وزيرة التربية: السوريون أولًا ولبنان ثانيًا

تتوالى القرارات الصادمة التي تتخذها وزيرة التربية ريما كرامي ورغم أنّ الأوضاع المالية التي يمرّ بها لبنان تبرر بعض القرارات إلّا أنّ لا شيء يبر خطيئة ما ترتكبه بحق المدرسة الرسمية والبلد ونسيجه الاجتماعي. 

ففيما بدأ لبنان بالمضي قدمًا في مسار إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم بعدما انتفت الأسباب التي تبرر وجودهم، وفيما بدأت أعداد منهم بالفعل تعود سيما أنّ لا مجال لتسجيل أطفالهم في المدارس ولا مزيد من المساعدات قررت وزيرة التربية وبشكل صادم فجأة التراجع عن القرار المنطقي واتخاذ خطوة غريبة تمثلت بالسماح للتلامذة السوريين بالتسجل في المدارس الرسمية المنهكة أساسًا في دوام بعد الظهر. 

من ينظر إلى ما يحصل يظنّ أنّ الحرب في سوريا مستمرة وأنّ لا قدرة لبنان إلّا على مساندة هؤلاء إنسانيًا، غير أنّ الواقع مغاير. فبإمكان السوريين العودة إلى سوريا وارتياد المدارس السورية ضمن مناهج تناسبهم لا تحتاج منا فتح المدارس بعد الظهر وتحميل المدارس الرسمية عبئًا إضافيًا. 

ويبدو أنّ كرامي لم تلاحظ أنّ بخطوتها هذه تعارض هدف الحكومة المتمثل بحل مسألة الوجود السوري غير الشرعي في لبنان سيما أنّ البلد يتحمل عبئًا كبيرًا لا قدرة لدول العالم الكبرى على تحمله. فبقرار كرامي عرفت أم لا يتشجع الكثير من السوريين الذين كانوا ينوون المغادرة على البقاء لعام إضافي في لبنان ما يعني أنّ الأعباء ستبقى عليها سيما على صعيد البنى التحتية والازدحام والانعكاس الاقتصادي السيء. 

وإن كانت كرامي تعتقد أنّ بخطوتها تضع مصلحة كلّ طفل يرغب بالتعلم فوق كلّ اعتبار فإنّ ذلك يحصل على حساب لبنان الراغب في إنهاء أزماتها الواحدة تلو الأخرى فلماذا تمديد الأزمة؟ ولماذا تفويت هذه الفرصة على لبنان سيما أنّ حلّ ملف مسألة النازحين السوريين من شأنه أن ينعكس إيجابًا على ملفات كثيرة أخرى. 

نعي أنّ  تسجيل الطلاب السوريين غير الشرعيين أتى من خارج جدول أعمال الحكومة وأنّ وزيرة التربية لا تتحمل وحدها المسؤولية، لكنّ ذلك لا يعني أنّ القرار يجب أن يصبح ساري المفعول بل على العكس لا بدّ من إعادة تصويب وتصحيح هذا الخطأ الكبير وإلّا فإننا نخلق أزمة لن تنتهي.