28/11/2025 04:37PM
أطلقت وزارة التربية والتعليم العالي "الاستراتيجية الوطنية للتعليم الأخضر نحو مستقبل مستدام ومنسجم للبنان"، في السرايا الحكومية، بالتعاون مع المكتب الاقليمي للاونيسكو، برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام ممثلا بوزيرة التربية الدكتورة ريما كرامي، في حضور وزيرتي البيئة تمارا الزين والسياحة لورا لحود، النائبة السابقة بهية الحريري، المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الانسانية عمران ريزا، المدير العام للتربية فادي يرق، المدير الإقليمي لمكتب الأونيسكو في بيروت باولو فونتاني، وعدد من السفراء وممثلي وكالات الأمم المتحدة ومنظمات مدنية وجهات مانحة ومتخصصين بالشأن التربوي.
بداية النشيد الوطني وتقديم من الاعلامية رنيم ابو خزام للاحتفال، أوضح فونتاني في كلمته، الى انه "عند النظر الى الاستراتيجية، من الطبيعي أن نتأمل المعنى الحقيقي للتعليم الأخضر في السياق اللبناني. فهو يعني دعم المدارس في تبني ممارسات أكثر استدامة، من استخدام الطاقة إلى إدارة النفايات. ويعني ضمان أن تساعد المناهج والمواد التعليمية المتعلمين على فهم بيئتهم والتحديات التي تواجهها والفرص التي تتيحها. ويعني أيضا تعزيز قدرات المعلمين والمؤسسات ليتمكنوا من توجيه المتعلمين بثقة. ويعني كذلك تشجيع المجتمعات المحلية على المشاركة في تشكيل بيئات تعليمية تدعم أساليب عيش أكثر صحة واستدامة".
واشار الى ان "هذه الطموحات ليست مجرد أفكار مجردة، بل هي مرتبطة ارتباطا وثيقا بجهود التعافي في لبنان. فبينما يعمل البلد على إعادة بناء الأنظمة واستعادة الخدمات، يمكن للتعليم أن يلعب دورا أساسيا. فالمدارس التي تتبنى ممارسات مستدامة تصبح أكثر مرونة. ويمكن للطلاب الذين يفهمون قضايا مثل استخدام المياه والحد من النفايات والتنوع البيولوجي وكفاية الطاقة، أن يسهموا في إيجاد حلول عملية في مجتمعاتهم. والسكان الذين يدركون قيمة الموارد الطبيعية يكونون أكثر استعدادا لحمايتها".
ورأى أن "هذه الاستراتيجية تتوافق بشكل طبيعي مع جهود إصلاح التعليم الأوسع في لبنان، بما في ذلك إطار المناهج الوطنية، يعكس التركيز على المواطنة والوعي المناخي والكفايات الشاملة الاتجاهات العالمية".
وقال: "إحتفالنا اليوم بإطلاق الاستراتيجية، يُطرح السؤال: كيف نترجم هذه الاستراتيجية إلى أفعال؟ هنا يصبح التعاون محوريا. يتطلب التنفيذ الناجح تنسيقا وثيقا بين الوزارات ودعما مستمرا للمدارس وإشراكا هادفا للمجتمعات، كما يتطلب استثمارا مستمرا في بناء القدرات واستعدادا للتعلم من التجارب الناجحة. وفي هذا الصدد، يسعدني أن أعلن أن العمل قد بدأ بالفعل".
وذكر انه "على مدار العامين الماضيين، أعدت الأونيسكو أدلة ومواد تعليمية مخصصة للبنان لمساعدة المعلمين على تقديم مواضيع الاستدامة بطرق مناسبة وجذابة للفئات العمرية. لقد دربنا مدربي المركز الوطني المسؤول عن التطوير المهني للمعلمين لضمان إدراج ممارسات الاستدامة والوعي المناخي ضمن التدريب التربوي العام. كما أطلقنا "غرفة العروض الخضراء"، وهي حرم تعليمي عملي يختبر فيه الطلاب حلولا عملية للاستدامة، بدءا من استخدام الطاقة، مرورا بتقليل النفايات ووصولا إلى مراقبة البيئة. في عام ٢٠٢٥، زار الحرم الجامعي ٥٠٠٠ طالب من جميع أنحاء البلاد، محولين المفاهيم المجردة إلى تجارب تعليمية واقعية وملموسة".
واكد فونتاني ان الاونيسكو "تلتزم مواصلة هذا العمل على المستويين الوطني والدولي مع مكتب رئيس مجلس الوزراء ومع وزارة التربية والتعليم العالي والمركز التربوي للبحوث والإنماء وجميع الشركاء من القطاعين العام والخاص، ويبقى تركيزنا منصبا على دعم لبنان في تعزيز نظامه التعليمي وتوسيع الفرص المتاحة للمتعلمين وضمان أن تصبح الاستدامة عنصرا عمليا وقابلا للتحقيق في عملية التعلم اليومية".
وأعرب فونتاني عن "امتناننا للشركاء الذين كان لدعمهم دورا محوريا في جعل هذه الرحلة ممكنة ونتقدم بخالص الشكر لحكومة اليابان وللمملكة العربية السعودية على مساهماتهما في النهوض بالتعليم الأخضر"، وقال: "لقد عزز دعمهما القدرات الوطنية في لبنان والمنطقة ووسع الفرص المتاحة للمتعلمين وساعد في تحويل استراتيجية اليوم إلى واقع ملموس".
بدوره، قال ريزا: "يمثل إطلاق استراتيجية تخضير التعليم اليوم إنجازا وطنيا هاما. وأتقدم بالشكر لدولة رئيس الوزراء على اهتمامه ودعمه وأرحب بالوزراء الحاضرين، وأشيد بالفرق الوطنية التي ساهم عملها الدؤوب في تحقيق هذه اللحظة. ويشير حضوركم إلى التزام مشترك بوضع التعليم والاستدامة في صميم مسيرة لبنان نحو المستقبل".
اضاف: "تعكس هذه النتيجة شراكة عملية. بقيادة الحكومة اللبنانية وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم العالي وبدعم فني من الاونيسكو، عملت هيئات منظومة الأمم المتحدة مع نظرائها الوطنيين من خلال عملية شاملة وتشاركية. والنتيجة هي استراتيجية راسخة في الأولويات الوطنية، مستنيرة بالخبرة الدولية".
واوضح ان "الأمم المتحدة تعتمد على هذه الاستراتيجية في نهجها على فرضية بسيطة: يعزز تخضير التعليم الإدارة البيئية، يوسع الفرص الاقتصادية ويمكن الشباب. ومن خلال تعزيز الوعي المناخي والاستخدام المسؤول للموارد والوعي بالمخاطر، تهيئ الاستراتيجية المتعلمين والمدارس والمجتمعات المحلية لإدارة التحديات البيئية بفاعلية"، ورأى أنه "من خلال ترسيخ الثقافة البيئية والمسؤولية البيئية في الممارسات الصفية والحياة المدرسية، يمكن أن يلهم ذلك خيارات مستدامة وواعية بيئيا للسياسات والاستثمار بما في ذلك في تخطيط التعافي. مع ذلك، نجتمع اليوم في ظل ظروف صعبة، لا يزال البلد يواجه تحديات معقدة بما في ذلك ضرورات التعافي الأوسع نطاقا. في الوقت نفسه، يتعرض تمويل التنمية لضغوط، مما يتطلب تحديدا منضبطا للأولويات وتنسيقا قويا لضمان تأثير واضح ودائم لكل مساهمة. هذه الحقائق تجعل تركيز الاستراتيجية على التعلم العملي والقدرات المؤسسية والمشاركة المجتمعية ذات أهمية خاصة".
وقال: "ستدعم منظومة الأمم المتحدة التنفيذ بقيادة الحكومة اللبنانية. وسنركز على تعزيز القدرات ومأسسة السياسات والإصلاحات، وتعبئة الموارد والخبرات بما يتماشى مع الأولويات الوطنية ودعم التخطيط والرصد والتقويم. كما سنعزز الشراكات الواسعة، بما في ذلك مع الجهات المعنية الدولية والقطاع الخاص بتوجيه من الحكومة".
وختم قائلا: "دعونا نترجم هذه الاستراتيجية إلى فوائد عملية للمتعلمين والمجتمعات. نيابة عن الأمم المتحدة في لبنان، أشكر الحكومة اللبنانية وجميع الشركاء على ثقتهم، وأؤكد مجددا دعمنا طوال فترة التنفيذ".
واستهلت الوزيرة كرامي كلمتها بنقل تحيات الرئيس سلام للمشاركين، وقالت: "حين نعلم أبناءنا حب الأرض، نكون لا نغرس مهارة فحسب، بل نؤسس لوعي وطني جديد ولبنان جديد. لبنان الذي لا يهتز أمام الأزمات، بل يحولها دافعا ليعيد التفكير، ليعيد البناء، وليعيد وصل ما انقطع بين الدولة ومجتمعها، واليوم، بين المدرسة وبيئتها".
اضافت: "نلتقي اليوم لإطلاق الاستراتيجية اللبنانية للتعليم الأخضر، ليس كمشروع إضافي في بلد أنهكته المشاريع المتفرقة، بل كخطوة ضمن سياسة تربوية تعيد تنظيم هذا القطاع وتمنحه الاتجاه الذي افتقده طويلا. هذه الاستراتيجية تأتي في لحظة يعيش فيها طلاب لبنان ظروفا صعبة وقلقا يوميا، وتتحمل فيها المدرسة دورا مضاعفا كمساحة حماية وقيم وإعادة بناء للثقة بالدولة. فالانتقال نحو التعليم الأخضر هو قرار سياسي بامتياز، يؤكد أن المدرسة ليست آخر من يتكيف مع تغير المناخ، بل أول من يوجه المجتمع إلى التعامل معه، وأن التربية ليست ردة فعل، بل فعل قيادة".
واعتبرت ان "ما يجعل هذه الاستراتيجية مختلفة أنها لا تنطلق من فراغ. فقد بذل لبنان عبر سنوات طويلة جهودا عدة في الإرشاد الصحي البيئي، وفي تدريب المعلمين عبر المركز التربوي، وفي النوادي البيئية ومبادرات المدارس والبلديات، لكنها بقيت متناثرة، بلا إطار جامع أو حوكمة تضمن الاستمرارية"، واوضحت ان "هذه الاستراتيجية تأتي لتبدأ بصناعة ذلك الترابط الضروري، الذي يحول ما هو قائم إلى منظومة متماسكة تبنى فيها الجهود على بعضها البعض بدل أن تتبخر عند انتهاء كل مشروع. وتقوم رؤيتها على تكوين جيل من اللبنانيين يتصرف بمسؤولية نحو الاستدامة ويشكل عامل تغيير في محيطه، فيما توضح رسالتها أدوار جميع الشركاء: الوزارات، المدارس، البلديات، الجامعات، المجتمع المدني، والقطاع الخاص في تعزيز ثقافة التعليم المستدام".
وتابعت: "في سياق الشراكات، لا بد من الإشادة بالدور الذي تلعبه منظمة اليونسكو في دعم الحكومات لتطوير استراتيجيات وطنية تؤسس لتحول مؤسساتي شامل، عبر توفير خبرات تقنية ومنصات دولية تساعد الدول على ترجمة الرؤى إلى سياسات قابلة للتنفيذ. وقد كان لهذا الدعم أثر مباشر في تمكين وزارة التربية من الانتقال نحو استراتيجية متكاملة للتعليم الأخضر. ومع إطلاق هذه الاستراتيجية نلتزم في وزارة التربية ألا نضيف طبقة جديدة فوق طبقات، بل أن ننتقل عبر طريقة عمل متناسقة لنجمع التربية بالبيئة والطاقة والزراعة، في انسجام يليق بتحديات المرحلة. كما نلتزم ترجمتها من خلال عمل متكامل يشمل دمج الكفايات الخضراء في المناهج الجديدة عبر المركز التربوي، وربطها بالتفكير النقدي والابتكار والقدرات الحياتية. وبما أن المناهج وحدها لا تكفي، ولأن المعلم يبقى محور التحول. لذلك تركز الاستراتيجية على بناء قدرات المعلمين والإداريين ليصبحوا قادة في الصف والمدرسة، لا منفذين لبرامج".
واردفت: "أما الشباب، فهم قلب مشروع التعليم الأخضر، والمطلوب أن يتحولوا من متلقين إلى مبادرين يقودون مشاريع، يبتكرون حلولا محلية ويحولون المدرسة إلى مساحة ريادة بيئية. ومن هنا تعود أهمية المدرسة الوطنية التي نسعى إلى إعادة التأسيس لها ضمن رؤية الوزارة 2030: مدرسة تشكل فضاء للتعلم الحي، ومركزا للتعاون مع البلديات والمجتمع. وهذا ما نترجمه اليوم من خلال الحملة الوطنية لدعم المدرسة الرسمية، حيث سنسعى لان تتحول المدارس النموذجية إلى منصات لتطبيق التعليم الأخضر: لندعم مبادراتها للحد من النفايات، وإنشاء حدائق مدرسية، إعادة تدوير، وأنشطة تمكن المتعلمين من ممارسة القيادة عمليا. ولكي يكتمل هذا البناء، تعتمد الاستراتيجية أيضا على دور الجامعات كمراكز بحث وابتكار، وعلى آليات متابعة وطنية—مركزية ولا مركزية—تضمن الاستمرار والمساءلة، فلا تبقى المبادرات جزئية أو موسمية. فقد تعلمنا من التجارب السابقة أن المشاريع المنفصلة عن الدولة تنتهي بانتهاء التمويل، وأن غياب الحوكمة يشتت الجهود مهما كانت قيمة العمل".
واشارت الى انه "حين نتحدث عن "لبنان الأخضر"، فإننا لا نتحدث عن خيار تقني، بل عن توجه وطني وهوية ومسار دولة. لبنان الذي عرف كيف يبقى رغم الأزمات قادر أن يحقق انتقالا أخضرا يربط المدرسة ببيئتها، والمناهج بحاجات القرن الحادي والعشرين والدولة بواجبها تجاه مواطنيها".
واعتبرت ان "التعليم الأخضر ليس رفاهية. هو ضرورة وطنية وحق لأبنائنا وجزء من مشروع الدولة التي نسعى إلى استعادتها. وهذه الاستراتيجية هي التزام وطني. التزام بأن يكون لكل طفل في لبنان حق في أن يتعلم في بيئة آمنة، وأن تكون لكل شاب فرصة ليقود لا ليقف متفرجا ولكل مدرسة دور في بناء لبنان القادر على الصمود والتجديد. فلنعمل معا لتحويل هذه الاستراتيجية إلى واقع نعيشه في الصفوف والساحات وفي القرى والمدن وفي كل مدرسة رسمية وخاصة. ولنثبت، مرة جديدة، أن لبنان قادر وأننا حين نعمل تحت سقف الدولة ورؤيتها الجامعة، نستطيع أن نعيد لهذا الوطن لونه الأخضر ومستقبله".
وختمت كرامي موجهة "الشكر الصادق لكل من ساهم في إعداد هذه الاستراتيجية من الخبراء وفريق العمل والزملاء في الاونيسكو والوزارة، حاليين وسابقين، الذين وضعوا خبرتهم وجهدهم وقناعاتهم لكي نصل اليوم إلى وثيقة تضيء الدرب لمسار وطني جامع".
ثم عرضت رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء الدكتورة هيام اسحق لتفاصيل الاستراتيجية، شاكرة الأونيسكو والخبراء والشركاء، معلنة ان "الهدف هو الوصول الى جيل من المواطنات يتصرفون بمسؤولية تجاه الاستدامة"، واوضحت ان "الاستراتيجية تقدم رؤية طويلة المدى لتهيئة بيئات تعليمية أكثر استدامة، وإدماج التعليم المناخي في المناهج، وتعزيز القدرات المؤسسية، وتفعيل دور المجتمعات المحلية. كما توحد مختلف المبادرات القائمة ضمن إطار وطني شامل يعزز التنسيق والتكامل ويوسع نطاق العمل".
وتخلل الاحتفال جلسة وزارية حوارية حول "الحوكمة والشراكات في مجال التعليم الأخضر"، شاركت فيها كل من الوزيرات كرامي والزين ولحود، وأدارتها الاعلامية رنيم ابو خزام، وقد أبرز النقاش الدور المحوري للتنسيق بين الوزارات والعمل المشترك بين مختلف القطاعات في دفع الأجندة الوطنية للتعليم المستدام".
شارك هذا الخبر
البزري: صيدا تكتب فصلاً جديداً في حضورها المتوسطي
أحمد الحريري يهنّئ صيدا: تألّق ثقافي يرفع اسم لبنان عالياً
سعيد: شكراً لاهالي راس اسطا وعلمات... نختلف انما نعيش معاً
اضراب غداً في مخيم البداوي
كرامي يستقبل وفد روابط التعليم: المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية ركيزة للأمن القومي
افتتاح درب أرز الملك تشارلز في الشوف… رحلة صمود وطبيعة
وزير الثقافة: لوضع حدّ لانتهاكات إسرائيل للقانون الدولي
وهاب يهاجم الشرع: بيت جن تستغيث… والسلطة منشغلة بالتظاهرات
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa