحكام عن من لم يثبت تورطهم بجرائم على الأراضي اللبنانية.
وذلك، بالتوازي مع تشديد مصادر متابعة على وجوب التوقف عن الهيمنة السابقة على المحكمة العسكرية وقراراتها التي كانت تصبّ في خدمة "حزب الله" والنيل من معارضيه. الأمر الذي التمس من تمسّك الجانب السوري بإطلاق جميع الموقوفين باعتبارهم معتقلي رأي، فيما يصرّ لبنان على التمييز بين الموقوفين ودراسة ملفات من ثبت تورطه بمواجهة مع الجيش اللبناني، حفاظًا على هيبة الدولة وحقوق الضحايا.
عدالة تراعي المتغيّرات!
في ضوء هذه المستجدات، يبدو أن التحولات السياسية لا بد أن تترك أثرها على عمل المحاكم ومقاربتها لمبدأ الإنصاف، خصوصًا بعد سنوات من هيمنة القرار السياسي على الأحكام العسكرية. فمرحلة المراجعة التي تلوح في الأفق ليست مجرد تسويات قضائية، بل هي اختبار لقدرة الدولة على بناء عدالة متحررة من الاصطفاف السياسي والطائفي، تعيد الاعتبار لحقوق الأفراد وتكسر إرث المحاكمات الجائرة.
قد يكون تسليم فضل شاكر نفسه الشرارة التي تعيد فتح ملف المظلومين خلف القضبان، وتعيد النقاش مجددًا حول دور القضاء في زمن التحوّل. فهل حين تتبدّل السياسة، تتبدّل معها مقاييس العدالة، لتُطلق عنان الأحرار وتكفّ عن جعل الإنصاف مجرّد حبرٍ على ورق؟
المصدر : نداء الوطن
شارك هذا الخبر
شرطة لندن تفكّك شبكة دولية هرّبت 40 ألف هاتف مسروق إلى الصين
عون: زيارة الحبر الأعظم تجسّد ثقة الفاتيكان بلبنان ودوره كأرضٍ للعيش المشترك
جنبلاط: الجيش اللبناني يقوم بعملٍ جبّار في الجنوب
الرئيس السابق للحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط مغادرًا قصر بعبدا: زيارة ودّية والجوّ مطمئن رغم حملات التشكيك غير المدروسة
الحزب يوجه تحية إلى شهداء المقاومة وغزة في الذكرى الثانية لمعركة طوفان الأقصى
الرئيس عون يلتقي الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب تيمور جنبلاط في قصر بعبدا
رسالة شكر من سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى وليد جنبلاط
الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة موضوع بحث باسيل والسفير الروسي
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa